"التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    هل تسقط احتجاجات التضامن مع غزة بايدن عن كرسي الرئاسة؟    بيني جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو لهذه الأسباب    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    ظهر بعكازين، الخطيب يطمئن على سلامة معلول بعد إصابته ( فيديو)    عماد النحاس: نتيجة مباراة الأهلي والترجي «مقلقة»    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    نصائح لمواجهة الرهبة والخوف من الامتحانات في نهاية العام الدراسي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعد اكتشاف أحفاد "أوميكرون "، تحذير من موجة كورونا صيفية ولقاح جديد قريبا    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    صاحب متحف مقتنيات الزعيم: بعت سيارتي لجمع أرشيف عادل إمام    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    جريمة في شارع ربيع الجيزي.. شاب بين الحياة والموت ومتهمين هاربين.. ما القصة؟    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. النص الكامل لكلمة الرئيس عدلي منصور إلى المصريين
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 06 - 2014


السيد الرئيس/ عدلي منصور
رئيس جمهورية مصر العربية
بمناسبة اختتام الفترة الرئاسية الانتقالية
(الأربعاء: 4 يونيو 2014)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ " (الأعراف:43)
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
اِسْمَحُوا لِي فِي الْبِدَايَةِ .. أَنْ أُهَنِّئَكُمْ عَلَى وَعْيِكُم السِّياسِي .. وحِسِّكُم الْوَطَنِي .. وشُعُورِكُم الرَّفِيعِ بِالْمَسئولِيَّةِ .. لَقَدْ أَثبَتُّمْ أَنَّكُمْ أَهْلٌ لِهَذَا الْوَطنِ الْعَظيمِ .. كَمَا بَرْهَنْتُمْ أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ قَدْرَ وخُطُورَةَ مَا يُوَاجِهُهُ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ .. تَعلَمُونَ مَتَى تَتَّحِدُونَ .. وتَتَّحِدُ كَلِمَتُكُمْ .. مَرَّةً أُخرَى .. تُبهِرُونَ الْجَمِيعَ .. شَعْبَاً ودَولَةً .. لَقَدْ أَنجَزْتُمْ الاِنتِخَابَاتِ الرِّئاسِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكمَلِ.. ويَقِينِي أَنَّكُمْ سَتُنجِزُونَ مَا تَبقَّى مِن اسْتِحقَاقَاتِ خَارِطَةِ مُستَقبَلِنَا عَلَى ذَاتِ النَّحوِ الْمُشَرِّفِ.. لِتَبدَأوا مَرحَلةَ الْبِناءِ الْمُقبِلَة.
إنَّنِي كَمُواطِنٍ مِصريٍّ فَخُورٌ بِهَذَا الْإِنجَازِ الْكَبيرِ الَّذِي قُمْتُمْ بِهِ .. فَخُورٌ بِوَعي وتَصمِيمِ وصَلابَةِ هَذَا الْوَطنِ وشَعبِهِ .. شُكرَاً لَكُمْ .. نَحنُ جَدِيرُونَ بِهَذَا الْوَطنِ وحَضَارَتِهِ .. وإنَّنِي لَعَلَى ثِقَةٍ فِي أنَّنَا سَنَسْتَعِيدُ مَكانَتَنَا ودَورَنَا الرَّائِدَ فِي مُستَقبَلٍ قَريبٍ جِدَّاً.. شُكرَاً لِشَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. عَلَى هَذِه الْمُشَارَكَةِ الْوَاسِعَةِ .. عَلَى الرَّغمِ مِن ارْتِفَاعِ دَرجَاتِ الْحَرارَةِ وصِيَامِ الْكَثِيرِينَ مِنَّا.. وعَلَى الرَّغمِ مِنْ أَنَّ هَذَا الاِسْتِحقَاقَ الاِنتِخَابِيَّ هُوَ السَّابِعُ فِي سِلسِلَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الاِسْتِحقاقَاتِ الاِنتِخَابِيَّةِ .. مُنذُ ثَورَةِ الْخَامِسِ والْعِشرِينَ مِنْ يَناير.
وشُكرَاً لِلدَولَةِ الْمِصرِيَّةِ ومُؤسَّسَاتِهَا الَّتِي حَافَظَتْ عَلَى عَهْدِهَا بِالْحِيَادِيَّةِ والْبَقاءِ عَلَى مَسَافَاتٍ مُتَسَاوِيَةٍ مِنَ الْمُرشَّحَيْنِ .. شُكرَاً لِكُلِّ مَنْ أَسْهَمَ فِي إِنجَاحِ هَذَا الْحَدَثِ الْوَطَنِي .. شُكرَاً لِلحُكومَةِ الَّتِي أَسْهَمَتْ فِي خُروجِ هَذَا الْإنجَازِ الْهَامِّ بِهَذَا الشَّكْلِ الرَّائِعِ .. سَوَاءٌ عَلَى الْمُستَوَى التَّنظِيمِي أو الْأَمنِي.
الْإخْوَةُ وَالْأَخَوَات ..
أُوَجِّهُ حَدِيثِي إِلَيكُم الْيَومَ مُوَدِّعَاً .. بَعدَ أنْ شَرُفْتُ بِرِئاسَةِ جُمْهُورِيَّةِ مِصْرَ الْعَربِيَّةِ مَا يُناهِزُ الْعَامَ .. عَامٌ مِنَ الْمَسْئولِيَّةِ الْجَسِيمَةِ.. والْأمَانَةِ الْكَبيرَةِ.. لَمْ أَكُنْ أَتصَوَّرُ يَومَاً .. وأنَا فِي صُفُوفِ الْجَمَاهِير ِ.. وَطْأةَ الْعِبءِ.. وحَجْمَ التَّحَدِّياتِ .. وصُعُوبةَ الْمُهمَّةِ .. أنْ تَكونَ مَسئُولاً عَنْ بَلَدٍ بِحَجمِ مِصْرَ.. الَّتِي كَمَا تَتَطلَّبُ أَداءً رِئاسِيَّاً .. يَتَنَاغَمُ مَعَ عَظمَةِ تَاريِخِهَا .. ويَتَفَاعَلُ مَعَ وَاقِعِ حَاضِرِهَا .. ويُخَطِّطُ لِقَادِمِ مُستَقبَلِهَا .. فَإنَّها تَفْرِضُ أَيضَاً أَنْ يَكُونَ .. جَادَّاً ودَؤوبَاً .. مُخلِصَاً وأمِينَاً.. يُواجِهُ مُشْكِلَاتِ الْوَاقِعِ السِّيَاسِي والْاِقتِصَادِي والْاِجتِمَاعِي .. ويُدَبِّرُ الْمَوارِدَ اللازِمَةَ لِلتَّغَلُّبِ عَلَيهَا .. ويَحْشُدُ الطَّاقَاتِ .. الَّتِي تَعمَلُ عَلَى تَأمِينِ مُستَقبَلِ هَذَا الْوَطَنِ وأَبنَائِه.
