أودعت محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، حيثيات حكمها ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى في قضية الكسب غير المشروع المتهم فيها بالتربح واستغلال النفوذ بما قيمته 181 مليون جنيه، وإلغاء كافة قررات التحفظ على أمواله وأموال زوجته الهام شرشر وبناته الثلاث ونجله القاصر شريف. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها الصادرة برئاسة المستشار مصطفى أبوطالب وبعضوية المستشارين فتحي البيومي وعلاء أباظة وأمانة سر خالد شعبان وناصر كمال، أنه بعد الاطلاع على اوراق القضية وامر الاحالة وسماع مرافعة النيابة العامة والشهود الدفاع وبالاطلاع على المستندات المقدمة من الدفاع ثبت لها براءة العادلى من الاتهامات الموجهة له. وأكدت المحكمة أن التحريات بشأن المتهم غير جدية، حيث زعمت زواج العادلى من أجنبية تدعى أنوشكا اتضح أنها متزوجة من أخر ولديها ابنان، واعتمدت التحريات على أقوال غير صحيحة دون مستند رسمى يثبت الزواج المشار إليه، وتم ضم أملاك المذكورة على أنها أملاك العادلى، وقد نفت زواجها منه وتم رفع التحفط عن أموالها. كما رأت المحكمة أن لجنة الخبراء اعتمدت فى تقرير فحص الثورة على التقييم النظرى، مع إغفال الإعتبارات الاقتصادية، وتغير قيمة الأملاك مع الزمن، واحتسب أسعار ممتلكات العادلى فى الوقت الحالى، وليس بتاريخ شرائها الفعلى، كما أغفلت التحريات استقرار الذمة المالية لبنات العادلى، المتزوجات من رجال ولديهم وظائفهم التى يربحون منها دخلاً وفيراً، وأدخلت أملاكهن بالقضية على أساس أنها من أموال والدهم. ورأت المحكمة أيضا ضعف تحريات الشرطة التى أدانت العادلى بأنه تحصل على شقق من جمعيات إسكان ضباط الشرطة، مشيرة الى أنه أمر مشروع لكونه ضابط له حق الإنتفاع بنشاط الجمعية، ومن ثم لا يمكن القول أنه استغل وظيفته للحصول عليها. كما ثبت للمحكمة أن زوجة العادلى الهام شرشر غنية، اشترت مجوهرات قبل زواجها منه بقيمة 3 ملايين و30 ألف دولار، وحصلت على نفقة من زوجها السابق بمبلغ ثلاثة ملايين وستمائة وتسعة آلاف جنيه، وبعد زواجها من العادلى باعت مجوهرات لها فى 2005، بجملة عشرين مليون جنيه، بما يقطع بغناها وقدرتها على شراء أملاك لنجلها شريف، ولا يُعقل أن تبخل بمالها على ولدها، فاشترت له شاليه فى المعمورة ثمنه مائتان وخمسة وثمانون ألف جنيه، وهو مبلغ كبير فى ذلك التاريخ، فضلا عن كونها صحفية بجريدة الأهرام وتتقاضى شهرياً مبلغ 3 آلاف جنيه، بخلاف الأرباح والمكافآت السنوية. واستندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى أقوال الشهود، ومنهم صلاح الدين نبيل عضو هيئة الرقابة الإدارية بالتحقيقات، أن معظم الأملاك المدونة بإقرار الذمة المالية المقدم من العادلى فى 1 نوفمبر 2004، تملكها عن طريق عضويته لجمعيات ضباط الشرطة، ولم تتوصل التحريات إلى وجود استغلال فى السلطة، وشريف حمدى سليمان مدير حسابات شركة ستيفانو، بأن المتهم سدد ثمنها، ثم قام ببيعها مرة أخرى إلى الشركة، وتقاضى الفارق، وقال إن هذه سياسة تسويقية للشركة، لأنها تعيد بيع الوحدات للآخرين وهو ما أيدته أقوال هشام طلعت مصطفى رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة، الذى قرر أن هذه سياسة الشركة التى اتجهت للبيع إلى المشاهير من الأمراء العرب والفنانيت لجذب آخرين. وأثبتت المحكمة فى حيثياتها أن العادلى عمل ضابطاً وترقى إلى درجة مساعد وزير الداخلية لأمن الدولة، ثم وزيراً للداخلية، وكان يشغل خلال فترة وزارته منصب عضو مجلس شورى، وعضو بلجانه، ولا شك ان تلك المناصب كانت قدر له دخلاً مشروعاً كبيراً، وكان متوسط راتبه وهو مساعد لوزير الداخلية بمتوسط شهرى يقارب ثمانية عشر ألف، وخمسمائة جنيه، غير متصور أن يكون راتبه وهو وزير للداخلية أقل من ذلك. واستندت المحكمة فى