إخلاء سبيل 8 أشخاص على ذمة التحقيقات في عرض رشاوى انتخابية بالبحيرة    تمريض جامعة قناة السويس تختتم مناقشات مشاريع التخرج للمستوى الرابع 2025/2026    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    محافظ كفرالشيخ يشهد توقيع بروتوكول تعاون مشترك مع وزارة الخارجية    إعلان نتائج تقييم جائزة مصر للتميز الحكومي 2025 بجامعة عين شمس    غارات إسرائيلية على بلدات المجادل ومحرونة وجباع وبرعشيت جنوبي لبنان    حمدان وبن رمضان وجهًا لوجه.. التشكيل الرسمي لمباراة فلسطين ضد تونس    تشكيل مباراة فلسطين ضد تونس في كأس العرب    هانيا الحمامي تتأهل إلى نصف نهائي بطولة ميلووكي هونغ كونغ للإسكواش 2025    ضبط 3 سيدات أثناء توزيع رشاوى وكروت دعائية بسوهاج    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    وزير التعليم يبحث مع غرفة التجارة الأمريكية سبل تعزيز التعاون في جذب الاستثمارات    الليلة.. عودة عرضي "سجن النسا" "يمين فى أول شمال" على مسرح السلام    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    وزير الصحة: الانسداد الرئوي المزمن يتسبب في 5% من إجمالي الوفيات عالميا    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    بوتين يؤكد توسيع السيطرة الروسية نحو نوفوراسيا وخاركيف وأوديسا    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    الوطنية للصحافة تكرم أخبار اليوم كأفضل تغطية صحفية لافتتاح المتحف المصرى الكبير    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    الأهلي يتحرك لحسم ملف ديانج رسميًا.. وعرض جديد خلال ساعات    إعلان نتائج بطولة الجمباز بدوري الجامعات والمعاهد العليا المصرية رقم 53    «أخبار اليوم» تنعى شقيق الكاتب الصحفي إسلام عفيفي    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    الكشف على 700 طالب بمدرسة العاشر من رمضان بالقنطرة شرق.. تفاصيل    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    بعد حصوله على جائزتين بمهرجان القاهرة.. فيلم ضايل عنا عرض يستكمل عروضه ما بين روما وقرطاج    هل بول القطط نجس؟ وحكم الصلاة فى المكان الملوث به.. الإفتاء تجيب    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    ترقب أمريكى لزيارة بوتين للهند.. توقعات باتفاقات دفاعية وتسهيل التجارة    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    نقيب المعلمين يبحث آفاق التعاون مع اتحاد التعليم في إنجلترا    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    تحقيقات عاجلة بعد اعتداء على ممرضة في مستشفى الفيوم العام    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    اليوم.. إطلاق إعلان القاهرة الوزارى لحماية البحر المتوسط فى COP24    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توصيات عاجلة قبل تحول رابعة إلى كربلاء جديدة
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 08 - 2014

• أسوأ كراهية وأعمقها وأدومها هى التى يريد البعض بناءها على أساس دينى..وتحويل رابعة إلى حائط مبكى
• الخطاب على منصة رابعة لم يكن يليق بحركة إسلامية كانت على سدة الحكم.. وبعضه كان تكفيريًا عدائيًا استعلائيًا استقطابيًا
• الفض كان مأساويًا وغير حكيم وكان يمكن أن يتم على مراحل يدرك بعدها المعتصمون وقادتهم أن الفض واقع لا محالة
• كل تقديرات الإخوان صبت فى خانة واحدة: أن الحكومة أعجز من اتخاذ قرار الفض
• خطاب رابعة رفع جميع المعتصمين إلى عنان السماء وهم مازالوا على الأرض
• بعض الإخوان قالوا : «من يشك فى عودة مرسى فعليه أن يراجع إيمانه»!
سيظل اعتصام رابعة وفضه الباب الأعظم للصراع السياسى والكراهية المتبادلة والرغبة فى الثأر بين الحكومة المصرية وتحالف دعم الشرعية وعلى رأسه الإخوان.. وستتحول رابعة «بخطابها وفضها» عند الكثير من هذا الجيل من الإسلاميين كحائط مبكى يذكرون «عنده وبه وفيه» كل مآسيهم السابقة واللاحقة.. وقد يمثل عند بعضهم عقدة العمر مثلما مثلت «كربلاء» عند الشيعة العلامة الفارقة لكراهية السنة أجيالا وراء أجيال.. رغم أن مقتل الحسين رضى الله عنه فى كربلاء قام به عدة مئات من جيش الخليفة الأموى يزيد بن معاوية.. ورغم أن الحسين وشيعته وآل بيته هم من أهل السنة وأحب أهل الأرض إلى أهل السنة.. فإن الكراهية التى نبتت من أرض كربلاء ودم الحسين المراق فيها امتدت عبر عشرات الأجيال لتصل إلى جيلنا الحالى وتورث الشيعة كراهية عميقة للسنة جميعا أعتقد أنها أكبر من كراهيتهم لبعض غير المسلمين.
