"يجب أن تفهم.. أنا أتألم.. لقد رحل ابني.. أنا أعيش فقط لأمنح والدته القوة على المضي قدمًا"، محاولًا إخفاء الدموع من عينيه قال يكن عليّ، هذه الكلمات، عن ابنه إسلام، الذي تحولت حياته من الرفاهية والمتع المختلفة إلى التشدد ثم الانضمام إلى تنظيم «داعش». إسلام يكن شاب يبلغ من العمر (22 سنة)، ترعرع في حي مصر الجديدة، وذهب إلى إحدى المدارس الخاصة حيث درس اللغة الفرنسية، وكانت رغبته أن يكون مدرب اللياقة البدنية، وفجأة تغيرت حياة يكن ليصبح الآن واحدًا من أشهر أعضاء داعش في مصر والعالم. صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحدثت مع أصدقاء إسلام المقربين في القاهرة؛ لتجيب على سؤال هام: كيف يمكن لشخص ما أن يتغير هذا التغير الجذري؟ تحدث المصور حسام عاطف، (20 سنة)، الذي مارس التمارين الرياضية مع يكن، عن الشعور بالتهميش في مصر بعد الثورة، أما خالد عادل، (23 سنة)، والذي داوم في نفس المدرسة مع يكن، قال: "إنهما سعيا بصعوبة إلى إيجاد التوازن في مجتمع عصري ومتدين في نفس الوقت". وذكرت الصحيفة، أن "الشباب الثلاثة كانوا في مقتبل العمر ومن الطبقة الوسطى وتتجاذبهم الأفكار من مختلف الاتجاهات، لكن الوحيد الذي انضم إلى داعش هو إسلام". تعرف حسام على إسلام عن طريق الإنترنت في 2009 وطلب منه أن يصوره ويعرض صوره في مدونة عن كمال الأجسام، وأضاف حسام، أن "صديقه إسلام كان يتمنى أن يجد عملًا ويسافر إلى الخارج ويكون له صديقة"، بينما أشار خالد إلى أن "إسلام لم يكن يصادق الفتيات في المدرسة، ولكنه بدأ في الإهتمام بهذا الأمر بعد ذهابه إلى الجامعة". وأوردت «نيويورك تايمز»، أن "خالد وإسلام لم يكونا ملتزمين دينيًا، ولكن الدين كان دائمًا حاضرًا في حياتهما، وهكذا فإن ارتكاب المعاصى أدى إلى الشعور بالذنب خاصة فيما يتصل بالنساء"، مشيرة إلى أن "حيرة إسلام اشتدت حينما فقد صديقًا حميمًا، اسمه مهاب في حادثة دراجة نارية في مارس 2012". في هذا العام، بدأت أحلام «يكن» الخاصة بالعمل في الاندثار، فبعد أن امتلأت الشوارع بالشعارات الإسلامية الدعائية لمرشحي جماعة الإخوان المسلمين، قرر يكن الذهاب إلى الدين، وبدأ ذلك بإطلاق لحيته. وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن "إسلام انطوى على نفسه"، وقال حسام، إن "إسلام شعر بأن حادث وفاة مهاب إشارة من الله ليتحرى الحذر"، بينما أوضح خالد، أن "إسلام توقف عن الذهاب إلى الحفلات، وقرر عدم التقاط صور له في صالة الألعاب الرياضية وهو عاريًا، وإزالة جميع الفتيات من حسابه على (فيس بوك)". ولكن "التزام يكن الجديد بالدين لم يتجه إلى طريق التشدد والجهاد"، فأوضح خالد، أن "الناس تعتقد أن بمجرد إطلاق إسلام لحيته أصبح على المسار الديني الصارم، ولكن ذلك لم يكن صحيحًا، كان لديه لحية ولكن كان يحبنا"، بحسب الصحيفة. وتابعت: "بينما ظل أصدقاء إسلام متذبذبين كان إسلام ثابتًا في قراره وكرس حياته لله، وواظب على الصلاة في جامع قريب، إمامه معتدل وهو الشيخ رمضان فضل، الذي شجعه على حفظ القرآن. إسلام حفظ ثلث القرآن في غضون سنة، لكنه أراد طريقًا للحياة أكثر تأكيدًا، ولذلك اتجه إلى تعاليم الأئمة السلفيين". وأشارت إلى أن "إسلام شاهد مصر تنزلق إلى هوة الاضطرابات، وشعر بأنها انحرفت بعيدًا عن رؤيته للدولة الإسلامية الأصيلة. في تلك الأثناء تحرك الجيش لإزاحة الإخوان المسلمين من السلطة، وأعقبت ذلك أحداث عنف في الشوارع"، بحسب الصحيفة. في أغسطس 2013، اعتكف إسلام في خلوة رمضانية في مسجد محاط بالاحتجاجات، وبعد 10 أيام من العبادة رجع متسلحًا بمقصد جديد، ثم بعد أيام معدودة من عودته غادر ثانية، هذه المرة إلى سوريا، رحل دون أن يقول وداعًا لأسرته أو أصدقائه. وأوضحت الصحيفة، أن "المرة الأخيرة التي ذهب فيها إسلام للصلاة في مسجد الحي في أغسطس 2013، وكان يبدو مختلفًا بشكل ملحوظ"، فيصفه الشيخ رمضان، بأنه "كان حليق الرأس والذقن، وعندما سألته عن السبب قال إنه ذاهب إلى الجهاد". كما لفتت الصحيفة إلى "حصول يكن على فيزا تركية ثم اتجه إلى سوريا بعد ذلك بأيام، بدون إخبار أسرته أو أصدقائه، وأصبح قراره مركز اهتمام الرأي العام في مصر والخارج، بعد إغراقه الإعلام الاجتماعي بالأفكار المتشددة وصوره الراديكالية الجديدة". وأوردت «نيويورك تايمز»، أن "إسلام انضم إلى داعش، واتخذ الاسم الحركي أبو سلمة، ومنذ ذلك الوقت ملأ صفحات مواقعه في وسائل التواصل الاجتماعي بصور الأعمال الوحشية والموت، قائلًا إنه لن يعود إلى مصر إلا قاهرًا منتصرًا ليضع البلد تحت سيطرة الدولة الإسلامية، كما أن تغريداته تحرض صراحة على ارتكاب الأعمال الإرهابية في كل أنحاء العالم". "لن يعرف الناس أبدًا ما لم يقوموا بتجربته".. هكذا يؤمن محمود الغندور، صديق إسلام، الذي جمعهما أول لقاء في جامعة عين شمس، وأوضح الغندور، الذي ذهب إلى سوريا بعد إسلام، "أنهما أكلا وعاشا وعملا كجزء من نفس الوحدة التابعة لداعش". عاد الغندور، 24 سنة، إلى مصر لأسباب لم يكشف عنها، وأصبح منذ ذلك الوقت تحت مراقبة الشرطة، ويتابع تحديثات يكن على تويتر، ويقول عنه "لقد وجد إسلام ما كان يبحث عنه، وهي حياة خالية من الذنوب التي تخلى عنها، وقضية أكبر وهي دولة إسلامية". في النهاية، قالت الصحيفة، إن "إسلام استطاع إيجاد فرصة لتمييز نفسه، وذلك بأن يكون مدرب اللياقة البدنية للمسلحين".