إنَّ تَوَلِّيَ رِئاسَةِ مِصْرَ .. وحَتَّى بِدُونِ الظَّرْفِ التَّارِيخِي الرَّاهِنِ .. مُهمَّةٌ عَظِيمَةٌ.. تَسْتَمِدُ عَظَمَتَهَا .. مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الْبَلَدِ .. الرَّائِدِ فِي مُحيطِهِ الْإقلِيمِي عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ .. مُلتَقَى الْأَديَانِ السَّمَاوِيَّةِ .. مَعبَرِ الْأَنبِيَاءِ .. مَهْدِ الْحَضَارَةِ .. مَنبَعِ الْفُنونِ .. وبَهَاءِ الْعِمَارَةِ .. عَبقرِيَّةِ الْمَكَانِ .. مَركَزِ الْعَالَمِ.. وهَمزَةِ الْوَصْلِ بَينَ قَارَّاتِهِ الْقَدِيمَةِ .. مَشعَلِ الْحُرِّيَّةِ فِي إفرِيقيَا .. بَلَدِ النِّيلِ .. وأَرضِ الْفَيرُوزِ .. وقَناةِ السُّوَيسِ.. مِصْرَ الْأَزهَرِ والْكَنِيسَةِ .. مِصْرَ الْعَرَبيَّةِ والْإفرِيقِيَّةِ والْإسْلَامِيَّةِ والْمُتوَسِّطِيَّةِ .. دُرَّةِ الْعَالَمِ .. ومَحَطِّ أَنظَارِ الْجَمِيع.
لَقَدْ قَبِلْتُ بتِلكَ الْمُهمَّةَ أَداءً لِلوَاجِبِ، ولَعَلَّكُمْ تَعلَمُونَ أنَّنِي لَمْ أَكُنْ أَوَدُّ الْقِيامَ بِهَا .. إلَّا أنَّهُ مِنْ مُنطَلَقِ الْمَسْئولِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ .. ووَفَاءً لِمَا أُدِينُ بِهِ مِنْ أَفضَالٍ لا تُعَدُّ لِهَذَا الْوَطَنِ الْغَالِي .. لَبَّيتُ النِّدَاءَ.. وقَدْ تَحمَّلْتُ .. مَسْئولِيَّاتٍ صَعبَةً والْتِزامَاتٍ جَسِيمَةً .. وحَمَّلْتُ أُسرَتِي .. مَخَاوِفَ أَمْنيَّةً .. وقُيودَاً اِجْتمَاعِيَّةً .. وقَدْ حَرَصْتُ عَلَى أنْ أَكونَ أمِينَاً فِي أدَائِي لِلتَّكلِيفِ .. رَئِيسَاً لِمِصْرَ ولِلمِصرِيينَ .. كُلِّ الْمِصرِيينَ .. لا أَقبَلُ تَدَخُّلاً أو وصَايةً مِنْ أَحَدٍ مِنْ دَاخِلِهَا أو خَارِجِهَا .. أَسْتَمِعُ لِلجَميعِ .. وأُقِيمُ الشُّورَى.. ثُمَّ اَتَّخِذُ الْقَرَاراتِ الْمُناسِبَةَ .. وأَتحمَّلُ مَسْئوليَّتَهَا أَمامَ اللَّهِ والْوَطنِ .. فَلَقَدْ حَرَصْتُ فِي كَافَّةِ هَذِه الْخُطُواتِ .. أنْ أُطَبِّقَ وأُعْلِيَ مَبْدَأَ الشُّورَى .. ودِيمُقراطِيَّةَ اتِّخَاذِ الْقَرارِ.. فَدَعَوتُ إِلَى الْحِوَارِ الْمُجتمَعِي ..مَعَ كَافَّةِ قِطاعَاتِ الشَّعبِ .. وفِي مُقدِّمَتِهِمْ الشَّبابُ.. مُستَقبَلُ الْأُمَّةِ .. قَلبُهَا النَّابِضُ .. ووَعْيُهَا الْمُتفَتِّحُ .. ورُوحُهَا الْوَثَّابَةُ .. وذَلكَ سَواءٌ فِيمَا يَتَعلَّقُ بِأولَوِيَّاتِ إجْراءِ اسْتِحقاقَاتِ خَارِطَةِ الْمُستَقبَلِ .. أو فِيمَا يَرتَبِطُ بِهَا مِنْ قَوَانِينَ ذَاتِ صِلَةٍ .. تَشْهدُ مُسَوَّدَاتُها الْأُولَى .. أَنَّهَا تَغيَّرَتْ وَفقَاً لإرَادةِ الشَّعبِ .. ونُزُولاً عَلَى مُقتَرحَاتِهِ .. ولَيسَ فَرضَاً لِرَأيٍ..أو احْتِكَاراً لِسُلْطَةٍ.
واسْمَحُوا لِي أنْ أَنسِبَ الْحَقَّ لِأَصْحَابِهِ .. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أنَّ الثلاثين من يُونيو تُمَثِّلُ الْإرَادةَ الشَّعبِيَّةَ الْمِصرِيَّةَ، إلَّا أنَّنَا مَا كُنَّا لِنَنْجَحَ فِي تَحقِيقِ هَذِه الْإرَادةِ دُونَمَا الدَّورِ الْوَطَنِي لِرِجَالِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ الْبَواسِلِ .. ورِجَالِ الشُّرطَةِ الْأبطَال.
فَبِاِسْمِ الشَّعبِ الْمِصرِي الَّذِي أَتَى بِي عَلَى رَأسِ الْوَطنِ فِي هَذِه الْمَرحَلَةِ .. أَقولُ لَهُمْ إنَّ التَّارِيخَ الَّذِي عَرَفَ مِصرَ مُوَحَّدَةً مُنذُ مِينَا مُوَحِّدِ الْقُطْرَينِ .. سَيَذْكُرُ لَهُمْ أنَّهُمْ حَالُوا دُونَ سُقوطِ أَقدَمِ دَولةٍ مَركَزِيَّةٍ فِي التَّارِيخ.
السَّيدَاتُ والسَّادَة ..
أَوَدُّ بَعدَ أنْ أنْهَيتُ مُهمَّتِي .. أنْ أُلْقِيَ الضَّوءَ عَلَى مُجْمَلِ الْأوضَاعِ الَّتِي قَبِلْتُ فِيهَا تَوَلِّيَ مَهَامِّ مَنصِبِي الرِّئاسِي .. وَطنٌ يُواجِهُ تَحدِّيَاتٍ لا تُهدِّدُ هُوِيَّتَهُ فَقَطْ .. بَلْ وِحدةَ شَعبِهِ وأرَاضِيهِ .. وَطنٌ مَرِضَ جَسَدُهُ عَلَى مَدارِ عُقودٍ مَاضِيَةٍ .. وأُرِيدَ لِلجَسَدِ الْمُنهَكِ أنْ يُسْتَباحَ فِيمَا تَبقَّى لَهُ مِنْ حَياةٍ .. حَالةٌ مِنَ الاِرتِبَاكِ السِّياسِي .. شَعبٌ ثَارَ عَلَى نِظَامَيْ حُكْمٍ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاثَةِ أَعوَامٍ .. اِحْتِكَارٌ لِلدِينِ والْوَطنِ .. مُنَاخٌ عَامٌّ مِنَ الاِحتِقَانِ السِّياسِي .. ظُرُوفٌ اِقتِصَاديَّةٌ مُرتَبِكَةٌ .. ثُمَّ تَلا ذَلكَ إرهَابٌ أَعْمًى ..لا دِينَ لَهُ ولا وَطنَ.. يُرِيدُ فَرْضَ رُؤاهُ الْمُخالِفَةِ لِحَقيقةِ الدِّينِ .. أُنَاسٌ شَوَّهُوا تَعالِيمَ دِينِنا السَّمْحَةَ .. وقَدَّمُوا لِلعَالَمِ بِأسْرِهِ صُورَةً مَغلُوطَةً عَنِ الْإسْلَامِ الْحَنِيف.
