«5 يونيو 1982».. تاريخ يحمل الكثير والكثير، ويكفي أنه يوم وفاة الشاعر أحمد رامي، العاشق الذي لم يصرح بحبه لأم كلثوم وظل محتفظًا بسره الذي عرفه الجميع. ولد أحمد رامي في حي السيدة زينب بالقاهرة عام 1892، وتخرج من مدرسة المعلمين، وبعدها سافر إلى باريس في بعثة تعليمية لدراسة الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية بجامعة السوربون. ولعل دراسته للغة الفارسية مكنته من ترجمة رباعيات عمر الخيام، وعاد إلى مصر عام 1945 ليستقر بها ويعمل في الإذاعة المصرية. حين طلب منه أحد الأصدقاء البوح بحبه لأم كلثوم، أجاب قائلا: «الصب تفضحه عيونه»، تلك الكلمات التي غنتها عام 1924 قبل أن تلتق بكاتبها، والذي التقت به لأول مرة بعد أدائها الأغنية على المسرح لأول مرة، وكانت بداية علاقة إنسانية عميقة دامت حوالي 50 عامًا بين الشاعر والمغنية المبتدئة، التي أصبحت فيما بعد كوكب الشرق. ومع أن رامي كان في ذلك الوقت يكتب فقط شعرًا بالعربية الفصحى، على طريقة شاعره المفضل أحمد شوقي، لكن علاقته بالمطربة الشابة أم كلثوم جعلته يلتفت إلى «الشعر الغنائي الهابط السائد في تلك الفترة»، ما أثار حفيظته وقرر أن يحسن من مستوى الأشعار المغناة، فبدأ في كتابة الأغاني باللغة المصرية البسيطة. وكتب لأم كلثوم العديد من الأغاني من بينها: «على بلد المحبوب، كيف مرت على هواك القلوب، افرح يا قلبي، النوم يداعب جفون حبيبي، فاكر لما كنت جنبي، يا ليلة العيد، يا طول عذابي، هلت ليالي القمر»، وغيرها من الأغاني إلى آخر تعاون بينهما في أقبل الليل يا حبيبي. وفي 3 فبراير عام 1975، رحلت أم كلثوم تاركة فراغًا كبيرًا في حياة رامي ولوعة في القلب ظهرت في رثائه لها الذي قال فيه: واليومَ أسمعني أبكي وأبكيها.. وبي من الشَّجْوِ.. من تغريد ملهمتي ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فيها.. وما ظننْتُ وأحلامي تُسامرني استمع إلى أحمد رامي في رثاء أم كلثوم: عاش رامي بعدها 7 سنوات لم يذق فيهم طعم الفرح كما حكى أصدقاؤه ومعاصروه إلى أن لحق بها في 5 يونيو عام 1982.