محافظ شمال سيناء: 1228 مركب صيد تنطلق في بحيرة البردويل    العدوان مستمر.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على وسط قطاع غزة    مراسل القاهرة الإخبارية: التصعيد بين حزب الله وإسرائيل مستمر وسط حراك لوقف إطلاق النار    كم نقطة تفصل ريال مدريد عن التتويج بالدوري الإسباني؟    وزارة الرياضة تستقبل الوفود المشاركة بملتقى الشباب الدولي للذكاء الإصطناعي    مصرع شخص في حادث انقلاب سيارة نقل بالفيوم    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    أول رد من مها الصغير بعد شائعة طلاقها من أحمد السقا : بطلوا تعملوا ترندات على حساب الحياة الشخصية للناس    عبارات تهنئة يمكن استخدامها في موسم شم النسيم 2024    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    توريد 29 ألف طن قمح إلى مراكز التجميع في البحيرة    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة غدًا    الزمالك يفاوض ثنائي جنوب أفريقيا رغم إيقاف القيد    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    صندوق النقد الدولي: تدفقات نقدية بنحو 600 مليون دولار لمصر من الطروحات الحكومية في الربع الأخير من 2023-2024    الدكتور خالد عامر نقيباً لأطباء أسنان الشرقية    ال دارك ويب أداة قتل طفل شبرا الخيمة.. أكبر سوق إجرامي يستهدف المراهقين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للجامعات.. تفاصيل    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    تعليق سلوى محمد علي بعد جلستها المثيرة للجدل في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    «حياة كريمة» تنظم قافلة طبية وبيطرية بقرية نبتيت في الشرقية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بدء أعمال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    وزير الري يشارك فى فعاليات "مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه"    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشهر تلاميذ متى المسكين.. باسيليوس المقاري ل«الشروق»: قرعة اختيار البابا غير موجودة بقوانين الكنيسة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 05 - 2014

• علاقة الكنيسة بالدولة يجب أن تتمثل فى الصلوات وليس فى التصريحات
• اختفاء الفتيات سببه تصدع بنيان الرعاية فى الكنيسة.. وطلاق الأقباط أمر يخص المحاكم
• التعليم الروحى فى مدارس الأحد متراجع.. والسبب استبداله بالمهرجانات والفوازير
البعض يفسر معنى كلمة العزلة باعتزال الحياة والناس، وحينما يسأل شخص عن معنى العزلة فيجد معناها فى وصفها بالرهبنة، وحقيقة الأمر أن العزلة ليست انفصالا عن العالم البشرى والمجتمع، فالراهب يساهم بطريقة أو بأخرى فى تمريض وعلاج النفس البشرية المتعبة.
بهذه الكلمات الموجزة تحدث إلينا الراهب باسيليوس المقارى، أشهر تلاميذ الأب الروحى للأقباط «متى المسكين» عن الرهبنة التى قضى فيها 41 عاما، كان فى فيها المؤتمن على طباعة كتب الأب الروحى للأقباط متى المسكين، وكان أمينا على ما علمه أستاذه فى الرهبنة واللاهوت الأرثوذكسى، فألف 7 كتب، وترأس مجلة مرقس التى تصدر عن دير أبو مقار بوادى النطرون، ورشحه الأراخنة لمنصب البابا فى الانتخابات البابوية الأخيرة، ولكنه قرر أن يقضى بقية حياته فى الرهبنة.
«الشروق» التقت الراهب باسيليوس المقارى بدير أبو مقار لعرض مشكلات اختفاء الفتيات، واعتراض البعض على لائحة الاحوال الشخصية للأقباط، وكيف يرى علاقة الدولة بالكنيسة، وتأثيرها على الأقباط اجتماعيا، وإلى الحوار..
