بعد حوالي 7 ساعات من بث مقطع فيديو منسوب لتنظيم "داعش" يظهر عملية إعدام جماعي ذبحا ل21 مصريا مسيحيا في ليبيا، بدأت مصر في تنفيذ أول عمل عسكري رسمي خارج حدودها منذ حرب الخليج عام 1991. وهيأت الإدانات الدولية للحادث التي لم تهدأ وتيرتها منذ مساء أمس الأحد، الفرصة لمصر لدعوة التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية داخل العراق وسوريا إلى مواجهة المتشددين في ليبيا. وأظهر تسجيل مصور منسوب لما يسمى ب"ولاية طرابلس على البحر الأبيض المتوسط" بث مساء أمس الأحد عملية إعدام جماعي ذبحا ل21 مصريا مسيحيا كانوا قد اختطفوا من قبل ميليشيات مسلحة بمدينة سرت الليبية في شهري ديسمبر ويناير الماضيين. وجاء في بيان أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة صباح اليوم أن القوات الجوية قامت فجرا "بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تدريب ومخازن وذخائر تنظيم داعش الارهابي بالأراضي الليبية". وتابع "وقد حققت الضربة أهدافها بدقة وعادت نسور قواتنا الجوية إلى قواعدها سالمة". وهذه هى المرة الأولى التي تؤكد فيها مصر شن غارات جوية على التنظيم في ليبيا. ونشر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة على صفحته على فيس بوك صباح اليوم لقطات تصور إقلاع المقاتلات المصرية من قواعدها لتنفيذ ضربات جوية استهدفت معسكرات ومناطق تمركز "داعش" في ليبيا. ولم يصدر الجيش حتى الآن أي بيان بتفاصيل الضربات الجوية أو ما حققته، إلا أن مصادر عسكرية قالت لأصوات مصرية في وقت سابق إن هذه الضربة الجوية نفذتها 6 مقاتلات حديثة من طراز إف 16 بلوك 52، وهى أحدث المقاتلات لدى القوات الجوية المصرية. وقال قائد سلاح الجو الليبي العميد الركن صقر الجروشي، اليوم الإثنين، إن حصيلة الضربات الجوية المصرية على معسكرات ومناطق تمركز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا بلغت ما لا يقل عن 50 قتيلا بينهم قياديون.
وأضاف الجروشي، في اتصال هاتفي مع أصوات مصرية من داخل الأراضي الليبية، أن القوات الجوية المصرية قصفت عدة مواقع لمعسكرات تدريب وتسليح في المنصوري والشاعري وطاش بمدينة درنة شمالي ليبيا. وأضاف أنه تبين من فحص مقطع الفيديو الذي بثته "داعش" أن عملية ذبح ال21 مصريا تمت على شاطىء خليج مدينة سرت الليبية، لكن القوات الجوية المصرية استهدفت مواقع في مدينة درنة لأنها أكثر المدن الليبية "المختطفة" من قبل تنظيم داعش. وأثار نشر الفيديو إدانات دولية وعربية واسعة، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى الوقوف بجانب مصر والحكومة الليبية الشرعية في حربهما ضد الإرهاب. إلا أن المؤتمر الوطني الليبي العام، وهو برلمان حكومة طرابلس الموازية، وصف الضربة الجوية بال"العدوان المصري" على الأراضي الليبية منددا بالغارات المصرية باعتبارها "اعتداء على السيادة الليبية". وتعترف مصر بالحكومة الليبية المعترف بها دوليا والتي تعمل الآن انطلاقا من طبرق في شرق ليبيا ولا تعترف بالحكومة التي تولت السلطة في طرابلس بعد أن سيطر عليها مقاتلون منافسون العام الماضي.
ودعت مصر اليوم التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية داخل العراق وسوريا اليوم إلى مواجهة المتشددين في ليبيا، وقالت الخارجية المصرية في بيان نشر على صفحتها على فيس بوك، "تجدد مصر مطالبتها لدول التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي... باتخاذ الإجراءات الكفيلة لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية المماثلة على الأراضي الليبية". كما دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند والسيسي إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في ليبيا واتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة "خطر تنظيم داعش". وعبر البابا فرنسيس بابا الفاتيكان عن حزنه الشديد للحادث وخرج عن نص كلمة له اليوم الاثنين ليؤكد على وحدة جميع المسيحيين بغض النظر عن طوائفهم. وينشط عدد من الجماعات الإسلامية المتشددة منذ أن أصبحت ليبيا بلا حكومة مركزية قوية بعد سقوط معمر القذافي عام 2011. وأعلنت بعض هذه الجماعات ارتباطها بالدولة الإسلامية كما أعلنت مسؤوليتها عن هجمات كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقدم السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب وعدد من المسؤولين العزاء في ضحايا الحادث، للبابا تواضروس في الكاتدرائية المرقسية اليوم.
وقرر مجلس الوزراء معاملة الضحايا المصريين في ليبيا "معاملة الشهداء"، وصرف 100 ألف جنيه تعويضا لأسرهم.
ولم تعلن الحكومة المصرية ملامح واضحة لخطة لإجلاء المصريين الموجودين في ليبيا حاليا، إلا أن الرئيس السيسي دعا أمس إلى تنفيذ قرار وقف سفر المصريين إلى ليبيا بكل حسم. وقال رئيس سلطة الطيران المدني، اليوم الإثنين، إن حركة الطيران المدني بين مصر وليبيا مستمرة في اتجاه واحد إلى مصر فقط، مشيرا إلى أن قرار حظر استقبال أي رحلات من ليبيا بمطار القاهرة مازال مستمرا بينما تقتصر الحركة الجوية بين مصر وليبيا على مطاري لابرق وطبرق الليبيين ومطار برج العرب غرب الإسكندرية للراغبين في العودة إلى مصر. وقالت الخارجية إنه تم تشكيل خلية أزمة بالقطاع القنصلي داخل الوزارة تضم كافة القطاعات المعنية بالمواطنين المصريين المتواجدين فى ليبيا وهى فى حالة انعقاد دائم ومستمر لمتابعة مجريات الأمور لحظة بلحظة. وقال شاهد عيان من "أصوات مصرية" إن أكثر من 7 آلاف شخصاً تظاهروا اليوم في محافظة المنيا، عقب تشييع جنازة رمزية لجثامين الضحايا المصريين الذين قتلوا في ليبيا. وهتف المتظاهرون رافعين الصلبان، "بالروح بالدم نفديك يا صليب"، و"داعش داعش مش عشرين الأقباط بالملايين"، و"قول لأهلك يا شهيد أنا عالسماء سافرت أكيد"، و"الجيش والشعب أيد واحدة".