«هات فلوسك نودعه عند المستريح.. وخد 12% كل شهر.. دى أحسن من الأطيان وأي شغل تانى».. هكذا استغل أحمد مصطفى إبراهيم الحاصل على دبلوم صنايع والشهير ب«المستريح»، رغبة المواطنين بجنوب مصر في تحقيق أرباح عالية من أموالهم بإقناعهم بأنهم لن يستطيعوا تحقيقها في أي تجارة أخرى، فلجأ المزارعون إلى بيع أراضيهم، بل لجأت السيدات لبيع مصوغاتهن الذهبية لادخارها لدى «المستريح». «المستريح» تسبب في حالة من الركود الآقتصادى بمدينتي دشنا ونجع حمادي بمحافظة قنا، واللاتي تعدان من أكبر الأسواق المنتجة في المحافظة، نتيجة قيام المئات من الآهالى ببيع أراضيهم وماشيتهم وممتلكاتهم لادخارها لديه، مما أثر على أسواق الماشية والأعلاف والزراعة. وأرجع محمود عبد الرحيم، من أهالي قرية دشنا، لجوء عدد كبير من المزارعين لبيع أراضيهم للاستثمارها لدى «المستريح» لعدم تحقيق الأراضى أرباحا تساعدهم على الحياة بسبب سياسات الحكومة الخاطئة، وارتفاع أسعار الأسمدة وغياب مياه الري، وديون بنوك التنمية الزراعية. وأوضح عبد الرحيم، أن حالة الركود الآقتصادى التى تشهدها أسواق قنا، نتيجة الفائدة المرتفعة التى كان "المستريح" يعطيها لعملائه والتى وصلت إلى 12% شهريا أى 144% سنويا وهى فائدة لا تعطيها أى بنوك فى العالم، فالبنوك الاستثمارية فى مصر لا تزيد فائدتها عن 9% سنويا. والتزم أهالى قرية دندرة التابعة لمركز قنا التى ينتمى إليها «المستريح» الصمت، ورفض شقيقه الأكبر محمد الذى يسكن فى بيت عائلته البسيط المكون من الطوب اللبنى والمكون من غرفتين، الحديث عن شقيقه واكتفى بالقول: "لم نره من سنوات طويلة ولا نعرف عنه شيئا وفوجئنا بصورته فى التليفزيون". أحد أصدقاء «المستريح» ويدعى أحمد حسن، قال في تصريحات خاصة ل«الشروق» أننا فوجئنا به من خلال التليفزيون منذ يومين بأنه هو أحمد مصطفى صديقنا، قائلا: "أحمد مصطفى كان صديقنا بحكم الجيرة، وكان يسكن فى شارع السينما بجوار ديوان عام المحافظة، وتفاجئنا به بأنه هو المستريح الذى أستولى على العديد من الآموال". وتابع حسن، "أنه كان أنسانا ذكيا، أنيق المظهر منذ طفولته، ولديه كاريزما يستطيع من خلالها التواصل مع الآخرين، وآخر مرة تقابلت معه كانت منذ عام ونصف العام، بشارع جامعة الدول العربية، وقال لى: إنه يعمل بشركة فودافون واستطاع التواصل إلى رجال الأعمال عن طريق الأرقام المميزة التى يقوم بتوزيعها، ما جعله يفكر بعقلية رجال الأعمال". «المستريح» وجد في محافظة قنا بيئة خصبة لتحقيق طموحاته ورغباته، لإدارة أعماله في توظيف الأموال، خاصة أنها من المحافظات التى تعانى من ندرة فرص العمل، وتراجع الاستثمار الزراعي، وتدني الحالة المعيشية، حتى برز اسمه عقب ثورة يناير مباشرة. ذاع صيته بمركزى دشنا ونجع حمادى، وحصل من ورائهم على شهرة عالية ودعاية مجانية خلقها له عملاؤه، حتى اشتهر في المحافظة، وبدأ المواطنون يتكالبون لإيداع أموالهم لديه نظير فائدة شهرية وليست سنوية بنسبة 11% وهي فائدة باهظة بالنسبة بالإضافة إلى 1% للعميل، والتي لا تقارن بالفوائد التى تمنحها البنوك والبريد المصري. لجأ المستريح، لإقناع المواطنين بإيداع أموالهم لديه عن طريق تجنيد مجموعة من المندوبين، كانوا يقومون بدور الوسطاء بينه وبين المودعين، مستغلا التشابكات القبلية والعائلية للمجتمع فى صعيد مصر، خاصة أن بعض المندوبين والوسطاء من الوجهاء وكبار القبائل، فكان الوسيط يؤدي دور الضامن للأموال عند «المستريح» نظير راتب شهري. الفائدة المغرية والخيالية التي كان يقدمها «المستريح»، جعلت المواطنين من كل الفئات الاجتماعية، لا يتوانون عن إيداع أموالهم لديه، لدرجة أن عددا كبيرا من المزارعين اضطر إلى بيع أراضيهم التى كانت بمثابة "العار" حتى وقت قريب، وإيداع أموالهم لديه خاصة بعدما أصبح حال الفلاح يرثى له وأصبحت الزراعة لا تحقق طموحات المزارعين فى العيش حياة كريمة. زاد من ثراء «المستريح» لجوء العائدين من الخليج إليه لتحقيق فوائد من أموالهم التي جمعوها نتيجة غربتهم، الأمر نفسه قام بها أطباء ومهندسون وحرفيون، الجميع تكالبوا على إيداع أموالهم لدى المستريح للهروب من الفقر الذى يعانون منه من سنوات طويلة.