• كيف ترى علاقة الكنيسة بالدولة الآن؟ وما الذى يجب أن تكون عليه؟
بحسب قول المسيح رأس الكنيسة ومؤسسها والذى اقتناها بدمه، الكنيسة هى نور العالم، ومصر على الأخص، والكنيسة تصلى فى قداساتها من أجل مصر وسلامة حدودها ورؤسائها ونيلها وزروعها، وحتى من أجل الهواء والرياح.. وهى يجب أن تكون قدوة لها، ومعزية ومشاركة لها فى محنها وآلامها، ليس بالكلام ولا بالتصريحات، بل بصلوات وقدوة سلوك وتقوى وقداسة شعبها وقادتها، وتمسكهم بوصايا المسيح وشرائع الكنيسة القبطية المسلمة من المسيح ورسل المسيح، والمجامع المسكونية الثلاثة (التى ضمت كل أساقفة الكنائس فى العالم آنذاك وهى: مجمع نيقية سنة 315، والقسطنطينية سنة 381، وأفسس سنة 431).
• لماذا يلجأ الأقباط دائما إلى الكنيسة فى حال وقوع أزمات تمسهم، مثل اختفاء فتيات أو حدوث مشكلات طائفية، بدلا من لجوئهم للدولة؟
اختفاء الفتيات يرجع إلى عدم التربية الروحية منذ الصغر. كما يرجع إلى تصدع بنيان الرعاية فى الكنيسة بسبب التمسك بما يسمى راع بدون رعية أى أسقف عام، ومن جهة أخرى، فإن اللائحة الحالية منذ 1957 فتحت الباب إلى الطموح إلى المناصب الأعلى وأعطت له الشرعية، فلا عجب اليوم فى القرن الحادى والعشرين من حدوث ما يسمى باختفاء الفتيات وكثرة حالات الطلاق، أما المشكلات الطائفية ولجوء الشباب للكنيسة، هى لعبة مشتركة نشأت بين الكنيسة والدولة، الكنيسة ربما كانت تستريح لذلك، وأما الدولة فأيدت هذا الوضع لكى تريح دماغها من دوشة مشكلات الأقباط.
• هل ترى أن الكنيسة القبطية كان يمكن أن يكون لها دور فى حل أزمة أثيوبيا خصوصا أنها كانت مرتبطة بالكنيسة الأثيوبية قديما؟
إثيوبيا بعد الإطاحة بالإمبراطور هيلاسلاسى عام 1974 أصبحت دولة مدنية، ليس للدين ولا للكنيسة الإثيوبية بربيبتها الكنيسة القبطية، أى تأثير على مجريات الأمور السياسية فيها، وأعتقد أن تأخر الدولة هنا فى أن يكون لها حضور قوى فى أفريقيا هو سبب أزمة السد، وكل دولة تبحث عن رقيها وتقدمها واستغلال مواردها، ولكن الحكم الشمولى فى مصر منذ 1952 وحتى 30 يونيو 2013 لم يكن يهتم بتحويل مركز مصر كقلب أفريقيا إلى تعاون ومشاركة داخل بلاد أفريقيا، ليس بالكلام ولا بالزيارات الروتينية، بل بالاقتصاد المصرى القوى الذى كان يمكنه أن يساهم ماديا فى مشاريع أفريقيا وليس إثيوبيا فقط، وبالتالى كان سيتاح لمصر النفوذ والحرص على أمان مصر من أى خطر يأتى من هذه المشاريع.
• ما رأيك فى ظهور بعض الائتلافات والحركات القبطية مثل اتحاد شباب ماسبيرو وائتلاف أقباط مصر وغيرها من الحركات الاحتجاجية القبطية؟
أسلوب تعامل بعض الوعاظ مع الشباب القبطى فى نصف القرن الماضى، أفرز جيلا خالى الفكر عن حقيقة عمل المسيح والروح القدس فى الإنسان المسيحى فى حياته وفى خياراته الاجتماعية اليومية. وقد أدخلوا فى ذهن الشباب أن يكون رجل الدين هو المرجع فى حل مشكلات الحياة الاجتماعية التى يقابلها الشاب فى حياته. وأغفلوا وأبعدوا عمل المسيح والروح القدس داخل كل إنسان على حدة، عن أن يكون هو المرشد له فى حياته اليومية، وقد ساهم فى هذا إلى حد كبير تراجع التعليم الروحى فى مدارس الأحد واستبداله بالمهرجانات والمسابقات والفوازير والأنشطة الاجتماعية والرياضية، مما أفرز أيضا حالة التقوقع بين الشباب القبطى داخل الجامعات حول ما يسمى «الأسر الجامعية» التى كانت ضربة قاصمة لاستقلال شخصيات الشباب القبطى الاجتماعية كل شاب على حدة.