ولِاسْتِكمَالِ الصُّورَةِ .. يُضَافُ إِلَى تَردِّي الْأَوضَاعِ الدَّاخِليَّةِ .. مَوقِفٌ دُوَلِيٌ مُنقَسِمٌ .. مَا بَينَ دُوَلٍ رَبَطَتْ مَصالِحَهَا بِالنِّظامِ السَّابقِ .. واسْتَثمرَتْ فِيهِ .. واتَّخذَتْ إِزَاءَ مِصرَ وثَورَتِهَا الشَّعبِيَّةِ مَوقِفاً سَلبِيَّاً .. فَانْهارَتْ مُخطَّطَاتُهَا عَلَى أَيدِي الْمُخلصِينَ مِنْ أَبناءِ هَذَا الْوَطَنِ .. ودُوَلٍ كَانَتْ تُؤْثِرُ الصَّمْتَ .. ولا تَمُدُّ يَدَ الْعَونِ .. وإنَّمَا تُراقِبُ الْمَوقِفَ .. اِنتِظَاراً لِوضُوحِ مَعالِمِ الْمَشهَدِ السِّياسِي أَكثَرَ فَأَكثَر.. ولا يُخفَى عَلَيكُمْ .. أنَّ ثَورةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو كَانَتْ لَهَا طَبِيعَةٌ كَاشِفةٌ .. أَظهَرَتْ مَعادِنَ الرِّجالِ .. ومَواقِفَ الشُّرفَاء.
فَتَحِيَّةَ تَقديرٍ وامْتِنانٍ لِأشِقَّائنَا الَّذِينَ دَعَمُونَا مُنذُ الْيَومِ الْأَولِ .. الَّذِينَ طَالَمَا تَبادَلَتْ مِصرُ مَعَ دُولِهِمْ الشَّقِيقةِ.. أَدوارَ الْمُسَاندةِ والتَّأييدِ فِي الشَّدَائدِ.. تَحيَّةً إلَى الْمَملكَةِ الْعَربيَّةِ السُّعودِيَّةِ.. ودَولةِ الْإمَاراتِ الْعَربيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ .. ودَولةِ الْكُوَيتِ .. ومَملكَةِ الْبَحرَينِ .. والْمَملكَةِ الْأُردُنيَّةِ الْهَاشِميَّةِ .. ودَولةِ فَلَسطِين.
أمَّا لِلمُعَسْكَرِ الآخَرِ.. فَأقُولُ.. إنَّ مِصرَ قَدِيمَةٌ قِدَمَ التَّارِيخِ.. كَانَتْ وسَتَظلُّ بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى .. بَاقِيَةً خَالِدَةً .. بِكُمْ أو بِدُونِكُمْ .. سَواءٌ كُنتُمْ مَعَهَا أو عَلَيهَا .. واعْلَمُوا أنَّهَا عَائِدةٌ لَا مَحَالَة لِدَورِهَا ومَكانتِها فِي الْمِنْطَقَةِ .. شِئتُمْ أَمْ أَبَيتُمْ .. فَهَذَا قَدرُهَا .. وهَذِه رِسَالتُهَا .. رِسَالةٌ تَفرِضُهَا مُقوِّمَاتُها التَّارِيخيَّةُ والْجُغرافِيَّةُ والْبَشرِيَّةُ .. وأمَّا اسْتمرَارُكُمْ فِي مَواقِفِكُم الْخَاطِئةِ .. فَأثرُهُ الْوَحيدُ زِيادَةُ كُلْفَةِ تَصوِيبِ تِلكَ الْمَواقِفِ فِي الْمُستَقبَل.
الْإخْوَةُ والْأَخَوَات ..
وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ إدرَاكِي لِطَبيعَةِ الْمُهمَّةِ .. الَّتِي اخْتَرْتُ تَوافُقاً مَعَهَا أنْ أُدِيرَ الْبِلادَ.. ولا أَحكُمَهَا .. فَقَدْ آلَيتُ عَلَى نَفسِي ألَّا أُخَالِفَ رَغبَةَ الشَّعبِ .. مَا دَامَتْ مُتَوافِقَةً مَعَ صَالِحِ الْوَطنِ .. ولا تَتَنَاقَضُ مَعَ مَا أَتَاحَهُ لِي الْمَنصِبُ الرِّئاسِيُّ مِنِ اطِّلاعٍ عَلَى مَعلُومَاتٍ لَيسَتْ مُتَاحَةً .. فَقَد اِسْتَجَبْتُ لِنَبضِ الشَّعبِ.. حِرصاً عَلَى إنجَازِ الْمَرحلَةِ الاِنتِقالِيَّة.
لَمْ أَتعصَّبْ أَبداً لِرَأيٍ .. أو أُصِرْ عَلَى وِجهَةِ نَظَرٍ .. وكُنتُ مُدرِكاً تَماماً .. عَلَى قِصَرِ الْمُهمَّةِ.. الَّتِي لَمْ تَتجَاوَزْ عَاماً وَاحِداً .. أنَّ لِكُلِّ مَرحَلَةٍ مِنْهَا .. رِجَالَهَا الْقَادِرِينَ عَلَى إدَارَتِها .. وإنجَازِ ما تَوافَقَتْ عَلَيهِ الْقُوَى الْوَطَنِيَّةُ فِي خَارِطَةِ الْمُستَقبَلِ .. ورَغْمَ التَّحَدِّياتِ الْأَمنِيَّةِ .. والظُّروفِ الْمُحتَقِنَةِ .. نَجحْنَا فِي إِقرَارِ دُستُورِ مِصرَ الْجَديدِ .. بِنِسبَتَي مُشارَكَةٍ ومُوافَقَةٍ.. غَيرِ مَسبُوقَتَين.
وهَا نَحْنُ قَدْ أَنْجَزْنَا الاِسْتِحقَاقَ الرَّئيسِيَّ الثَّانِيَ.. وهُو الاِنْتِخابَاتُ الرِّئاسِيَّةُ.. لِأُسَلِّمَ رَايةَ الْوَطنِ للرَئيسِ المُنتَخَبِ.. لِيُكْمِلَ الْمَسيرَةَ.. ويَقُودَ هَذِه الْأُمَّةَ.. نَحوَ آفَاقِ التَّقدُّمِ والاِزْدِهَار.
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
لَقَدْ أَولَيتُمُونِي أَمانَةَ الْعُبورِ بِوَطنِنَا فِي ذَلكَ الظَّرفِ الدَّقيقِ .. عُبورٌ كَانَ مِنَ اللادَولَةِ إلَى الدَّولَةِ .. ومِنَ الْوَطنِ الْمُستَبَاحِ .. إلَى الْوَطنِ المُصَانِ .. أُسَلِّمُ مِصرَ الْيَومَ .. لِلرَئيسِ الَّذِي اِئتَمَنَهُ الشَّعبُ عَلَى المَسئولِيَّةِ .. بِوَاقعٍ جَديدٍ .. لَنْ أَدَّعِيَ أنَّهُ الْمَنشُودُ .. ولَكِنَّنِي أَستَطِيعُ أنْ أَقولَ وبِكُلِّ ثِقةٍ .. إِنَّهَا أَفضلُ كَثِيراً مِمَّا كَانَتْ عَلَيهِ لَدَى تَسَلُّمِي مُهمَّتِي فِي يُوليو 2013.
