إيطاليا: كنائس القدس قدمت 500 طن من المساعدات إلى غزة    إعلان القائمة النهائية لمرشحى الشيوخ ب428 مرشحا واستبعاد 41 بأحكام قضائية    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    افتتاح مسجد "أبو بكر الصديق" بعد صيانته وتطويره بقرية بلصفورة بسوهاج    المشاط تبحث مع الأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية آليات تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    سعر الدولار اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 مقابل الجنيه المصري (العملة الخضراء الآن)    مذكرة بين الثروة المعدنية و"آسيا بوتاش" لتعزيز استكشاف الفوسفات    تنمية المشروعات ينفذ خطة تطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    حماس: المجاعة التي يفرضها الاحتلال على قطاع غزة جريمة متعمدة وضد الإنسانية    إسرائيل: يجب وقف مسلسل القتل بحق الدروز في سوريا    مصر تكثف اتصالاتها لخفض التصعيد بالمنطقة    زلزال بقوة 4 درجات يضرب مدينة نابولي    رغم تأشيرة بيراميدز.. حمدي فتحي على رأس قائمة الوكرة بمعسكر إسبانيا    صافي أرباح 24 مليون يورو.. ريال مدريد يكشف تفاصيل ميزانيته ل 2024-2025    تقارير: اتفاق بايرن ميونيخ مع لويس دياز تم.. وخطوة واحدة لإتمام الصفقة    مانشستر يتراجع عن ضم الأرجنتيني مارتينيز    محافظ القليوبية : عودة الحركة المرورية على الطريق الزراعي عقب إزالة آثار سقوط كوبري المشاة    انقلاب سيارة ملاكي في مياه بحر أبو الأخضر بالشرقية    وفاة عامل مطعم في حريق 3 محلات وشقة سكنية بالخصوص والحماية المدنية تسيطر| صور    حصريًا.. شبكة تليفزيون «الحياة» تعرض حفل النجمة أنغام في افتتاح مهرجان العلمين الليلة    نانسي عجرم تتصدر لوحة سبوتيفاي في تايمز سكوير بعد اختيارها سفيرة ل EQUAL Arabia    نجمهم خفيف.. مواليد 3 أبراج معرضون للحسد دائما    قصور الثقافة تشارك ب200 عنوان وبرنامج فني في معرض بورسعيد للكتاب    الصحة تقدم نصائح وإرشادات للوقاية من الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري    دراسة تربط بين نظافة الفم وخطر الإصابة بالسرطان.. نصائح للوقاية    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    استقرار أسعار النفط وسط هجمات كردستان ومخاوف الرسوم الجمركية    الداخلية: ضبط مخدرات وأسلحة بقيمة 50 مليون جنيه| صور    الفنانة شيماء سيف تتعرض لحادث تصادم بأكتوبر    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ    وزير الدفاع البريطانى السابق يدافع عن استخدام القضاء لمنع كشف تسريب بيانات    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    أسرار فيلمي صراع في النيل وحبي الوحيد    الاثنين.. ندوة "التراث في عيون صناع الأفلام القصيرة" وعرض 4 أفلام بنادي سينما المرأة    الليلة.. دار الأوبرا تستقبل انطلاق فعاليات المهرجان الصيفي للموسيقى والغناء    ما الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة في جماعة؟.. الإفتاء توضح    صور| بعد ملاحظة تورم في رجليه.. ترامب يعاني من قصور وريدي مزمن    التعليم العالي: 40 ألف طالب يسجلون في يوم واحد باختبارات قدرات الجامعات    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    بعد رفع كوبري مشاه طوخ.. عودة الحركة المرورية لطبيعتها بالطريق الزراعي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    استمرار إصلاح كسر خط مياه لإعادة الحركة المرورية لمحور الأوتوستراد    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    خان يونس تحت النار.. مجازر جديدة بحق النازحين في غزة وسط تصعيد إسرائيلي    مواعيد وديات الزمالك في معسكر العاصمة الادارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «أحسن حاجة وبتمنى السعيد».. رسالة مفاجئة من الهاني سليمان ل شيكابالا بشأن اعتزاله    حان وقت الانتهاء من المهام المؤجلة.. برج العقرب اليوم 18 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إجلاء الباعة الجائلين.. علاج المشكلة أم العرض
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 04 - 2015

قامت الأجهزة الأمنية ومحافظة القاهرة منذ أيام بحملة موسعة لإجلاء الباعة الجائلين من منطقة رمسيس ونقلهم لمنطقة أحمد حلمى استكمالا للجهود السابقة التى بدأتها اجهزة الدولة منذ سبعة اشهر تقريبا لإجلاء الباعة الجائلين من مناطق وسط البلد ونقلهم إلى موقف الترجمان وهو القرار الذى لاقى فى حينه ترحيبا واشادة واسعة من جانب الكثير من المواطنين ووسائل الاعلام بعد ان احتل الباعة الأرصفة والشوارع وتسببوا فى إحداث فوضى هائلة وحالة من العشوائية فى المرور والسير كما تضرر منهم سكان وسط البلد واصحاب المحال التجارية الذين جار عليهم الباعة.