لقد تأملت فى الحياة طويلا فوجدت أن أسوأ كراهية وأعمقها وأدومها هى التى يريد البعض بناءها على أساس دينى.. مع أن الأديان كلها تبنى على الحب والمودة والتغافر والعفو حتى إن القرآن ذكر العفو فى آية القصاص.. « فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ».
والآن مر عام كامل على رابعة واعتصامها وخطابها وفضها، ويمكننى فى هذه العجالة أن أتحدث عنها فيما يلى:
أولا: الخطاب الدينى الذى قيل على منصة رابعة لم يكن على المستوى الذى يليق بحركة إسلامية كانت على سدة الحكم فى مصر.. وبعضه كان تكفيريا عدائيا استعلائيا استقطابيا.. وبعضه كان غير منطقى ولا عقلانى يدغدغ العواطف وينسى كل موازين القوى ويبشر بانتصارات هلامية وغير واقعية أو يقول للناس إن لدينا مائة ألف مقاتل كل مقاتل منهم بألف مقاتل.. مع أن هذا لا يمت للحقيقة بصلة ويضر قائليه أكثر مما ينفعهم.. وبعضه كان يخلط بين الغيب والحاضر خلطا معيبا.. وبين السماوى والبشرى خلطا سلبيا غير منضبط.. ويخبر عن غيبيات لا يعلمها إلا الله دون سند شرعى أو علمى مثل نزول الملائكة فى رابعة وغيرها.. ويستدل بما لا يصح الاستدلال به مثل الرؤى غير المنطقية... و... و... وأعتقد جازما أن هذا الخطاب الكارثى كان أحد الأسباب فى مأساة رابعة.
ثانيا: فض رابعة كان فضا مأساويا وغير حكيم ولا متدرج ولا رحيم واستخدم القوة المفرطة وكان يمكن أن يستخدم القوة المناسبة المتدرجة.. وأن يتم الفض على مراحل بعد قطع الكهرباء والمياه ومنع الدخول إلى الاعتصام والسماح بالخروج فقط.. وأن يستمر الحصار أسبوعا أو أكثر تتم فيه مفاوضات يدرك خلالها كل البسطاء أن وجودهم فى الاعتصام يمثل خطرا على حياتهم ويدرك القادة أن الفض واقع.. وهكذا حتى يصل عدد المعتصمين إلى أقل عدد ممكن يسهل فراره وخروجه دون إراقة دماء.
ثالثا: كانت كل تقديرات قادة الإخوان وتحالف الشرعية تصب فى خانة واحدة لا تكاد تفارقها أبدا وهى أن الحكومة المصرية أعجز وأضعف وأجبن من فض اعتصام رابعة مهما حدث ومهما تحرك المعتصمون من رابعة لاحتلال بعض الكبارى أو الذهاب إلى الوزارات واحتلالها لبعض الوقت أو مد مساحة الاعتصام.. وهذا التقدير كنت وغيرى نسمعه ليلا ونهارا حتى من أطفال ونساء أسرنا وأقاربنا وجيراننا الذين ينتمون للإخوان والتحالف وكانوا يصرون عليه إصرارا عجيبا.. مع أن أى إنسان يعرف ألف باء عن الدولة المصرية وتاريخها يدرك أنها ستفض الاعتصام مهما كان الثمن.
والغريب أنه لم يخرج أحد من كل هؤلاء الذين أساءوا التقدير وجزموا أمام الجميع بأن الدولة عاجزة عن فض الاعتصام ليعتذر عن خطأ تقديره الذى كان سببا من أسباب هذه الدماء الغالية التى أريقت.