دَولَةٌ لَهَا دُستُورُهَا.. وَرَئِيسُهَا المُنْتَخَبُ.. وسَنُكْمِلُ بِإذْنِ اللَّهِ فِي قَريبٍ عَاجلٍ .. اِنتِخَابَ بَرلمَانِنَا .. وعَلَى الصَّعيدِ الدُّوَلِي تَستَعِيدُ مَكانَتَهَا اللائِقةَ والْمُناسِبةَ ..
سِياسِيَّاً واقْتِصَادِيَّاً .. فَكُلُّ يَومٍ نَكْسِبُ أو نَستَعِيدُ أَصدِقاءَ لَنَا .. ونَشهَدُ تَعدِيلاتٍ إِيجَابيَّةً
فِي مَواقِفِ كَثيرٍ مِنَ الْأَطرَافِ الَّتِي لَمْ تُدرِكْ مَاهِيةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو .. وتَحَسُّنَاً فِي
تَصنِيفِ مِصرَ الاِئتِمَانِي .. وحِزَمَ تَحفِيزٍ اِقتِصاديٍ .. تُشَجِّعُ عَلَى الاِسْتِثمَارِ ..
وتَخطِيطاً لِمَشرُوعَاتٍ اِقتِصَادِيَّةٍ عِملَاقَةٍ .. وقَبلَ هَذَا وذَاكَ .. إِرهَاصَاتِ تَحقِيقِ آمَالِ وطُمُوحَاتِ أَبنَاءِ الشَّعبِ الْمِصرِي الْعَظِيمِ .. الَّتِي سَتَتَحقَّقُ .. بِإِرادَةِ نُفُوسِهِمْ .. وأَفكَارِ عُقولِهِمْ .. وقُوَّةِ سَوَاعِدِهِمْ .. وعَرَقِ جِبَاهِهِمْ.
واعْلَمُوا يَا أَبناءَ مِصرَ أنَّهُ لا يَضُرُّنَا مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَينَا .. وأنَّهُ بِفَضلِ وَعْيِكُمْ وعَزِيمَتِكُمْ الْقَويَّةِ .. لَنِ تَرَى مِصرُ احْتِكَاراً لِلوَطنِ أو الدِّينِ بَعدَ الْيَومِ .. واعْلَمُوا أَيضاً أنَّهُ لَنْ يُسَاوِمَ أَحَدٌ الشَّعبَ مَرَّةً أُخرَى عَلَى الْخُبزِ مُقَابِلَ الْكَرَامَةِ .. ولا عَلَى الْأَمْنِ مُقَابِلَ الْحُرِّيَّةِ.. فَسَيَأتِي الْخُبزُ بِكَرامَةٍ مَا دُمْنَا اهْتَدَينَا بِالْعَمَلِ سَبِيلاً .. فِي وَطنٍ خَيرَاتُهُ بَاتَتْ لِأَبنَائِهِ.. وسَيَأتِي الْأَمْنُ مَا دَامَتْ الْحُرِّيَّةُ الْمَسئولَةُ ضَامِنَةً لَهُ ولِبَقَائِهِ بِفَضلِ غِيرَةِ ووَطَنِيَّةِ الْمِصرِيين.
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
إنَّنِي لَعَلَى ثِقةٍ فِي أنَّ رَئيسَ مِصرَ، سَيتَّقِي اللَّهَ فِي هَذَا الْبَلدِ الْعَظيمِ .. وفِي شَعبِهِ الْكَريمِ .. فَيَكُونُ لَهُمْ قَائِداً عَظِيمَاً .. وأَبَاً رَحِيمَاً .. وأَقولُ لَهُ أَحْسِنْ اِخْتِيارَ مُعَاونِيكَ.. فَهُمْ سَنَدُكَ ومُعِينُوكَ عَلَى مَا سَيُواجِهُكَ مِنْ مُشكِلاتٍ دَاخِليَّةٍ صَعبَةٍ .. ووَضعٍ إقلِيمِيٍ مُضطَرِبٍ .. ووَاقِعٍ دُوَلِيٍ لا يَعرِفُ سِوَى لُغَةِ الْقُوَّةِ والْمَصالِحِ.. وتَقتَضِي الْأَمانَةُ أنْ أُحَذِّرَ مِنْ جَمَاعَاتِ الْمَصالِحِ.. الَّتِي تَوَدُّ أنْ تَستَغِلَّ الْمُناخَ السِّياسِيَّ الْجَديدَ لِطَمْسِ الْحَقائقِ.. وغَسْلِ السُّمعَةِ .. وخَلْقِ عَالَمٍ مِنَ الاِسْتِفادَةِ الْجَشِعَةِ.. يُمَكِّنُ هَذِه الْفِئاتِ مِنِ اسْتِعادَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ.. يَوَدُّ الشَّعبُ الْمِصرِيُّ ألَّا تَعودَ أبداً.
وأُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِالْمَرأةِ الْمِصرِيَّةِ خَيراً .. فَلَقَدْ أَثبَتَتْ عَبرَ تَجارِبَ دِيمُقرَاطِيَّةٍ مُتوَالِيَةٍ.. أَنَّ مُشارَكَتَهَا نَشِطَةٌ فَاعِلَةٌ .. ووَعْيَهَا نَاضِجٌ مُتَحَضِّرٌ .. ويَتَعيَّنُ أَنْ تَشهَدَ مَرحَلَةُ الْبِنَاءِ الْمُقبِلَةُ .. طَفرَةً حَقيقِيَّةً لِتَمكِينِ الْمَرأةِ .. سَواءٌ فِي الْمَناصِبِ السِّياسِيَّةِ والتَّنفِيذِيَّةِ .. أو عُضوِيَّةِ بَرلَمَانِنَا الْمُقبِلِ .. وثِقَتِي كَامِلَةٌ فِي أنَّكُمْ سَتَمنَحُونَ الْمَرأةَ الْمِصرِيَّةَ كَافَّةَ حُقوقِهَا .. الَّتِي تَتَنَاسَبُ مَعَ حِرْصِهَا عَلَى التَّفَاعُلِ مَعَ تَحَدِّيَاتِ الْوَطنِ والْإِسهَامِ فِي بِنَاءِ مُستَقبَلِهِ.