• كيف ترى رسامة عشرات من الأساقفة فى مرحلة سابقة من تاريخ الكنيسة فى ظل وجود عدد كبير من أساقفة الكنيسة وتزايد المشكلات التى يتعرض لها الأقباط يوميا؟
لا يوجد شىء اسمه «أسقفية على شىء» وليس على «شعب فى موقع جغرافى محدد»، الأسقفية رعاية لنفوس بشر وليست منصبا إداريا أو رئاسيا من وراء مكتب، الأسقف بشعبه والشعب بأسقفه حول المذبح المقدس حيث تقديم سر الإفخارستيا يعلنان معا كنيسة المسيح رأس الكنيسة لتتشفع من أجل مصر والعالم.
كما أن هناك قانونا قديما فى الكنيسة يقول: (يجب ألا ينصب أسقف لقرية أو مدينة صغيرة أو حتى موضع كبير يمكن أن يكتفى فيه برسامة قس واحد، لئلا يزرى بالأسقف، أو لئلا يستخف باسم الأسقف، أو لئلا يصير اسم الأسقف رخيصا) مجمع سرديقا.
لذلك كان يكتفى حتى عهد البابا يوساب الثانى (19461956) والبابا كيرلس السادس برسامة مطران أو أسقف فى عاصمة المحافظة، وينتدب قساوسة ذوى مواهب خاصة ويصلى عليهم الصلوات الخاصة بالإيغومانس (قمص) فى كل مركز من المراكز التى تتبع عاصمة المحافظة ليكون بمثابة وكيل للمطران لينهى الأعمال الكنسية الإدارية وغيرها التى تختص بشعب هذا المركز.

لحظة إعلان اسم البابا تواضروس خلفًا للبابا شنودة - تصوير: روجيه أنيس

• كيف كان يتم اختيار البطريرك قبل لائحة 1957، وإذا كانت شروط اختيار البطريرك قبل لائحة 57 مختلفة عما جاء فى اللائحة، لماذا تم تعديلها؟
منصب الأب البطريرك منصب رئيسى فى الكنيسة القبطية وكان يتم اختياره وحتى أواخر القرن التاسع عشر بأن يتوجه أراخنة الشعب القبطى، أى كبار رجال الأقباط ومعهم بعض الأساقفة إلى مقر الأديرة فى الصحارى، ويستشيرون شيوخها ورؤساءها فيمن يصلح ليكون بطريركا، ولم يرد فى تاريخ الكنيسة على مدى 20 قرنا أن فكر أسقف واحد من هؤلاء أن من حقه الترشح لهذا المنصب بدلا من الراهب.
وبطريرك الأقباط كان ينظر إليه دائما على أنه شخص قديس دارس للكتب المقدسة وقوانين الكنيسة وعقائدها المسلمة من أباء الكنيسة من خلال المجامع المسكونية
والبطريرك ليس رئيس جمهورية سيرتب شئون الأقباط اليومية من سياسية إلى اجتماعية إلى اقتصادية، بل هو مسئول أولا عن خلاص نفوسهم وسيسأل عن هلاك أى منهم فى اليوم الأخير.
ولم يكن يوجد فى تقليد اختيار البطريرك ما نصت عليه لائحة 1957 من تقديم طالب البطريركية استمارة يملؤها على طريقة «من يجد فى نفسه الكفاءة فليتقدم» ويذهب للبطريركية ليسلمها طالبا أن يصير بطريركا، ومن أشهر الحوادث فى هذا الصدد ما حدث فى اختيار البابا يوحنا (البطريرك ال72)، إذ تقدم أحد الرهبان وكان يسعى جهده لدى الحكام «ليفوز» بهذا المنصب، وفى المجلس الذى عقده الحكام نادى الأساقفة والكهنة وجاهروا أمام رجال الحكم قائلين:
(لن يكون للأقباط بطريرك إلا منْ طلبوه هم ورغبوا فيه، ولا يكون هو الطالب ولا الراغب، وهذا هو القانون الذى سار عليه الشعب القبطى منذ اعتناقه المسيحية وإلى وقتنا هذا) (منتصف القرن الثانى عشر).
