س: سجل انطباعاتك عن أحوال بلاد العرب فى القرن الحادى والعشرين؟ ج: مخيمات لاجئين تحوى العدد الأكبر من اللاجئين عالميا / نزوح مستمر للسكان / هجرة غير شرعية /أمية / فقر / بطالة / صراعات طائفية ومذهبية وعرقية وقبلية وبين قوى تطرف دينى / احتراب أهلى / انتهاكات للحقوق وللحريات / ظلم وقمع وقيود / معتقلون سياسيون / سجناء رأى / تصفية على الهوية الدينية أو المذهبية أو العرقية / قواعد عسكرية أمريكية / عدوانية إسرائيلية متصاعدة / دولة وطنية انهارت واختفت الصومال / دول وطنية تتفكك وتنهار مؤسساتها العراق وليبيا / دول وطنية تشهد جرائم ضد الإنسانية وصراعات دموية بين نظم حكم فاشية ومعارضة لا تقل عنها فاشية تشوه بحث الناس عن الانعتاق من الظلم والقمع والفساد سوريا / دول وطنية قسمت أو تتنامى بها النزعات الانفصالية السودان واليمن / دول وطنية تحقق معدلات تنمية اقتصادية واجتماعية جيدة إلا أن نخبها تحتكر السلطة وتراكم الثروة وتتعامل مع مواطنيها بالمنح والمنع بهدف الاستتباع وضمان الولاء دول الخليج والجزائر / دول وطنية تواجه تحديات داخلية وإقليمية كبرى ويعتقد نظام حكمها أن حماية الدولة وتماسك مؤسساتها وأجهزتها لن يتأتى إلا باصطناع التعارض بين الأمن والحرية وتقديم الأمن وقمع الحريات وتهجير المواطن (غير المؤيد) من المجال العام وإسكات المعارضين مصر / دولتان وطنيتان تسعيان بمرتكزات مختلفة إلى المزج بين الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة وبين الحقوق والحريات والديمقراطية والعدالة الانتقالية تونس والمغرب. س: إذا كان الحال كذلك والتجربتان التونسية والمغربية يصعب استنساخهما فى بلاد أخرى والكوراث الصوماليةوالعراقية والسورية والليبية ماثلة فى الأذهان والخوف على تواصل تفكك الدول الوطنية وتحولها إلى أشلاء وأطلال وبقايا مؤسسات وجيوش وبيروقراطيات إدارية حاضر بقوة، أليس من الضرورى إذن أن يقدم الحفاظ على تماسك الدول الوطنية ونظم حكمها على المطالبة بالديمقراطية؟ ج: سجلت كثيرا أن الديمقراطية بمكوناتها الأساسية سيادة القانون وتداول السلطة والمشاركة الشعبية واحترام الحقوق والحريات لا تقم لها قائمة بدون دولة وطنية قوية ومتماسكة. سجلت أيضا كثيرا أن الدولة الوطنية يشتد عودها وتتماسك مؤسساتها بالعدل ومقاومة الظلم وبمراقبة ومحاسبة الحكام والحفاظ على كرامة الإنسان وبالحد من الفوارق بين من يملك (سلطة أو ثروة) ومن لا يملك، أى ببناء الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وهنا جوهر الرابطة الإيجابية بين تماسك الدولة الوطنية والديمقراطية، ووفقا لها يصبح المطلوب عربيا إذن هو لملمة أشلاء الدولة الوطنية والوقوف فى وجه النفوذ الخارجى (دولى وإقليمى) وفى وجه معاول التفتيت الداخلية (الطائفية والمذهبية والقبلية والتطرف الدينى والانتهاكات المتراكمة) وإدارة تحول منظم للديمقراطية وللعدالة الاجتماعية يصنع دولا وطنية ناجحة. س: ولماذا تفترض أن لملمة أشلاء الدولة الوطنية والبناء الديمقراطى لا سبيل إليهما بدون البعد العربى؟ لماذا لا تهتم مصر بشئونها فقط وكذلك تفعل البلدان العربية الأخرى؟ ج: لأننا لا نملك ترف تجاهل الأوضاع الإقليمية المحيطة بنا، كما لا يملكه غيرنا إن فى المغرب العربى أو المشرق والخليج. عن نفسى أؤمن بمصيرنا المشترك وأن للعروبة مضامين وجودية وأهدافا ملزمة وأن بناء الديمقراطية فى دولنا الوطنية لن ينجح إلا جماعيا. إلا أنك تستطيع أن تتجاهل كل ذلك وتتعامل مع البعد العربى ببراجماتية صافية، هنا ستدرك أن القوى الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية وقوى التطرف الدينى تنشط إقليميا وأن نظم الحكم المحتكرة للسلطة وللثروة تتضامن إقليميا وأن شرطا رئيسى لنجاح لملمة أشلاء الدولة الوطنية وبناء الديمقراطية هو العمل والترابط والتضامن الإقليمى بين أصوات ومجموعات العدل والحق والحرية والتقدم. س: وإذا أخفقنا؟ ج: ستصبح بلاد العرب بقعة الكرة الأرضية الخارجة عن مسيرة البشرية المعاصرة، وموطن مخيمات لاجئين دائمة، وممالك طوائف ومذاهب وتطرف ودماء لا تنتهى، وفقرا وأمية وبطالة تتصاعد معدلاتها باستمرار، واستباحة لكرامة الإنسان وانتهاك لحق الشباب والأجيال القادمة فى الحياة والأمل. لن نخفق!