وأَقولُ لَكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ .. إنَّ الْقَضاءَ الْمِصرِيَّ الشَّامِخَ هُوَ الْحِصْنُ الْمَنِيعُ .. الَّذِي يُحقِّقُ مُحاسَبةً عَادِلةً .. ويَضَعُ كُلَّاً فِي نِصَابِهِ الصَّحِيحِ .. فَإنْ كُفِلَ لِلقَضَاءِ الْمِصرِي اِسْتِقلالُهُ.. إِعْمَالاً لِنُصُوصِ الدُّستُورِ .. ضُمِنَ إِحقَاقُ الْحَقِّ .. وإِقرَارُ الْعَدَالَةِ .. فَالْعَدلُ أَساسُ الْمُلْكِ .. كَمَا أُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِهَذَا الشَّعبِ الصَّابِرِ خَيرَاً .. فَحُقوقُ الْإِنسَانِ لا تَقتَصِرُ عَلَى الْحُقوقِ السِّياسِيَّةِ والْحُرِّيَّاتِ الْمَدَنِيَّةِ .. الَّتِي يَجِبُ أنْ تُعَظَّمَ وتَزدَهِرَ.. وإنَّمَا تَمتَدُّ لِتَشمَلَ نِطَاقاً أَوسَعَ .. ومَفهُوماً أَعمَقَ .. يَرتَبِطُ ارْتِباطاً مُباشِراً بِالتَّنمِيَةِ .. والْحُقوقِ الاِقتِصَادِيَّةِ والاِجتِمَاعِيَّةِ.. ولِذَا أَقولُ اِجْعَلْ تَنمِيةَ الْمَناطِقِ الْمَحرُومَةِ نُصْبَ عَينَيكَ.. الْعَشْوَائِيَّاتُ ومَا تُمَثِّلُهُ مِنْ تَحَدٍّ كَبِيرٍ .. والصَّعيدُ.. وسَيناءُ.. الصَّحراءُ الْغَربيَّةُ .. ومَرسَى مَطرُوح .. ومُثلَّثُ حَلايبَ وشَلاتِين.
وأَخِيراً أَتَمنَّى لَكَ.. كُلَّ التَّوفِيقِ والنَّجاحِ فِي إِنجَازِ مَهامِّكَ الثَّقِيلَةِ وأَعبَائِكَ الْجَسِيمَةِ .. أَعانَكَ اللَّهُ عَلَيهَا .. ولِيُوفِّقْكَ .. بِمُسَاعدةِ شَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. لِسُلوكِ طَريقِ الْحَقِّ والرَّشَاد.
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ سِجِلَّ وَفَاءِ الْمِصرِيينَ لِوَطَنِهِمِ سِجِلٌّ حَافِلٌ .. قِيَمٌ وقَامَاتٌ لا تُحْصَى .. وفِي شَتَّى الْمَجَالاتِ .. قَصَّرَ الْوَطنُ فِي حَقِّ الْبَعضِ مِنْهُمْ ومَازَال .. ولَقَدْ حَرَصْتُ مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى رَدِّ بَعضِ الْحُقوقِ لِأَصحَابِهَا .. حَتَّى وإنْ جَاءَتْ الْحُقوقُ مُتَأخِّرَةً وغَابَ أَصحَابُهَا .. فَمِصرُ لا تُنكِرُ عَلَى أَبنَائِهَا فَضْلَهُمْ، ولا تَبْخَسُ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ إِبدَاعَاتٍ أو تَضْحِيَاتٍ .. أو خَدَمَاتٍ جَليلَةٍ قَدْرَهَا وحَقَّهَا .. فَمِصرُ وأَديانُهَا السَّمَاوِيَّةُ عَلَّمَتْنَا دَومَاً قِيَمَاً نَبِيلَةً .. عَلَى رَأسِها الْوَفاءُ والْعِرفانُ والتَّقدِيرُ .. لِكُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِهَذَا الْوَطنِ عَملاً صَالِحاً ونَبِيلاً.
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ التَّارِيخَ سَيَكْشِفُ يَوماً الْحَقِيقةَ .. وسَتَعلَمُونَ حِينَها.. حَجْمَ مَا خُطِّطَ ودُبِّرَ لِمِصرَ.. صُعُوبَةَ الْمَرحَلَةِ .. ودِقَّةَ الظَّرفِ التَّارِيخِي .. والْمَسئولِيَّةَ الْمُلقَاةَ عَلَى عَاتِقِ مِصرَ .. لَيسَ فَقَطْ لِلحِفَاظِ عَلَى وِحدَتِهَا وسَلَامَةِ أَرَاضِيهَا .. وإنَّمَا أَيضاً لِلدِفَاعِ عَنِ الْعَالَمِ الْعَرَبِي بِأَسْرِه.
واعْلَمُوا أنَّ عَودَةَ مِصرَ إلَى مَكانِهَا الرَّائِدِ إقلِيمِيَّاً .. واللائِقِ دُوَلِيَّاً .. لَنْ تَتَأَتَى إلَّا بِإصْلاحِ الدَّاخِلِ أَولاً .. بِدَولَةٍ تَسْتَرِدُّ قُوَّتَهَا مِنْ خِلَالِ إِعْلاءِ الْمَصَالِحِ الْوَطَنِيَّةِ .. والاِبْتِعَادِ عَنْ ضِيقِ الْأُفُقِ.. ونَبْذِ التَّركيزِ عَلَى الْمَصالِحِ الشَّخصِيَّةِ .. أو الْمَطَالِبِ الْفِئوِيَّةِ .. أو التَّوَجُّهاتِ الْحِزبِيَّةِ .. فَكَافَّةُ دَوائرِ أَمنِنَا الْقَومِي مُهَدَّدَةٌ.
ورُبَّمَا تَكونُ هَذِه الْمَرَّةُ الْأُولَى فِي تَارِيخِنا .. الَّتِي يَشتَعِلُ فِيهَا مُحيطُنَا الْإِقلِيمِيُّ بِكَافَّةِ جِهَاتِهِ.. فَاعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً .. ولا تَفَرَّقُوا .. وكُونُوا عَلَى قَدْرِ الْمَسئولِيَّةِ .. ولا يَغُرَّنَّكُمْ دَعَوَاتٌ لا تَستَهدِفُ سِوَى إِضرَارِ هَذَا الْوَطنِ .. واعْتَبِرُوا مِنْ تَجَارِبِ الآخَرِينَ حَولَكُمْ .. فَكَمْ مِنْ دَولَةٍ شَقِيقَةٍ تَفكَّكَتْ .. وكَمْ مِنْ أَروَاحٍ عَربِيَّةٍ أُزهِقَتْ خِلَالَ السَّنواتِ الْأَخيرَةِ.. حَتَّى بَاتَ مِنَ الصَّعبِ إِحصَاؤُهَا.
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
وإذَا كَانَ حَديثِي إلَيكُم الْيَومَ .. حَدِيثَ وَداعٍ .. فَلا أُخفِيكُمْ أنَّهُ تَحْزُنُنِي حَالَةٌ مِنَ الاِنْفِلاتِ الْأَخْلاقِي والْقِيَمِي .. بَدَأَتْ إِرهَاصَاتُهَا تَلُوحُ فِي مُجتَمعِنَا الْمِصرِي .. بِالْمُخالَفَةِ لِتَعالِيمِ الْإِسْلامِ والْمَسِيحِيَّةِ .. وبِمُجَافَاةٍ لِمَنظُومَتِنا الْقِيَمِيَّةِ.. ومِنْ هَذَا الْمُنطَلَقِ فَإنَّ مُجتَمعَنَا الْيَومَ فِي أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إلَى تَجدِيدِ الْخِطابِ الدِّينِي .. تَجدِيداً وَاعِياً مَسئولاً .. تَجدِيداً يَلِيقُ بِمَكانَةِ مِصرَ الْإِسْلامِيَّةِ .. بَلَدِ الْأَزهَرِ الشَّرِيفِ .. مَنَارَةِ الْعِلْمِ .. الَّتِي صَّدَّرَتْ عَبْرَ عُلمَائِهَا الْأَجِلَّاءِ عُلُومَ الْإِسْلامِ إلَى الدُّنيَا كُلِّهَا .. وسَاهَمَتْ بِفَعَالِيَةٍ فِي نَشْرِ تَعَالِيمِهِ السَّمْحَة.
