السوايسة: أرضنا ألهمت الشاعر الراحل.. والمقاومة الشعبية جمعته بنا ديوانا «جوابات حراجى القط» و«وجوه على الشط» ملحمتان وطنيتان عن أهل السويس «السويس والأبنودى حكاية عشق لا تنتهى».. هذه كلمات عبر بها أهل السويس عن حزنهم الشديد على رحيل الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، أمس الأول، لأن رحيله لا يمحى اغنيته الشهيرة التى ستظل جزءا من تاريخ أبناء القناة «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. استشهد تحتك وتعيشى أنت»، التى غناها الفنان محمد حمام. أحب الأبنودى السويس وأحبته، من خلال معايشة كاملة على ترابها خلال فترات مهمة فى تاريخ الوطن، بعد هزيمة 67 وحتى انتصار 1973، مرورا بحرب الاستنزاف والدور العضيم الذى أدته المقاومة الشعبية خلال هذه الفترة، والتى كانت كافية ليحب فيها الشاعر أهل المدينة ويحبونه. وقال الباحث السويسى، عبدالحميد كمال إن حب وشغف الأبنودى بالسويس بدأ بعد خروجه من السجن، حيث انضم إلى المقاومة الشعبية شاعرا قويا، ليُشارك مع فرقة «أولاد الأرض» التى غنت للمقاومة، معلنة رفضها للهزيمة بقيادة الكابتن غزالى؛ وخلال تلك الفترة تعرف الأبنودى على أبناء السويس فى القطاع الريفى بالجناين، الذى عاش فيه وسط الفلاحين والبسطاء من العمال. ويضيف كمال أن الأبنودى انخرط بأشعاره الوطنية، وكتابة الأغانى الرومانسية والوطنية، وانتاج الشعر المقاوم، لكل ما هو سلبى. ومن خلال المعايشة الواقعية كتب «الأبنودى» أو «الخال» كما كان يحب أن يناديه السوايسة، فكانت أشعاره الأكثر صدقا والأوسع انتشارا، وكان ديوان «جوابات الأسطى حراجى القط»، تتحدث عن «جبلاية الفار»، وهى قرية صغيرة فى السويس لم يكن يعرفها أحد. ويؤكد كمال هكذا كانت السويس مُلهمة للأبنودى الذى أحبها، حين كتب ديوانه «وجوه على الشط»، الذى تكلم فيه عن مواطنين بسطاء من أبناء السويس لا يعرف عنهم الشهرة أو النجومية، فنجد قصائده تحمل أسماء أبناء حى الجناين، رغم أنها شخوص عادية. ويقول الكاتب السويسى أنور فتح الباب، أن الأبنودى ارتبط بأماكن متعددة وعاش فيها، لكن ارتباطه الأكثر والأوضح كان ب«أبنود» مسقط رأسه، و«السويس» التى أتاها نازحا من قسوة الظروف الاقتصادية بالصعيد، ورغم ارتباطه بالقاهرة لفترة طويلة، إلا أن السويس ظلت المكان المفضل له وارتبط بأهلها النازحين أيضا من صعيد مصر. وأضاف: منذ منتصف الستينيات ظلت السويس همه وشغله الشاغل، منذ النكسة وحرب الاستنزاف وحتى بعد حرب اكتوبر1973 . ويشير فتح الباب إلى أن السويس تظهر فى دواوين الأبنودى بصور مختلفة، ونجح فى ربطها بالهم الوطن العام، ونظرة التفاؤل وحلم التحرر الوطنى والاستقلال، الممثلة فى مشروع السد العالى، ويعتبر ديوانه «جوابات حراجى القط» تجسيدا لارتباطه فى السويس. ويتابع أنور أن العمل الأكثر ملحمية وارتباطا بالسويس هو ديوان «وجوه على الشط»، حيث يجسد الأبنودى عبر قرية الشط بالسويس أو الشط الرمزى «القنال»، قصة المصرى المكافح المرتبط بأرض منطقة الجناين، حيث حولها من صحراء إلى بساتين وحقول عبر شخصيات واقعية جسدها الأبنودى. ويضف: ظلت علاقة الأبنودى بالسويس علاقة متميزة، كان يحبها ويدافع عنها، بعد نصر أكتوبر.