• القرعة الهيكلية أقرتها لائحة انتخاب البطريرك الجديدة مجددا فى ظل محاولات رفض وجودها لمخالفتها للقوانين الكنسية.. هل القرعة الهيكلية منصوص عليها بالقوانين الكنسية أم لا؟
لا وجود لها نهائيا فى أى من قوانين الكنيسة، والذى وضعها كان له غرض محدد لا علاقة له بمشيئة الله.. هذه خدعة دخلت سنة 1957، وليس لها مرجع فى أى من قوانين الكنيسة، وهى تعبر أولا عن السياسة الجديدة لحكام ثورة 1952 التى كانت تحتم رضاء وموافقة الرئيس على اسم البطريرك، ومثله الموافقة على أسماء شيخ الأزهر ورؤساء القطاعات الكبرى فى الدولة.
• كيف ترى المحاكمات الكنسية فى الكنيسة القبطية ومدى تطابقها مع القوانين الكنسية؟ وإذا كانت غير مطابقة كيف يمكن تعديلها؟
المحاكمات الكنسية لها فلسفتها من الإنجيل، ومن الممارسات الآبائية، ومن نصوصها فى القوانين الكنسية، ومن طرق المحاكمات فى المجامع المسكونية الثلاثة. ولكن لابد أولا من تنقية التعليم اللاهوتى من التأثيرات الكاثوليكية والغربية التى دخلت على العلم اللاهوتى القبطى الأرثوذكسى خلسة وفى ظروف معينة وذلك فى أوائل القرن العشرين، ثم فى النصف الأخير من القرن العشرين، حتى لا يستخدم القانون الكنسى فى غير ما وضع من أجله وهو الحفاظ على التقليد الكنسى من أى انحراف.
ولقد نشرت فى كتاب «التدبير الإلهى فى بنيان الكنيسة» عام 2000 شرحا لمفهوم القضاء الكنسى ووضعت اقتراحا بمشروع للمحاكمات الكنسية لمن يريد أن يستفيد منه.
• كيف يمكن حل مشكلات طلاق الأقباط فى ظل لائحة الكنيسة الحالية؟
الزواج فى المسيحية سر كنسى وهو زواج من امرأة واحدة فقط، ولكن كوضع طبيعى فى حالات وجود شخصين معا، قد يحدث خلاف بسبب الضعف البشرى من تغير وتعارض الطباع أو لأى سبب آخر، وفى أغلب الأحيان قد يستطيع الطرفان التغلب على هذه المشكلات الطارئة، ولكن فى حالات استثنائية قد تحدث مشكلات أخرى لا يستطع الطرفان حلها مما يؤدى إلى الطلاق بالمحكمة، لذلك لا مفر هنا من إلقاء معظم المسئولية أولا على تقصير التربية الروحية منذ الصغر (مدارس الأحد)، ثم على تقصير الرعاية بزيارات الافتقاد الروحى، لذلك أرى أنه يجب تكوين جماعات روحية بين العائلات فى كل حى وكل إيبارشية للافتقاد ولمحاولات الإصلاح والتوفيق بين الأسر المتنازعة.
أما استسهال حل مشكلة الطلاق بإصدار القوانين (مثل القانون الجديد) ذات العقوبات الأبدية على المذنب وبدون العقوبات لغير المذنب، فهذا أمر يخص المحكمة المدنية وليس الكنيسة.
والمسيح رفض أن يكون قاضيا لقضايا الأحوال الشخصية بقوله: «من أقامنى عليكما قاضيا» (إنجيل لوقا 12: 14)، فلا يصح أن يقوم خادم المسيح بمهمة القاضى التى رفضها المسيح رأس الكنيسة فيحكم على المذنب بالموت الأبدى أى عدم الزواج الأبدى! والموت أرحم من عدم الزواج الأبدى. والمشكلات المتراكمة للطلاق سببها توقف ممارسة عمل الشفاء فى الكنيسة.