إنَّنَا بِحَاجَةٍ إلَى خِطابٍ دِينيٍ يَحْفَظُ قِيَمَ الْإِسْلامِ وثَوابِتَهِ .. ويُعِيدُ إِحياءَ رُوحِهِ الْحَقِيقيَّةِ..يَسمُو بِالنُّفوسِ.. ويُهَذِّبُ الْأَخلاقَ.. ويُحِيلُ تَعالِيمَهُ إلَى وَاقعٍ عَملِيٍ مُطبَّقٍ فِي حَياتِنَا الْيَومِيَّةِ.. نَنشُرُ مِنْ خِلَالِهِ مَعَانِيَ الرَّحمَةِ والْإِنسَانيَّةِ .. الصِّدقَ والْأَمَانَةَ .. وكَافَّةَ مَكارِمِ الْأَخلَاقِ .. الَّتِي بُعِثَ نَبيُّنَا الْكَرِيمُ لِيُتَمِّمَهَا .. وذَلكَ بَعيداً عَنِ التَّعَصُّبِ أو التَّحَزُّب.
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ تَجدِيدَ الْخِطابِ الدِّينِي يَتَعيَّنُ أنْ يَكونَ جُزءَاً مِنْ حَركَةٍ تَنوِيرِيَّةٍ شَامِلَةٍ .. لا تَقتَصِرُ فَقَطْ عَلَى الْجَانبِ الْأَخلاقِي والْقِيَمِي .. وإنَّمَا تَستَهدِفُ الاِرتِقَاءَ بِالذَّوقِ الْمِصرِي الْعَامِّ .. وتُشارِكُ فِيهَا كَافَّةُ الْمَرافِقِ الثَّقافِيَّةِ .. سَواءٌ الْقَومِيَّةُ أو الْخَاصَّةُ .. فَكُتَّابُ مِصرَ وأُدبَاؤهَا .. وشُعرَاؤهَا وصَحفِيُّوهَا وإِعلامِيُّوهَا .. وفَنَّانُوهَا ومُبدِعُوهَا .. مَدعُوونَ جَميعاً .. لِلمُساهَمةِ الْفَاعِلَةِ .. الْجَادَّةِ والمَوضُوعِيَّةِ .. فِي هَذِه الْحَركةِ التَّنوِيريَّةِ .. لِإعَادةِ إِحيَاءِ الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ الْمِصرِيَّةِ .. بِرَفْضِهَا الْفِطرِي لِلتَعَصُّبِ .. وكُرهِهَا الطَّبِيعِي لِلإِرهَابِ .. بِحُبِّهَا لِلتَسامُحِ .. وبِقُبُولِهَا لِلآخَرِ .. أَعِيدُوا لِلشَّعبِ الْمِصرِي قُدرَتَهُ عَلَى تَذَوقِ الْفُنونِ الرَّاقِيَةِ .. واسْتِلهَامِ مَعَانِيهَا .. وتَحقيقِ أَهدَافِهَا.
إِخْوَتِي فِي الْوَطنِ .. مَسِيحِيي مِصر ..
كَمَا كَانَتْ مِصرُ رَائِدةً سَبَّاقةً لِنَشرِ الدَّعوَةِ الْإِسْلامِيَّةِ .. وإِيصَالِ صُورَةِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقِيَّةِ .. فَإنَّ مِصرَ الْقِبطِيَّةَ جُزءٌ لا يَتَجزَّأُ مِنْ نَسيجِ هَذَا الْبَلدِ الطَّيبِ الْمُبارَكِ .. ومُكَوِّنٌ أَصِيلٌ مِنْ تَارِيخِ مِصرَ الثَّرِي.
فَأَقُولُ لِأقبَاطِ مِصرَ لَقَدْ أَسْهَمْتُمْ إِسْهَاماً كَبِيراً فِي نَسيجِ هَذِه الْأُمَّةِ الْمِصرِيَّةِ ..
اِرتَوَتْ سَيناءُ الْمُبارَكَةُ بِدِمَائِكُم الَّتِي اِختَلَطَتْ بِدِمَاءِ إِخوَتِكُم الْمُسلِمِينَ فِي مَلحَمَةِ نِضَالٍ وَطنِيٍّ.. ضَرَبَتْ لِلعَالَمِ أَجمَعَ .. أَسمَى مَعَانِي الْوِحدَةِ .. والاِنْدِمَاجِ فِي حُبِّ الْوَطنِ..وقَدْ ظَلَّتْ مِصرُ بِمُكَوِّنِهَا الْمَسِيحِي وَلَّادَةً مِعطَاءَةً .. فَجَادَتْ بِخِيرَةِ أَبنائِهَا مِنَ الْمَسِيحِيينَ .. الَّذِينَ سَاهَمُوا إسْهَامَا جَلِيلاً فِي كِتابَةِ تَارِيخِ هَذِه الْأُمَّةِ .. وصِنَاعَةِ حَاضِرِهَا .. واسْتِشرَافِ مُستَقبَلِهَا .. الْحَكِيمُ الرَّاحِلُ الْبَابَا شِنُودَة الثَّالِث .. مَكرَم عِبيد.. فُؤاد عَزيز غَالِي .. بُطرُس بُطرُس غَالِي.. كَمَال الْمَلَّاخ.. د. لوِيس عَوَض.. د. يُونَان لَبِيب رِزق.. د. مَجدِي يَعقُوب .. وغَيرُهُمْ كَثِيرُونَ .. شَخصِيَّاتٌ وَطنيَّةٌ.. لا يُنكَرُ لَهَا فَضْلٌ.. ولَمْ تَتَقاعَسْ عَنْ أَداءِ وَاجِبٍ ..
مُوقِنٌ أنَّ عَطَاءَكُمْ سَيَستَمِرُّ .. وأنَّ مُسَاهَمَاتِكُمْ فِي بِناءِ هَذَا الْوَطنِ سَتَظَلُّ ثَرِيَّةً .. مُتَعَدِّدَةً وسَخِيَّةً.. فَقَدْ شَارَكْتُمْ فِي ثَورَتَينِ مَجِيدَتَينِ جَنباً إلَى جَنبٍ مَعَ إِخوَتِكُمْ الْمُسلِمِينَ.. أَعَدْتُمْ إلَى أَذهَانِنَا صُورَةً حَيَّةً لِرُوحِ ثَورَةِ 1919 الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا الْهِلالُ مَعَ الصَّلِيبِ..حَقِيقةً مُؤكَّدَةً .. ووَاقِعاً مَلمُوساً .. لا شِعَارَاتٍ رَنَّانَةً.. أو مَقُولاتٍ جَوفَاءَ.
وكَمَا تَعلَمُونَ .. يَتَعرَّضُ بَلدُنَا الْآمِنُ .. الْمُبارَكُ شَعبُهُ .. إلَى مُحَاولاتٍ آثِمَةٍ لِزَعزَعَةِ أَمْنِهِ واسْتِقرَارِهِ .. وبَثِّ رُوحِ الْفُرقَةِ والشِّقاقِ بَينَ أَبنَائِهِ .. إنَّ قَدَمَ الْإِرهَابِ حَمقَاءُ الْخُطَى .. لَمْ تُفرِّقْ بَينَ مُسلِمٍ ومَسِيحِيٍ .. بَينَ مَسْجِدٍ أو كَنِيسَةٍ .. حَصَدَتْ فِي طَرِيقِهَا أَروَاحاً بَرِيئةً .. ونُفوسَاً حَالِمَةً بِمُستَقبَلٍ مُشرِقٍ .. طَالَتْ يَدُ الْإِرهَابِ الْخَبِيثَةُ ذَوِينَا وأَحبَّاءَنَا .. فَأدْمَتْ قُلُوبَنَا جَميعاً وآلَمَتْ الْوَطن.