أسباب البراة الى شهادة هشام نجيب مدير الشئون القانونية بشركة الوادى الأخضر، المنشأة منذ 1996 بعد أن كانت جمعية وتم حلها وتحويلها إلى شركة مساهمة عام 1996، وقبل حل تلك الجمعية انضم إليها 6 جمعيات منها المحكمة الدستورية العليا، وجمعية الرقابة الإدارية وجمعية ضباط أمن الدولة، وزيدت المساحة المخصصة للجمعية الأم بعد انضمام تلك الجمعيات لها، وعندما تم حل الجمعية الأم وتحويها إلى شركة، وبالتالى تم تخصيص أراضى لأعضاء الجمعية وقت انعقادها وحينما زيدت أراضيها تم تزويعها على جميع الأعضاء، وكانت العضوية مفتوحة لجميع الأعضاء، وكان العادلى يمتلك بشركة "الوادى الأخضر" ما يزيد عن 3 أفدنة على طريق الواحات، وتحول التخصيص إلىى ابنه شريف بولاية والده، ومخصص له قطعتان بمساحة 51 فدان و17 فدان بجمعية 6 أكتوبر التى تحولت إلى الشركة، وهذه التخصيصات كانت متاحة لكل الأعضاء لمن يرغب منهم. وقالت الحيثيات أن العقارات التى يمتلكها العادلى ومنها شقة بشارع لبنان، وأخرى بشارع الغيث وشارع نوال بالعجوزة، وقطعتين بمنتجع الشيخ زايد، والفيلات الأخرى بالشيخ زايد، تمت بالأسعار السائدة وقت الشراء، ولم يتبين وجود مخالفات فى طريقة حصوله عليها. وأصافت المحكمة فى الحيثيات، أن اللائحة العقارية الصادر عام 2000، بحصر قطعة واحدة للمنتفع، صدرت بأرض الحزام الأخضر للعاملين بالحكومة، أو لأعضاء المجالس النابية، صدرت بعد تملك العادلى للوحدات محل الاتهام، ومن ثم لا تنطبق أحكامها على ما خصص له سلفاً، وثبت أن نص المادة 38 من اللائحة تنظم المساحة المتروكة حول المجتمعات العمرانية، ولا تنظك تلك المساحة التى خصصت للجمعيات. وبشأن تهمة تحقيق كسب غير مشروع قيمته خمسمائة وثلاثون ألف جنيه استرلينى بأحد البنوك دون إدراجها فى إقرار ذمته المالية، والقول أنه تحصل عليه بسبب وظيفته ، غير جائزاَ وليس كافياً ليكون سند اتهام، لمجرد أنه العادلى لم يدرجه المبلغ فى إقرار الذمة المالية. واشارت المحكمة فى حيثياتها ان الدعامة الاولى ان المشرع الدستورى الذي انصاعت له احكام القضاء قد نص في الدستور أن المتهم برئ حتى تثبت ادانته فى محاكمة قانونية عادلة تكفل فيها ضمانات الدفاع عن نفسه فاذا كان ذلك من المقرر بنص المادة 95 من الدستور ان العقوبة شخصية الا على الافعال الاحقة لتاريخ نفاذ القانون، ومن ثم اكد المشرع القانونى مبدأ شخصية العقوبة فاذا كان ذلك وكان الثابت أن الخاضع له بنات بلغنا سن الرشد قبل تاريخ تقديم الخاضع للمحاكمة بفترات زمنية بعيدة واصبح لكل منهن اسرته وذمته المالية الخاصة، والاوراق المقدمة للقضية اكدت ان احدهن او كلهن قد صارت بلا سبب وهى دون سن الرشد وفى كنف ابيها فاذا كان ذلك فان تقديمهن للمحاكمة على هذا الشان هو اهدار لمبدأ شخصية العقوبة. واذا كان المشرع الدستورى قد فرض قاعدة ينصاع لها الكافة خاصة القائمين على اعمال الدستور والقانون مفاداها براءة المتهم اصلا حتى تثبت ادانته فى محاكمة قانونية عادلة، فان لزم هذا الا يكون هناك ما يفرض الادانة على المتهم، ويدع اسباب براءته عليه ولا يقبل ذلك من تشريع او قاضى ما دامت براءة المتهم مفترضة، وعلى من يدعى اتهامه ان يثبت هذا الاتهام. اما ان يفترض ان المتهم مدان فذالك مالا تتبناه القاعدة الدستورية التى تسمو فوق كل قانون فان المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع نصت على ان كل مال حصل عليه بصفة الخاضع يعد وانه ناتج عن استغلال الخدمة او الوظيفة العامة او نتيجة لسلوك مخالف لنص قانونى اى ان مال الخاضع كان بسبب استغلال الخدمة او الصفة او نتيجة لسلوك مخالف فهو كسب غير مشروع بما يعنى ان النص اورد قرينة قانونية ان ما حصل عليه الخاضع هو ناتج عن استغلال الخدمة العامة وهى قرينة تخالف المواد الدستورية الثابتة، ولهذه الاسباب اصدرت المحكمة حكمها بالبراءة