• لائحة انتخاب البطريرك أقرت حق الأسقف العام فى الترشح لمنصب البطريرك وأقرته للمطران وأسقف الإيبارشية فى حالة الضرورة. ما هى حالات الضرورة التى تسمح بذلك؟ وهل يجوز ترشح أسقف عام لمنصب البطريرك؟
أولا ليس فى المسيحية مبدأ «الضرورات تبيح المحظورات»، وثانيا لا يوجد لا فى تاريخ الكنيسة ولا فى أقوال وكتابات الآباء ما يسمى بالأسقف العام. هذا اسم ابتدع فى منتصف القرن العشرين، وأول من لقب نفسه بهذا اللقب هو المتنيح الأنبا إغريغوريوس، إذ هو الذى كتب بنفسه تقليد رسامته بأنه «أسقف عام على قاعدة الكرازة المرقسية»، وقد سرى هذا الاسم فى الكنيسة مع أنه لا يوجد فى تقليد الكنيسة ولا فى صلوات رسامة الأسقف مثل هذه التعبيرات، ولذلك يشترط فى شرعية الرسامة إجماع الرعية أى شعب الإيبارشية على اختيار أسقفهم. لأنه بحسب المبدأ الكنسى القائل: «الأسقف بشعبه والشعب بأسقفه».
فما يسمى ب«الأسقف العام أو أسقف بلا إيبارشية» مع منْ يتحد؟ كمثل انعقاد سر الزيجة لرجل فقط فى غياب وجود زوجة ويقولون هذا «زوج عام»!
ويحرم القانون الكنسى وضع أيدى الأساقفة على رأس منْ سبق أن وضعت على رأسه أيدى الأسقفية من قبل وإلا يحرم هو والذين وضعوا أيديهم على رأسه للمرة الثانية وبالتالى يحرم الصلاة على جثمانه بعد موته.
• كيف ترى مدارس الأحد وتأثيرها فى حياة الأقباط، فى ظل كثير من الانتقادات بسبب تباين الأفكار والأساليب المستخدمة فى التعليم وتشويش للأهداف وتضاربها أحيانا؟
فى بدء حبرية القديس البابا كيرلس السادس (سنة 1959) حدث موقفان مصيريان خاصان بمدارس الأحد بواسطة الرهبان المحيطين بالبابا آنذاك يوضحان لنا سبب تغير مدارس الأحد عن وضعها الأول. الموقف الأول: إجراء عملية تطهير للجنة العليا لمدارس الأحد من أعضائها الذين كانوا هم قادة ومن كبار الخدام الموجهين الروحيين للخدام فى فروع مدارس الأحد. وقد أتى إعفاؤهم بسبب أنهم كانوا يقرأون الكتابات التى بدأ يكتبها الأب متى المسكين، أو لأنهم كانوا يزورونه ويسترشدون بأفكاره، والموقف الثانى: عام 1962 تعيين أسقف لمدارس الأحد وللتعليم «الأنبا شنودة» تكون مهمته تكفير كتابات الأب متى المسكين فى اجتماعات الشباب والخدام فى مدارس الأحد. ومن هذين الموقفين نعرف لماذا اختفت الرسالة الروحية لمدارس الأحد التى كنا نخدم فيها سابقا، والتى كان قد بدأها منذ أوائل القرن العشرين المتنيح القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس. ومن هذين الموقفين نستنتج لماذا أصبحت مدارس الأحد على ما هى عليه الآن. أما تطويرها فهو فى يد المسئولين عنها، ويكمن فى الرجوع مرة أخرى للخدمة الروحية التى تهدف إلى خلاص النفس والنمو الروحى فى معرفة المسيح بالروح القدس الساكن فى الإنسان، دون خلطها بالأنشطة الأخرى التى لا منفعة من ورائها فى التربية الروحية التى هى عمل مدارس الأحد أولا وأخيرا.