وأُخَاطِبُكُم الْيَومَ بِرُوحِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقيَّةِ .. بِرُوحِهِ الَّتِي تّجَلَّتْ قِيَمُهَا ظَاهِرَةً فِي الْعُهْدَةِ الْعُمَرِيَّةِ الَّتِي قَطَعَهَا الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لِمَسِيحِيي الْقُدْسِ، حِينَمَا فَتحَ الْمَدينَةَ عَامَ 638 مِيلَادِيَّة .. الْعُهْدَةِ الَّتِي أَمَّنَتْ الْمَسِيحِيينَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ وصَوَامِعِهِمْ وصُلبَانِهِمْ.. عَلَى دِينِهِم وأَموَالِهِمْ.
لَقَدْ جَدَّدَتْ مِصرُ مَعَكُمْ رُوحَ هَذِه الْعُهْدَةِ ومَبَادِئهَا .. مِصرُ الدَّولَةُ الْمُسْلِمَةُ الَّتِي تَتَّخِذُ مِنْ قِيَمِ ومَبَادِئِ الشَّريعَةِ الْإِسْلامِيَّةِ السَّمْحَةِ الصَّحِيحَةِ أَساساً لِتَشرِيعَاتِهَا .. مِصرُ الَّتِي تَحفَظُ وَصِيَّةَ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ (ص) .. "اسْتَوصُوا بِقِبْطِ مِصْرَ خَيراً؛ فَإنَّ لَكُمْ فِيهِمْ ذِمَّةً ورَحِمَاً".. مِصرُ الَّتِي تُؤمِنُ .. أَنَّنا سَنَظَلُّ دَوماً وإلَى انْقِضَاءِ الدَّهرِ .. أُمَّةً وَاحِدةً.. تَتَعَلَّمُ وتَعمَلُ .. تَبنِي وتُشَيِّدُ .. وتَدعُو إِلَهَهَا الْوَاحِد.
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات .. بِكُلِّ الْإِجْلَالِ والتَّقدِيرِ.. أَنْعِي أَروَاحَ شُهَدائِنَا الْأَبرارِ .. الَّذِينَ جَادُوا بِأَروَاحِهِمْ رَخِيصةً.. مِنْ أَجلِ أنْ يَحيَا الْوَطنُ.. كُلَّ الشُّهَداءِ.. شُهَداءُ ثَورَتَي 25 يَناير و 30 يُونيو.. وشُهَداءُ قُوَّاتِنَا الْمُسلَّحَةِ وجِهازِ الشُّرطَةِ .. شُهَداءُ مِصرَ.
واسْمَحُوا لِي أنْ أُشَارِكَكُمْ أَصْعَبَ مَا وَاجَهْتُ فِي هَذَا الْعَامِ الَّذِي مَضَى .. ومَنَعَتْنِي ضَوَابِطُ الْمَنصبِ الرِّئاسِي مِنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ فِي حِينِهِ .. فَلا أُخْفِيكُمْ .. أَنَّ تَكرِيمَ أَروَاحِ شُهدَاءِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ والشُّرطَةِ .. وتَسلِيمَ ذَوِيهِمْ الْأَنوَاطَ والْأَوسِمَةَ .. كَانَ مِنْ أَصْعَبِ الْمَواقِفِ الْإِنسَانِيَّةِ الَّتِي عَايَشْتُهَا فِي حَياتِي .. فَقَدْ تَنَازَعَتْنِي مَشَاعِرُ قَويَّةٌ .. وخَوَاطِرُ مُتدَفِّقَةٌ.. طَالَمَا جَاهَدْتُهَا لِأَتَمَاسَكَ .. فَمَاذَا عَسَاي أَنْ أَقُولَ .. لِأُمٍ ثَكْلَى.. أو لِزَوجَةٍ مُترَمِّلَةٍ .. أو لاِبنٍ أو اِبنَةٍ.. فَقَدَا الْأَبَ الْعَائِلَ .. مَصْدَرَ الْحِمايَةِ والسَّنَدِ .. هَلْ سَتُعَوِّضُ كَلِمَاتُ الْعَزاءِ والْمَواسَاةِ .. أو أيُّ تَكرِيمٍ مَادِيٍّ أو مَعنَوِيٍّ .. لَحظَةً وَاحِدَةً لِتَواجُدِ أيٍّ مِنْ هَؤلَاءِ الشُّهَداءِ بَينِ مُحبِّيهِ وذَوِيهِ.. رَاعِياً لِأُسرَتِهِ وحَاضِنَاً لِأَبنَائِهِ.. فَمَنْ أَحَبَّ وأَوْفَى .. لا يَنسَى ولا يُنسَى.. إنَّهُ فِرَاقٌ ألِيمٌ.. وحِرمَانٌ أَبَدِيٌّ .. أَدعُو اللهَ لَهُمْ دَائِماً .. أنْ يُخفِّفَ عَنهُمْ .. وأنْ يَتلَطَّفَ عَلَيهِمْ بِرفْقِهِ .. وأنْ يَجمَعَنَا وإيَّاهُمْ بِأحِبَّائِنَا فِي مُستَقرِّ الرَّحمَةِ والرِّضوَانِ.. وأَدعُو مِصرَ دَولةً وشَعباً أنْ تَجتَهِدَ فِي أنْ تُعَوِّضَ مَا لا يُعوَّضُ دَعمَاً ومُسانَدةً .. تَقدِيراً وعِرفَاناً لِتَضحِيَاتِ أَعزِّ الرِّجَال.
الإِخْوَةُ والأَخَوَات ..
شَعْبَ مِصْرَ النَبِيل ..
أَتوَجَّهُ إليكم مِنْ مَقَامِي هَذَا .. بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقدِيرِ.. لِمَا غَمَرْتُمُونِي بِهِ.. فِي خِتَامِ مُهِمَتِي.. مِنْ مَشَاعِرَ إِنْسَانِيَّةٍ رَفِيعَةٍ.. عَبَّرْتُمْ فِيهَا عَنْ تَقدِيرِكُمْ لِمَا أَدَّيتُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَطنِيٍّ .. شُكراً لِكُلِّ رَجُلٍ وامْرَأةٍ مِنكُمْ .. عَلَى هَذَا التَّقدِيرِ وتِلكَ الْمَشاعِرِ النَّبِيلَةِ .. الَّتِي تَوَّجْتُمْ بِهَا مُهمَّتِي .. سَعَادَتِي غَامِرَةٌ بِمَشاعِرِكُمْ تِلكَ .. الَّتِي هِي أَسْمَى مَا فِي تَجرِبَتِي هَذِهِ .. ومَا كُنْتُ أَطْمَعُ فِي أَكثَرَ مِنهَا مَغنَمَاً.. كما أتوجه بالشكر لِكُلٍّ مِنْ مَعَالِي الدُّكتُور/ حَازِم الْبِبلاوِي .. ومَعَالِي الْمُهندِس/ إِبراهِيم مَحلَب.. وحُكومَتَيِهِمَا اللتَينِ عَمَلَتَا مَعِي بِكُلِّ جِدٍ وإِخْلاصٍ.. مِنْ أَجلِ عُبورِ هَذِه الْمَرحَلةِ الدَّقِيقَةِ مِنْ تَارِيخِنَا الْمُعاصِرِ.. وفِي ظُروفٍ بِالِغَةِ الدِّقَّةِ والصُّعوبَةِ.. لِتَحقِيقِ تَماسُكِ الْأَوضَاعِ فِي الدَّاخِلِ .. وإِيضِاحِ حِقيقَةِ الْمَشهَدِ فِي الْخَارِجِ .. وأُقَدِّرُ بِكُلِّ صِدقٍ .. كُلَّ جَهدٍ مُخلِصٍ .. بَذَلَتْهُ الْأَجهِزةُ الْمُعاوِنةُ فِي الدَّولةِ .. أو بَذَلَهُ أَيُّ مُواطِنٍ مِصرِيٍّ .. لِإعْلاءِ مَصلَحةِ هَذَا الْوَطَن.
