وافقت مصر فى جلسة اعتماد تقريرها الحقوقى أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، أمس، على 249 توصية من أصل 300 توصية تلقتها فى نوفمبر 2014، ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان. وقال مندوب مصر الدائم فى جنيف عمرو رمضان إن مصر وافقت على 220 توصية بشكل كامل، و23 بشكل جزئى، وبلغت نسبة التوصيات التى تم قبولها 81% من إجمالى التوصيات وهو ما اعتبره رمضان انفتاحا على الآراء المختلفة وتجاوبا معها، وأشار إلى أن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى مكثت خلال الشهور الأربع الأخيرة لبحث 40 ألف قانون للتأكد من عدم مخالفتها لنصوص الدستور المصرى، وأن مصر شكلت لجنة وطنية دائمة لحقوق الإنسان، لتقوم بدراسة التوصيات التى تم تقديمها إلى مصر فى نوفمبر 2014، وتحديد الموقف منها ثم الإشراف على عملية تنفيذها، ويتولى رئاستها وزير العدالة الانتقالية. وأضاف عمرو أن رفض بعض التوصيات جاء لتعارضها مع نصوص الدستور أو مع الشريعة الإسلامية التى تعد هى المصدر الرئيسى للتشريع، كالتوصيات المطالبة بإلغاء أو تعليق الإعدام فى مصر، فى الوقت الذى أكّد فيه قبول مصر التوصيات المتعلقة بالانضمام إلى المعاهدات الدولية، ووجود ضمانات للنظام القضائى والعدالة الانتقالية، وحقوق المرأة والطفل وذوى الإعاقة، والتعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. من جانبه، طالب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان محمد فائق الحكومة باتخاذ خطوات محددة لتعزيز حقوق الإنسان منها تعديل قانون التظاهر السلمى بما يتفق مع ما أبداه المجلس من تحفظات، وإصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية يؤكد على حق تكوين الجمعيات بمجرد الإخطار، وإعادة النظر فى مدة الحبس الاحتياطى، وتطوير منظومة العدالة، ومكافحة الإرهاب باعتباره يعد انتهاكا للحق فى الحياة مع الالتزام باحترام حقوق الإنسان. ودعا المجلس الحكومة إلى تعديل القوانين اللازمة لتعزيز الحريات العامة، وإلغاء العقوبات السالبة للحريات فى جرائم الرأى، وإصلاح أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز وإنشاء آلية جديدة لزيارة السجون يمكن أن يضطلع بها. وانتقد عدد من منظمات حقوق الإنسان جاء على رأسها مركز القاهرة لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان استمرار وجود قانون التظاهر الذى وصفوه بأنه مقيد للحريات، وأدى إلى حبس عدد من النشطاء بموجبه، وطالبت بوجود قانون جديد للجمعيات الأهلية يكفل حرية العمل الأهلى ولا يتدخل فى عمل الجمعيات. وقال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، نيابة عن 9 منظمات حقوقية مصرية، إن النجاح الحقيقى لعملية الاستعراض الدورى الشامل يتم قياسه بناء على ما يتم تطبيقه على أرض الواقع، وليس من خلال الوعود، مضيفا أن الممارسات العامة للسلطة خلال الأربعة أشهر الماضية تجاهلت تقريبا جميع توصيات الاستعراض الدورى الشامل. وتابع المركز أن مصر تلقت 38 توصية فيما يتعلق بالحق فى التجمع السلمى، ومع ذلك لايزال هناك ارتفاع فى انتهاك ذلك الحق والتعامل معه باستخدام قوة مفرطة، والدليل على ذلك مقتل شيماء الصباغ وتعامل قوات الشرطة العنيف مع المئات من جمهور مباراة كرة قدم، مما تسبب فى مقتل مأساوى ل 22 شخصا، فضلا عن احتجاز آلاف الأشخاص بينهم أطفال بسبب احتجاجهم ضد السياسات الحكومية، ومن بينهم أيضا نشطاء مثل أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل وعلاء عبدالفتاح، ونساء حقوقيات منهن يارا سلام، وأدان المركز مقتل أكثر من مائة معتقل كنتيجة للتعذيب داخل مقار الاحتجاز طوال العامين الماضيين، فى الوقت الذى لا توجد فيه تحقيقات كافية فى هذه الجرائم. وقال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة، إن البرلمان المقبل لا بد أن يبذل جهدا كبيرا فى تفعيل المادة 93 من الدستور، والتى تنص على أن المواثيق الدولية التى وقعت مصر عليها، تصبح جزءا من القانون الداخلى. وعبر مركز الخدمات الدولية لحقوق الإنسان عن قلقه من أن تكون موافقة مصر على تلك التوصيات مجرد موافقة على الورق فقط، كما أدانت عدة مظاهر للعنف ضد المرأة، منها مثول 7 فتيات للمحاكمة بسبب تظاهرهن السلمى، ومقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، مطالبة باعتماد إجراءات المحاكمة العادلة. من جانبها، عبرت ألمانيا عن قلقها من رفض مصر التوصيات المتعلقة بإلغاء أو تعليق أحكام الإعدام، مؤكدة على أن حرية التعبير وتشكيل الجمعيات غير الحكومية من أهم عوامل التنمية، فى الوقت الذى رحبت فيه المملكة العربية السعودية وإثيوبيا بقبول مصر 249 توصية، واعتبرت ذلك التزاما منها بتوصيات حقوق الإنسان بالرغم من الأوضاع العصيبة التى مرت بها الفترة الماضية.