بدأ العام الحالى بمثل ما انتهى به العام الماضى، باعتداء إرهابى على واحد من أقرب حلفائنا. فعملية القتل الشنيعة التى وقعت الشهر الحالى لهذا العدد من الأبرياء فى باريس أتت عقب عملية قتل مماثلة فى سيدنى الشهر الماضى. وفى الأسبوع الماضى وجهت السلطات البلجيكية ضربة ضد خلية إرهابية كانت تخطط هى الأخرى لاعتداء مميت. كما قال رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون)، نحن فى خضم صراع جيل ضد أيديولوجية سامة متطرفة. وعلينا ألا نوهم أنفسنا بأننا سنفوز فى المعركة ضد التطرف الإسلامى بمجرد دحر داعش فى العراقوسوريا. فللأسف انتشر هذا السم الآن وبات يهدد مناطق واسعة من شمال وغرب أفريقيا، إلى جانب تهديده لبلدنا ولحلفائنا الأساسيين فى العالم. لهذا السبب نتخذ الآن هنا فى بلدنا تدابير لنوفر لمواطنينا حماية أفضل من الجهاديين العائدين، ولهذا السبب أيضا تعمل أجهزة الاستخبارات والأمن لدينا دون كلل لإحباط خطط فى المملكة المتحدة عادة ما يكون قد تم الإعداد لها فى الخارج. يسعى تنظيم داعش الإرهابى لتأسيس ما يطلق عليه خلافة فى منطقة الشرق الأوسط، تمتد حدودها لتلاصق الحدود الجنوبية والشرقية لحلف الناتو، توفر ملاذا آمنا للمتطرفين ليشنوا منه مزيدا من الاعتداءات ضد الغرب. وبالتالى فإننى أؤكد بشكل جلى بأنه لحماية أمن بريطانيا والشعب البريطانى لابد من هزيمة داعش. يقول البعض إنه على بريطانيا التخلى عن هذا القتال ليتولاه آخرون. لكن لا يمكننا تكليف آخرين بحماية بلدنا. كما لا يسعنا أن نتجاهل تنظيما يسعى لتقويض وتدمير قيم الديموقراطية وحرية التعبير وحرية الدين والعبادة وسيادة القانون، وجميعها قيم تشكل أساس حياتنا. وبالتالى فإننى أستضيف اليوم، إلى جانب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ورئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، اجتماع وزراء من 21 دولة أساسية فى التحالف الذى يتولى القتال ضد هذا التنظيم الإرهابى البربرى. لقد نفذ التحالف فى الشهور الستة الماضية ما يفوق الألف ضربة جوية ضد داعش فى العراق، وشارك طيارو سلاح الجو الملكى بأكثر من 6.700 ساعة طيران فى مهام للمراقبة والاستطلاع والتزود بالوقود وتنفيذ ضربات فى سياق مساهماتنا الكبيرة فى العمليات الجوية. تساعد هذه المهام فى إضعاف القدرة القتالية لداعش وتوفير مساندة ومعلومات حيوية للقوات العراقية والكردية المقاتلة على الأرض. وقد ساعدت فى متابعة تقدم قوات داعش، كما ساعدت العراقيين على تحرير عدد من البلدات الاستراتيجية فى شمال العراق. وتؤدى القوات البريطانية أيضا دورا مهما فى تدريب عناصر من القوات المحلية. إلا أن القصف وحده لا يكفى لهزيمة داعش. حيث هناك ثلاثة عناصر ضرورية جدا متممة للعمل العسكرى: أولا، علينا قطع مصادر التمويل وتدفق المقاتلين. فإن استطعنا قطعها سيجد التنظيم، مع مرور الوقت، أنه غير قادر على تمويل مقاتليه وتجنيد مزيد من المقاتلين فى صفوفه. ثانيا، علينا بذل جهود أكبر لإيجاد سبل أكثر فاعلية لمواجهة الأيديولوجية المعوجَّة لهؤلاء الإرهابيين. فلا بد من مواجهة لا هوادة فيها لصيغتهم المحرَّفة للإسلام المنطوية على الشر، وكشف حقيقتها لضمان ألا تجتذب مزيدا من المجندين. وأخيرا، علينا مساندة الحكومة العراقية لتكون ممثلة للجميع وقادرة على توحيد صفوف كل طوائف المجتمع، وحرمان تنظيم داعش من فرصة أن يلقى من يؤيده لدى أى من طوائف العراقيين. وفى سوريا سنواصل دعم المعارضة المعتدلة فى قتالها ضد داعش، ولإنهاء وحشية نظام الأسد. وبالتالى فإن بريطانيا، فى مؤتمر لندن اليوم، ستكون حيث تنتمى: إلى جانب أقرب حلفائنا، مستعينين بكل أشكال إمكاناتنا الدبلوماسية والعسكرية لحشد تحالف دولى لتصعيد الرد على الإرهاب الدولى وما يشكله من تهديد لأمننا جميعا. إن الاعتداءات الوحشية التى وقعت مؤخرا فى فرنسا وأستراليا ونيجيريا وباكستان، إلى جانب التهديد الشنيع من داعش لحياة اثنين من الرهائن اليابانيين، إنما يقوى عزمنا على مواجهة هذا التهديد من داعش.