مفاجآت جديدة تشهدها انتخابات مجلس «نواب 2015»، سجل أبرزها حتى الآن حزب النور (السلفي) بترحيبه بانضمام أي قبطي بين قوائمه للانتخابات البرلمانية المزمع إجرائها مارس المقبل. ربما رد كثيرون على دعوة «النور» بوصفها بأنها مجرد مناورة سياسية، غير أن المفاجأة الأكبر وجود طرف قبطي يرحب بالانضمام إلى قوائم الحزب السلفي دون الالتفات إلى الخلفية الدينية التي تكفر يعتمد عليها بعض السلفيين في الدعوة إلى عدم تهنئة الأقباط في أعيادهم وغيرها. «الشروق» استطلعت آراء مختلفة، سواء من الأقباط المؤيدين للنور أو المعترضين، وكذلك موقف أعضاء الهيئة العليا في الحزب ذو المرجعية السلفية للتعرف على الحقيقة. «أقباط 38»: لن نضع شروطا لانضمامنا للنور نادر الصيرفي مؤسس حركة أقباط 38 ومسئول الملف القبطي لمنظمة مصر أولًا لحقوق الانسان قال إن الحركة ليس لديها مانع من حيث المبدأ للانضمام لحزب النور، الذي أصبح يمثل وفقًا لحديثه حزب سياسي قوي، منذ تواجده على الأرض في برلمان 2012 ومشاركته في خارطة الطريق يوليو 2013 برعاية القوات المسلحة والقوى الوطنية الأخرى في مصر. وأوضح الصيرفي، في تصريحات خاصة ل«الشروق»، أنه يجب التفرقة بين ما يصدر من تصريحات للدعوة السلفية، وتحديدًا الشيخ ياسر برهامي المتمسك بتكفير المسيحيين والمطالبة بعدم تهنئتهم في أعيادهم، وبين حزب النور الذي لم يصدر منه بيان واحد عن تكفير المسيحيين أو تصنيفهم كطائفة لها وضع خاص عن بقية الوطن. وقال مؤسس حركة أقباط 38 إن ما يصدر من فتاوى لتكفير المسيحيين من قبل الدعوة السلفية يمثل رأي عقائدي لا شأن له بالأمور السياسية، موضحًا أن الأمر نفسه يحدث داخل الكنيسة الأرثوذكسية والتي في بعض الأحيان يصدر منها فتاوى ب(تكفير الكاثوليك والبروتستانت)، على حد قوله. وأشار إلى أنه بالفعل حدثت اتصالات ومباحثات بين الحركة وحزب النور منذ 6 أشهر، وتحديدًا من الدكتور أشرف ثابت نائب رئيس حزب النور وكذلك المهندس صلاح عبد المعبود عضو الهيئة العليا للحزب حول إمكانية الانضمام والترشح على قائمة الحزب في الانتخابات البرلمانية المزمع إجرائها قريبا. وفيما يتعلق بمسألة استغلال حزب النور لفكرة الحركة ورغبتها في تعديل قانون الأحوال الشخصية الخاص بالكنيسة والزواج المدني، قال الصيرفي إن الأمر غير صحيح، مشيرًا إلى أنه شخصيًا باعتباره مسئول عن الملف القبطي يرفض فكرة الزواج المدني ويرفض تغيير قانون الأحوال الشخصية خارج إطار الكنيسة. وأضاف منسق حركة أقباط 38 إنه أجرى اتصلا هاتفيا مع الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، مسئول لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس، وتلقى عتابًا منه على سوء الفهم فيما يتعلق بالقانون، مشيرًا إلى أنه رد عليه بتحفظ على بعض النقاط محل الخلاف في قانون الأحوال الشخصية، قبل أن يوعده (بولا) بطرح نقاش موسع لإعادة النظر في القانون، مؤكدا أنه لا يوجد خلاف بينه وبين الكنيسة والمسئولين بها. وعن السبب الحقيقي وراء الانضمام لحزب النور قال نادر إن حزب النور يختلف عن بقية الأحزاب المدنية الأخرى، لأنه يتمتع بقاعدة جماهيرية على الأرض ولم يمارس أي عنصرية تجاه أقباط مصر سواء كان هذا الأمر في بيانات صادرة عن الحزب أو خلافه، كما أنه شارك في اجتماع القوى الوطنية ودعم الرئيس السيسي ورفض الانسياق وراء الإخوان. الصيرفي ذكر كذلك أن وفدًا من أعضاء حركة