بيئة ملائمة وجدها أحمد مصطفي الشهير ب«المستريح» في محافظة قنا، لإدارة أعماله في توظيف الأموال، في المحافظة الخانقة اقتصاديا، والتي تعاني من ندرة فرص العمل، وتراجع الاستثمار الزراعي، وتدني الحالة المعيشية لعدة خلفيات. بعد ثورة يناير 2011 برز اسم «المستريح» في مركز دشنا وقراه، وسط محافظة قنا، ومن بعده المراكز المجاورة مثل نجع حمادي، وبدأ المواطنون يتكالبون لإيداع أموالهم لديه نظير فائدة شهرية وليست سنوية بنسبة 11% وهي فائدة باهظة بالنسبة لما تمنحه البنوك والبريد المصري التي لا تتجاوز نسبة 9 % سنويا وليس شهريا. ووفق مصادر مطلعة فان «المستريح» لجأ لإقناع المواطنين بإيداع أموالهم لديه عن طريق تجنيد مجموعة من المندوبين، كانوا يقومون بدور الوسطاء بينه وبين المودعين، مستغلا التشابكات القبلية والعائلية المميزة للمجتمع هنا في قنا، حيث كان الوسيط يؤدي دور الضامن للأموال عند «المستريح» نظير راتب شهري يتقاضاه منه، وخلال السنوات الماضية بدأ الكثير من المواطنين من شرائح اجتماعية مختلفة وأعمار متباينة في إيداع أموالهم لديه أملا في الربح السريع و«المريح»، وهو سبب التسمية التي أطلقها عليه الأهالي في قنا، في إشارة إلى ذلك المكسب المالي الذي يأتي شهريا دون عناء أو جهد، عبر مكاتب البريد. الفائدة المغرية والخيالية التي كان يقدمها أحمد مصطفي للمودعين، جعلت المواطنين من كل الفئات الاجتماعية، لا يتوانون في إيداع أموالهم لديه طالما كان الضامن موجودًا، واثر ذلك حدثت عدة متغيرات تحسب علي أنها اجتماعية ومنها لجوء الكثير من المزارعين إلي بيع أراضيهم وإيداع أموالهم لديه، بعد أن كان ذلك بمثابة «العار» الذي يشين من يقدم عليه في مجتمع قنا، وبالمثل لجأ العائدون من الخليج إلي ذلك أيضا، والأطباء وأصحاب رؤوس الأموال، والقيادات القبلية والعمد والمشايخ، ومعهم صغار المزارعين الذين وصل بهم الأمر إلي بيع مواشيهم ومصوغات زوجاتهم، لإيداعها عند «المستريح» والفوز بالفائدة الشهرية الخيالية، وحسب دوائر شعبية فإن جزءا كبيرا من المودعين عند «المستريح»، خلال الثلاثة أعوام الماضية حققوا أرباحًا كبيرة نقلتهم من دائرة الفقر إلى دائرة الثراء، وتحولوا إلى تجار عقارات وبادروا الي الاستثمار في المحافظات الساحلية القريبة من قنا، ومنها البحر الأحمر. ووفق مصدر أمني فإن أحمد مصطفي صنيعة لأصحاب نفوذ في المحافظة، استعانوا به ليكون واجهة لإدارة أعمال توظيف الأموال، دون أن يظهروا في الصورة، خاصة أن «المستريح» ليس له ماض أو خلفية عائلية تزكي كونه رجل أعمال، لافتًا إلي أنه ينتمي لقرية «دندرة» التابعة لمركز قنا، وأسرته غادرت القرية منذ سنوات، ولا يزيد عمره علي 41 عامًا، وانه كان في بداية حياته عاملاً بسيطاً مع أحد أقطاب القبائل في مركز دشنا وتحديداً عائلة «الوكيل» وأن عائلة واحدة في قنا تستثمر أموالا تقدر بنحو 15 مليون جنيه لديه، وأن الفائدة الشهرية كانت تعود علي العائلة كلها. ومنذ عدة شهور بدأ أحمد مصطفي في التعثر ماليا وعجز عن الوفاء بالفائدة الشهرية للمودعين، ما أدي إلى حالة من الاحتقان ضد الوسطاء المندوبين، في القري والمراكز، وتم تصعيدها إليه، ويقول أحد المودعين رافضًا ذكر اسمه، أن «المستريح» برر عجزه عن الوفاء بالفائدة الشهرية، بعدم وجود سيولة في البنوك تارة، وبضرورة إجراء جدولة لأموال المودعين بحيث يتم إنهاء التعامل مع المودعين الذين حصلوا على فائدة توازي في قيمتها حجم المبلغ الأساسي، وكشف المودع أن «المستريح» كان يسرب عبر المندوبين أنه سيقوم بالاستثمار في مشروعات صناعية مستقبلا لطمأنتهم علي أموالهم. ومع مرور الوقت وعجز المستريح عن سداد أصل الأموال للمودعين أو الفائدة الشهرية تنامت حالة من الاحتقان والغضب لدي المودعين. ويقول ماهر مسعد، محام، إن هناك مشكلة قانونية، قد تضيع حقوق ضحايا «المستريح»، وهي عدم توقيعه على الشيكات أمام البسطاء، لكن يأتي الشيك للمودعين عن طريق الوسطاء أو المندوبين، وهذا يمكنه من الطعن بالتزوير على توقيعه أمام المحكمة، مطالبًا بضرورة تحرير محاضر نصب واحتيال ضد المندوب الذي تسلم الأموال منهم. في الوقت ذاته فإن عدم وفاء «المستريح» بالأموال للمودعين ينذر بعواقب وخيمة بين المودعين والمندوبين، نظرا للتشابكات القبلية والعائلية في قنا، حيث قالت دوائر قبلية ل«الوفد» إن عجز «المستريح» عن الوفاء للمودعين قد يحول المنطقة إلي ساحة حرب بين القبائل بسبب التشابكات بين المودعين والمندوبين، المنتمين للعرب والهوارة، وأن حالة الاحتقان بدأت في الظهور، في إشارة إلي قيام بعض المودعين بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مكتب النائب العام في القاهرة. بعد عجز «المستريح» عن رد الأموال في 5 أبريل الجاري، وتعثره عن إرسال الفائدة الشهرية في الشهور الماضية. من جانبه نفي «المستريح»، الأيام الماضية، في قنوات فضائية هروبه أو انه مطلوب للتحقيق، وأنه حصل علي مبلغ 200 مليون جنيه لاستثمارها في مشروعات تجارية واستثمارية، وأنه سيقوم برد الأموال علي دفعات للمودعين لديه، نافيًا حصوله علي مبلغ 2 مليار جنيه. وانه يعمل منذ 6 سنوات في مجال العقارات والسيارات، وينوي الاستثمار في قنا، بمشروع صناعي. وأوضح «المستريح» انه عندما طلب من العملاء منحه مهلة أكبر للحصول على أرباحهم ورؤوس أموالهم، توجهوا للجهات الرقابية مثل مباحث الأموال العامة وقدموا شكاوٍى ضده، وأنه كان يمنح عملاءه نسبة تبدأ من 6 حتى 10٪ شهريًا من رأس المال.