• كيف ترى حال البحث العلمى فى الكنيسة وغياب الصلة بين المعاهد الدينية فى مصر وما يقابلها فى العالم؟
فى أوائل منتصف القرن العشرين انضم لهيئة تدريس الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية كوكبة من كبار العلماء الأقباط، وعلى رأسهم الدكتور عزيز سوريال عطية، وظلوا يرتقون بالمستوى العلمى للكلية الإكليريكية، ولكن سرعان ما غادر كل هؤلاء الأساتذة الكلية فور رسامة أسقف للكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية أواخر عام 1962.
ولكن فى العام الدراسى الحالى (2013/2014) ضم البابا تواضروس الثانى مجموعة من الأكاديميين من جامعة القاهرة ومن الجامعات الأكاديمية فى ألمانيا واليونان وغيرهم إلى هيئة التدريس بالكلية الإكليريكية. وهذه خطوة طيبة وتبشر بالخير، ونرجو أن تكون خطوة لاكتمال وتنامى وامتداد العمل الأكاديمى فى سائر المؤسسات العلمية فى الكنيسة القبطية.
• كيف ترى حال الرهبنة فى الكنيسة القبطية الآن؟
فى عام 1969 كلف البابا القديس كيرلس السادس الأب الطوباوى القمص متى المسكين بإعادة الحياة الرهبانية إلى دير القديس أنبا مقار. وقد نجح الأب متى المسكين إلى حد كبير بمعونة الله وبجهد شخصى كبير فى ذلك، ولكن بعد نياحته فى 8 يونيو سنة 2006 ثم بعد استقالة نيافة الأنبا ميخائيل من رئاسة الدير فى شهر مارس 2009، حدثت فى الدير نكسة محدودة وغير مؤثرة. ولكن البابا تواضروس بحكمته أسرع بعد رسامته وطلب من رهبان الدير انتخاب من يرونه كفؤا لقيادة الدير واستدراك واسترجاع الحياة الرهبانية «كما عرفناها عن دير أنبا مقار» بحسب تعبير قداسة البابا، وهكذا رسم نيافة الأنبا إبيفانيوس أسقفا ورئيسا للدير.
• هل ترى علاقة بين ما يتعرض له الأقباط من مشكلات اجتماعية «مثل حرق الكنائس واختطاف الأقباط وتدمير ممتلكاتهم» وبين التصريحات السياسية من بعض رجال الكنيسة؟
حرق الكنائس أو بيوت العبادة المختلفة أو ما تذكره فى السؤال من التعرض للأقباط، هى جرائم منكرة لم تحدث فى مصر طوال تاريخها، مهما كانت هوية الغزاة، فما بالك إن كانوا مواطنين وإخوة فى وطن واحد، وهى ليست لها أى مبرر ولا سبب يحتج به فاعلوا هذه الجرائم. والكنيسة التى تسمى «البيْعة» وجمعها «بيع» قيل عنها فى القرآن الكريم: «وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا». فماذا تسمى الاعتداء على بيوت الله؟ والله أعلى من كل تعديات البشر ليظل هو وحده الرب الأعلى على الكل.
وأما التصريحات السياسية على فم رجال الدين فهى ممجوجة، ورجل الدين دائما من فمه تطلب الشريعة، وهو منْ يصلى فى الخفاء وراء الأبواب المغلقة ولا يسمعه إلا الله، كما قال المسيح (إنجيل متى 6: 5، 6)، أو داخل الكنيسة مع شعبه فى الصلوات الطقسية.
أزمات الكنيسة
الكنيسة طيلة تاريخها كانت تمر بأزمات، ولكنها فى معظمها لم يكن لها يد فى حدوث الأزمات لأنها كانت تعتمد على الصلاة والتقوى الشخصية لأبنائها وبناتها وقداسة سيرة خدام الكنيسة، وفى معظم هذه الأزمات أيضا كانت تحت اضطهاد ولكن فى كل هذه الاضطهادات كانت الكنيسة القبطية فى قوة روحية وتتقوى أكثر فأكثر بسبب الصلاة والصوم وحياة التقوى للشعب وخدام الكنيسة، وهذا كان أقوى درع وسند وحماية للكنيسة القبطية فى مصر. هذه هى ما تسميه «الروشتة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.