أقباط 38 وغيرهم توجهوا إلى البابا تواضروس، منذ عدة أشهر للحصول على فتوى بإمكانية الانضمام لحزب النور وأجاز لهم الأمر باعتباره حزب سياسي وطني، شارك في دعم خارطة الطريق. وعن ردود الأفعال داخل الكنيسة، أشار إلى أن الفكرة جديدة، وبالتالي هناك تباين في الآراء، موضحًا أن هناك ثلاثة معسكرات داخل الكنيسة منهم من يتسق مع وجهة نظرنا وعدد كبير يرفض الفكرة من حيث المبدأ والفريق الثالث مازال متردد ويدرس الأمر. مجرد ديكور من جهته، انتقد الناشط الحقوقي سعيد عبد المسيح، مدير المركز المصري للتنمية وحقوق الإنسان، ترشح عدد من الأقباط على القوائم الانتخابية لحزب النور السلفي في الانتخابات البرلمانية المقبلة . و قال عبد المسيح إن الأقباط الذين ينتمون إلى حزب النور قبلوا أن يكونوا ديكور لحزب فاقد للشرعية الدستورية من الأساس لأنه قائم على أرضية دينية متطرفة يكفر بالدولة المدنية الحديثة ويتجرد من كل المشاعر الوطنية . وأضاف أن أفكار غالبية أعضاء حزب النور السياسية تصب في الكفر بالوطن وبالمواطنة وتغليب المصالح الشخصية عن المصلحة العامة، لافتًا إلى أن الحزب يتمسك بمبدأ المواطنة وقبول الآخر والتعايش السلمي بين المصريين . وأوضح عبد المسيح أن الأفكار السلفية تحرم الاحتفالات بالأعياد الرسمية والدينية وتحرم مجرد تقديم التهاني للأقباط، فكيف يكون التعايش في حزب النور بين أعضاؤه المتشددين وبين الأقباط المنتمين له وهو بالأساس حزب لا يؤمن بالديمقراطية مطلقا أو حتى مجرد قبول الآخر؟ «النور» يرحب وفي رد منه على ما سبق، قال المهندس صلاح عبد المعبود عضو الهيئة العليا لحزب النور إن الأعضاء في حالة ترقب لجميع التصريحات التي تصدر من الأقباط، مشيرًا إلى أنه على علم برفض عددٍ من الأقباط المشاركة في الانضمام لقوائم حزب النور في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراءها قريبًا. وأوضح عبد المعبود أن الحزب يرحب بانضمام حركة أقباط 38 لقوائمه إذا اسقر الحزب على الشكل النهائي للقوائم الخاصة به للانتخابات البرلمانية، موضحا أن الحركة القبطية أبدت استعدادها للانضمام إلى قوائم (النور)، ومن الطبيعي أن نقابلهم بنفس الشعور ونرحب بتواجدهم معنا. وفيما يتعلق بعدم ترشح الأقباط على المقاعد الفردية لحزب النور، قال صلاح عبد المعبود إن حسابات المقاعد الفردية تختلف تمامًا عن فكرة القوائم لأن القائمة تسمح بالتحالف بين حزب وحزب وبين مستقلين ومستقلين وبين أحزاب ومستقلين. لا أحتفل بالكريسماس سامح عيد الباحث والمتخصص في شئون الجماعات الإسلامية علق على الأمر بتأكيده أن حزب النور مهما فعل، ومهما استقطب عددًا من الأقباط له في قوائمه للترشح للبرلمان فهو يفعل ذلك من منطلق القانون والتشريعات التي لم تضع له خيار آخر. وأضاف عيد أن حزب النور أصدر فتوى بعدم تهنئة المسيحيين في أعياد الميلاد باعتبار أن الأمر مشابه لشرب الخمر والزنا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يؤكد أن حزب النور حزب ديني وليس سياسي. وكانت الدعوة السلفية قد دشنت في ديسمبر الماضي حملة إلكترونية لرفض الاحتفال بأعياد الميلاد، ودشنت "هاشتاج" عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان: «أنا مسلم لا أحتفل بالكريسماس». وتضمنت الحملة صورًا وشعارات تحض على عدم الاحتفال بأعياد الميلاد منها: "الاحتفال بالكريسماس مشهد صارخ، ينم عن تبعية مهينة للغرب".