المعادلة فى ليبيا صارت واضحة.. الولاياتالمتحدةوبريطانيا وبعض البلدان الأوروبية لن تساعد مصر فى مواجهة داعش، ولن تساعد حتى الحكومة الشرعية الموجودة فى طبرق، إلا إذا قبلت مصر وحكومة طبرق مشاركة الإخوان فى حكم ليبيا، وربما فى مصر أيضا. لم أكن أدرك أن الأمور بهذا الوضوح إلا حينما خرج بيان أمريكى أوروبى مساء الثلاثاء الماضى قبل اجتماع مجلس الأمن صباح اليوم التالى لبحث الوضع فى ليبيا يرفض ضمنا الطلب المصرى بتوفير غطاء دولى للتدخل ضد الإرهابيين فى ليبيا أو حتى رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبى الشرعى. فى اليوم نفسه كتب طارق صقر الجروشى عضو البرلمان الليبى على صفحته على الفيس بوك ونقله الموقع الإلكترونى لليوم السابع عصر يوم الأربعاء الماضى يكشف فيه العديد من الحقائق. إذا صح ما جاء فى هذه الشهادة، فالمؤكد أن الحكومة المصرية سوف تصطدم إن آجلا أو عاجلا مع الولاياتالمتحدة وربما مع بريطانيا بصورة سافرة. يقول الرجل فى شهادته إنه كان ضمن مجموعة من قيادات البرلمان الليبى اجتمعوا يوم 12 فبراير الحالى فى تونس مع مسئولين أمريكيين وأوروبيين لبحث الموقف، وإنهم طلبوا منهم مساعدة حكومتهم الشرعية التى يعترفون بها وأن يقوموا برفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبى، لكنهم فوجئوا برفض أمريكى بريطانى ويطالبون حكومة طبرق بأن تتصالح أولا مع «مجموعة فجر ليبيا» التى تسيطر عبر ميليشياتها على طرابلس ومناطق أخرى وتدعهما بالأساس جماعة الإخوان المسلمين، وأن يتم إبعاد اللواء خليفة حفتر عن أى منصب رسمى. حكومة طبرق على ذمة الجروشى قالت للغرب إن ميليشيات فجر ليبيا غير شرعية وعلى علاقة بأنصار الشريعة التى هى داعش، لكن الموقف الأمريكى كان واضحا وهو لا مساعدة لليبيا قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم بالأساس جماعة الإخوان. لو صح هذا الكلام فنحن أمام مشكلة عويصة وهى أن الولاياتالمتحدة عمليا تستخدم عمليات داعش الإرهابية ضد مصر وحكومة طبرق للضغط على الطرفين من أجل إشراك الإخوان فى السلطة. قد نتجادل ونختلف حول تصنيف مجموعة طرابلس أو «فجر ليبيا» وهل ينطبق عليهم وصف داعمى الإرهاب أم لا، وقد نتفهم مطلب واشنطن بضرورة إشراكهم فى السلطة، لكن السؤال هو: ما الذى يجعل الولاياتالمتحدة وبعض الأطراف الأوروبية تتحفظ على قيام مصر بتوجيه ضربات عسكرية ضد تنظيم داعش، الذى هو نفسه التنظيم الذى تحاربه أمريكا وأوروبا فى العراق وسوريا واليمن؟! والمنطقى أن تقوم واشنطن بمساعدة مصر بمطاردة هذا التنظيم فى أى مكان. تقول وزارة الخارجية الأمريكية فى بيانها تعليقا على الضربة المصرية: «إنها لاتزال تؤمن بأن أفضل الطرق بالنسبة للوضع فى ليبيا هو العملية السياسية التى تقودها الأممالمتحدة». مرة أخرى هذا ينطبق على القوى التى تؤمن بالسياسة وتنبذ العنف والفكر الميليشياوى، لكن نحن نتحدث هنا عن داعش!!. هل نسينا أن الولاياتالمتحدة نفذت عملية عسكرية فى بنغازى فى 15 يونيه الماضى واعتقلت أحمد أبوختاله ونقلته بحرا إلى اراضيها بتهمة انه مسئول عن اقتحام القنصلية الأمريكية فى بنغازى وقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة دبلوماسيين أمريكيين آخرين فى سبتمبر 2012. إذا كانت أمريكا قد فعلت ذلك، فلماذا تلوم بطريقة غامضة مصر عندما تقتص من إرهابيين قاموا بذبح 21 مصريا بطريقة وحشية ليس لها مثيل. غالبية المصريين يسألون أمريكا الآن: «ما هو الفرق بين داعش العراق وسوريا، وداعش سيناء وليبيا؟!.