إلا أنه بين الحين والآخر تتداول بعض الأخبار والتحقيقات الصحفية تصريحات للباعة وممثليهم بأنهم سوف يعودون لاحتلال أماكنهم السابقة فى مناطق وسط البلد بعد أن تضرروا من نقلهم لموقف الترجمان واصفين اياه بأنه مكان منعزل، وهو ما يدعونا للتساؤل عما اذا كان قرار إجلائهم من البداية صائبا أم لا؟
•••
يندرج الباعة الجائلون تحت مظلة الاقتصاد غير الرسمى والذى يقدر حجمه بنحو 20٪ من الناتج القومى فى مصر كما تقدر بعض الدراسات عدد الباعة الجائلين فى مصر بنحو 6 ملايين. وبقدر ما يشكل هذا القطاع بشكل عام أو الباعة الجائلون بصورة محددة مشكلات اقتصادية تنتج عن عدم الخضوع للضرائب أو الرقابة من جانب الاجهزة المعنية على المنتجات التى يتم تداولها فى السوق الا انه يعد واقعا تشهده جميع دول العالم حيث يتواجد وبكثرة الباعة الجائلون فى معظم الدول وعلى الأخص الدول النامية المتمركزة فى أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. وينظر بعض الاقتصاديين للقطاع غير الرسمى نظرة ايجابية بسبب استيعابه للعمالة التى لا تستطيع الحصول على فرص توظيف فى القطاع الرسمى. وعلى الرغم من عدم وجود احصاءات دقيقة عن عدد الباعة الجائلين فى مصر أو خلفياتهم التعليمية والاجتماعية والاقتصادية الا أنه تلاحظ تزايد أعدادهم بشكل كبير خلال السنوات الماضية وتحديدا فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير وهو ما يدعونا للاعتراف بأن هذا النشاط الاقتصادى بات يساهم بقوة فى توفير فرص عمل تساعد فى الحد من الفقر فضلا عن خلق سوق للعديد من السلع بأسعار منخفضة يقبل عليها المواطنون من مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية فى ضوء تراجع القدرة الشرائية للمصريين.
•••
ينبغى فى البداية الاشارة إلى أن الحكومات حول العالم تتعامل مع العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة والمركبة أو كما يطلق عليها أحيانا wicked problems ومن الصعب ايجاد حلول سريعة وجذرية لكل تلك المشكلات الا أنه من المتعارف عليه فى علم الاقتصاد والسياسات العامة أن أولى بل وأهم خطوات حل أى مشكلة هو التعريف الصحيح والدقيق لها problem definition ولا يتم ذلك الا بمشاركة أطراف متعددة تقدم للحكومة الأبعاد المختلفة للمشكلة وتداعياتها ومقترحات علاجها وتوازن الحكومة بين بدائل السياسات لاختيار الحل ذات التكلفة الاقتصادية والاجتماعية الأقل والجدوى الأعلى. وتخطئ بعض الحكومات عندما تتعامل مع عرض المشكلة باعتباره هو السبب وهو ما قد ينتج عنه تفاقم المشكلة أو ظهور مشكلات أخرى أشد تعقيدا وخطورة. وبالرجوع لمسألة الباعة الجائلين أتصور أن المشكلة الرئيسية لم تكن الفوضى والعشوائية التى سببوها فذلك كان نتيجة طبيعية لوجودهم أما المشكلة الرئيسية فكانت الظروف الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية التى أدت إلى لجوء شباب كثير منهم أصحاب مؤهلات عليا إلى هذا النشاط الاقتصادى. أما الحكومة فقد انصب همها على التخلص من الباعة الجائلين واعادة الانضباط والمظهر الحضارى لقلب العاصمة وتجاهلت ما قد يسببه هذا القرار من اضرار اقتصادية بالغة لهؤلاء الباعة وما قد يترتب عليه من مشاكل اجتماعية وسياسية قد لا تظهر حاليا ولكنها قد تأخذ فى التطور يوما بعد يوم عندما يفقد هؤلاء الباعة مصدر دخل ينفقون منه على أنفسهم ومن يعولوهم.
ومن الواضح أن الحكومة عندما اتخذت هذا القرار لم تناقش أبعاده المختلفة مع أصحاب المصلحة المعنيين أو غيرهم من المتخصصين فى الاقتصاد وعلم الاجتماع كما أنه من الراجح أيضا أن نقل الباعة لموقف الترجمان أو موقف أحمد حلمى لم يكن قرارا موفقا من منظور هؤلاء الباعة والذين تراجع الاقبال على شراء بضاعتهم حيث اعتمدوا فى السابق على تواجدهم فى مناطق ذات كثافة عالية يتردد عليها العديد من المواطنين بشكل يومى.
وأرى أن أولى خطوات حل المشكلة هى ضرورة توافر معلومات وبيانات دقيقة عن عدد الباعة وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية وحجم تجارتهم لتمكين متخذى القرار من دراسة التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على اجلائهم أو نقلهم لمناطق أخرى. وهناك حلول واقعية وتجارب عملية نفذتها الدول التى عانت من نفس المشكلة يمكن الاستفادة منها فعلى سبيل المثال يمكن تخصيص يوم فى الأسبوع للباعة الجائلين لعرض بضاعتهم فى مناطق وسط البلد أو إنشاء أكشاك فى مناطق ذات كثافة عالية مثل محطات القطارات والأتوبيسات.
•••
وأخيرا فإن هذا المقال ليس دعوة لعودة الباعة لمنطقة وسط البلد ولا دفاعا عما تسببوا فيه من فوضى ولكنه انحياز لشريحة كبيرة من المواطنين المصريين تسببت الأوضاع الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية فى عدم قدرتهم على ايجاد فرص عمل فى بلد يصل فيه نسبة من يعيشون تحت خط الفقر إلى ما يقارب الثلاثين فى المائة وهناك مثلهم تقريبا يوشكون على الدخول ضمن هذه الشريحة كما أنه دعوة للحكومة لعدم الاستهانة بوضع الباعة الجائلين ولإعطاء الامر اولوية والتفكير فى بدائل مبتكرة وحلول توفيقية بمشاركة هؤلاء الباعة وخبراء من التخطيط العمرانى والاقتصاديين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.