والحقيقة التى أقر بها بعض قادة التحالف قبل فض الاعتصام بأيام وعبر عنها بقوله: «المشكلة أن منصة رابعة «سخنت وشحنت الناس» زيادة عن اللزوم ولا يستطيع الآن أى واحد منا أن يأمرهم بالانصراف وإلا فسوف يكفرونه وقد يقتلونه».. وهذا الكلام كان يمثل الحقيقة الصادمة التى لم يجرؤ أحد على الجهر بها.. حيث رفع الخطاب جميع المعتصمين إلى عنان السماء وهم مازالوا على الأرض.. حتى قال أحد خطباء المنصة «من يشك فى عودة د. مرسى فعليه أن يراجع إيمانه» مع أنه لا علاقة بين الأمرين.. فالأول سياسى.. والثانى قلبى.
رابعا: موعد فض رابعة كان شبه معروف لدى الكثيرين داخل اعتصام رابعة وخارجها.. وكان معروفا لبعض الصحفيين وبعضهم صاحب القوات فى بداية الفض.. كما أن القوات نادت على المعتصمين بالمغادرة قبل بدء أى اشتباك.. وكان يمكن لأى قائد حكيم يبيع جاهه أن يطلب من المعتصمين المغادرة كما غادر هو.. أو يطلب من القوات فى بداية الفض التوقف حتى يجلى المعتصمين.. وليذهب جاهه إلى الجحيم وليذهب هو إلى الجنة.
ويعرف القاصى والدانى ممن له خبرة فى الحركة الإسلامية أن أسلحة كثيرة تسللت مع بعض المعتصمين فى رابعة وقد ضبطت بعض هذه الأسلحة وهى فى طريقها إلى رابعة فى عهد الدكتور مرسى نفسه وحققت النيابة فيها. وكان هذا خطأ عظيما خلط السلمى مع المسلح.
صحيح أن عدد المسلحين كان قليلا ولكنه كان سببا من أسباب الفض وهذه الدماء الغزيرة التى سقطت فيها.
خامسا: أن الطريق الآمن الذى أخلته القوات لفرار الذين يريدون الخروج من الاعتصام نجح فى اعتصام النهضة وفشل فى اعتصام رابعة.. وذلك لأسباب كثيرة منها:
1 دعوة منصة رابعة للجميع بالبقاء وعدم الخروج وأن الطريق الآمن مكيدة ومن سيخرج منهم سيقبض عليه.. مما أخاف البسطاء من الخروج.. فلم يدركوا لا النجاة أو القبض ليدركهم الموت.
2 ومنها أن بعض البلطجية وسكان بعض المناطق المجاورة جاءوا ومعهم بعض الأسلحة للقبض على الهاربين.
3 ومنها أن الممرات الآمنة تحولت بعد ساعات إلى ميادين للاشتباك ونسى الفريقان أنها ممرات آمنة مع احتدام الصراع.
سادسا: من القرارات الخاطئة التى اتخذتها قيادة رابعة قرار الخروج من رابعة بين الحين والآخر فى مسيرات ومظاهرات تغلق الكبارى والطرق أو تحاصر بعض المؤسسات.. ومنها أيضا الرغبة المستمرة فى توسيع رقعة الاعتصام مما أدى إلى إراقة دماء كثيرة دون أى داع.. وأعتقد كما يعتقد كثيرون أن الهجوم على عشر وزارات واحتلالها لبعض الوقت والتهديد باحتلالها الكامل فى الغد عجل بقرار الفض.. إذ إن الحكومة المصرية اشتمت من ذلك صدقا أو كذبا نية التحالف والإخوان فى إعلان حكومة موازية.. كما حدث فى سوريا.. فأرادت استباق ذلك.
سابعا: ينبغى على الحكومة المصرية أن تغلق ملف قتلى وجرحى رابعة بطريقة عادلة ومنصفة.. وأن تحاسب كل المسئولين عن غزارة الدماء التى سالت وأن تجرى تحقيقا أمينا ونزيها تشرف عليه النيابة العامة أو محكمة مختصة أو جهة مصرية محايدة.
ثامنا: وقبل ذلك عليها أن تغلق هذا الملف إنسانيا فتعوض كل القتلى والجرحى بأن تدفع الدية عن كل قتيل.. وأن تدفع ثمن العلاجات التى أنفقها كل جريح.. فضلا عن تعويضه عن جراحاته تعويضا عادلا وسخيا.. لأن هؤلاء أبناء الوطن ولأن الدولة راعية لأبنائها ومسئولة عن حقوقهم وينبغى عليها أن تؤديها لأهلها دون ضغوط أو مظاهرات أو مطالبات.. فالحق قديم.. والحق أحق أن يتبع.. وعليها أن تغلق هذا الملف حتى لا يظل هذا الجرح نازفا فى قلب الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.