كَمَا أَتوَجَّهُ بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقديرِ .. إلَى كُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِي عَوناً أو مَشُورَةً مِنْ مُستَشَارِيَّ .. الَّذِينَ لَمْ يَبخَلُوا بِعِلمِهِمْ وخِبرَتِهِمْ وجَهدِهِم.. الْأَمرُ الَّذِي انْعَكَسَ عَلَى قَرارَاتِي الَّتِي اِتَّخذْتُهَا خِلالَ فَترةِ إدَارَتِي لِلبِلاد.. والشُّكرُ مَوصُولٌ لِلعَامِلِينَ فِي مُؤسَّسَةِ الرِّئاسَةِ .. لِمَا أَبْدُوه مِنْ أَداءٍ طَيبٍ .. ورُوحٍ بَنَّاءَةٍ مُتجَرِّدَةٍ .. مِمِّا سَاهَمَ إيجَابِيَّاً فِي خَلْقِ بِيئةِ عَمَلٍ مُوَاتِيَةٍ فِي تِلكَ الْمُؤسَّسَةِ الْوَطَنِيَّةِ .. صَاحِبَةِ التَّقَالِيدِ الْعَرِيقَة.
وبِكُلِّ صِدْقٍ وتَجَرُّدٍ .. وبِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ صَافِيَةٍ .. خَالِيَةٍ مِنْ أَيَّةِ مَصالِحَ شَخصِيَّةٍ.. فَأَنَا أُوَدِّعُكُمْ الْيَومَ .. أَقُولُ لَكُمْ .. اسْتَوصُوا بِمِصرَ خَيراً .. أَحِبُّوهَا عَمَلاً .. لا قَولاً.
هَذَا الْوَطنُ.. طَالَمَا كَانَ .. وسَيَظَلُّ بِإذْنِ اللَّهِ .. مُتَّسِعَاً لَنَا جَميعاً.. نَعيشُ عَلَى أَرضِهِ .. ونَستَظِلُّ بِسَمَائِهِ .. لِيَرحَمْ بَعضُكُمْ بَعضاً .. ولِيَترفَّقْ قَويُّكُمْ بِضَعيفِكُمْ.. ولِيُوقِّرْ صَغيرُكُمْ كَبيرَكُمْ .. اعْمَلُوا كَثِيراً .. وتَحدَّثُوا قَلِيلاً .. كُونُوا عَلَى ثِقةٍ فِي أنَّ غَرْسَكُم الطَّيبَ .. سَيَخرُجُ نَبَاتُهُ طَيبَاً بِإذْنِ اللهِ .. وتَعرَّفُوا إلَى اللَّهِ فِي الرَّخاءِ .. يَتعرَّفُ إلَيكُمْ فِي الشِّدَّة.
صَفُّوا نُفوسَكُمْ .. واغْسِلُوا قُلوبَكُمْ بِالمَحبَّةِ والْوَفاءِ .. لِوَطنِكُمْ .. ولِبَعضِكُم الْبَعض .. فَإنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ .. حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ .. وأَحسِنُوا الظَّنَ بِاللَّهِ .. فَهُوَ الْقَائلُ جَلَّ وعَلا فِي حَدِيثِه الْقُدسِي : "أَنَا عِندَ ظَنِ عَبدِي بِي".
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
أبناء مصر الكرام ..
كَانَ عَهدُنَا لَكُمْ أنْ تَبقَى الدَّولةُ.. وأنْ تَظلَّ رَايتُهَا مَرفُوعَةً خَفَّاقَةً.. وبِتَوفِيقٍ ونَصرٍ مِنَ اللهِ .. أُرِيدَ لَنَا أنْ نُوفِيَ بِالْعَهدِ .. وإنَّنِي لَعَلَى ثِقةٍ بِأنَّ الْمُستَقبَلَ يَحمِلُ لِهَذَا الْوَطنِ غَداً مُشرِقاً.. وإنْ كَانَتْ أَرضُهُ مُخَضَّبَةً بِدِماءِ الْأَبرِياءِ .. وسَمَاؤهُ تَشوبُهَا بَعضُ الْغُيومِ .. لَكِنَّ أَرضَ بِلادِي سَتَعودُ .. سَمراءَ بِلَونِ النِّيلِ .. خَضراءَ بِلَونِ أَغصَانِ الزَّيتُونِ .. سَمَاؤهَا صَافِيَةً .. تَبعَثُ بِرياحِ النَّجَاحِ والْأَملِ.. دَومَاً كَمَا كَانَتْ.. وشَعبُ بِلادِي .. شَعبٌ أَصيلٌ.. حَضارِيٌّ عَريقٌ.. عَلَّمَ الدُّنيَا .. مَعَانِيَ الْإِنسَانِيَّةِ والْمُروءَةِ .. وأَنَا فِي انتِظَارِ الْعَودةِ .. عَمَّا قَرِيبٍ.. عَودَةٌ إلَى هُوِيَّتِنَا الْمِصريَّةِ.. إلَى قِيَمِنَا النَّبيلَةِ .. وحَضارَتِنا الْفِطريَّةِ.. أَرضٌ تَطرَحُ أَمنَاً .. وسَماءٌ تُمْطِرُ مَحبَّةً .. وشَعبٌ مِعطَاءٌ كَريمٌ .. لِنَعُدْ جَميعاً كَمَا كُنَّا دَومَاً.. فِي الْوَطنِ.. ولِلوَطنِ.. وبِالوَطنِ نَحيَا .. بَلْدَةٌ طَيَّبَةٌ .. ورَبٌّ غَفُورٌ.
فَاللَّهُمَّ أَلِّفْ بَينَ قُلوبِنَا.. وأَصْلِحْ ذَاتَ بَينِنَا .. واهْدِنَا سُبُلَ السَّلامِ .. واحْفَظْ لَنَا مِصرَنَا .. ومَتِّعْنَا فِيهَا بِالْأَمْنِ والرَّخَاءِ .. واجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِأَنْعُمِكَ .. مُثْنِينَ بِهَا عَلَيكَ وأَتِمَّهَا عَلَينَا.
والسَّلامُ عَلَيكُمْ ورَحمَةُ اللهِ وبَركَاتُه،،،
**********


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.