من منارة علمية إلى ساحة يومية لمظاهرات طلابية واشتباكات لا تتوقف مع قوات الأمن.. باتت جامعة الأزهر شاهدًا على دماء تسيل يومياً وحالات متزايدة من الحبس بحق طلابها، واتهامات أمنية لأنصار الإخوان من الطلاب باتخاذ «العنف شعارًا لهم». «الدم والاعتقال» مبرران يرفعهما اتحاد طلاب جامعة الأزهر وحركة طلاب ضد الانقلاب لتنظيم مسيرات يومية تنتهي بطبيعة الحال بتدخل قوات الأمن التي ترى أن هؤلاء الطلاب «خارجون عن القانون ويقفون في وجه هيبة الدولة». «العبد والأمن.. إيد واحدة» عدد من طلاب جامعة الأزهر تحدثوا ل«بوابة الشروق» ورووا تفاصيل ما شاهدوه خلال اشتباكات اليومين الماضيين.. وقال محمود الأزهري المتحدث باسم حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة الأزهر، إن حركته دعت للتظاهر أمام مبنى إدارة الجامعة أمس الاثنين، احتجاجًا على قرارات الفصل التي صدرت بحق عدد من زملائهم، مشيرًا إلى أن المظاهرات بدأت بالفعل في الساعة الحادية عشرة صباحًا. «محمود» أضاف: «عدد من الطلاب علموا بوجود الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، بمركز صالح كامل، فتوجهوا للتظاهر أمام المركز وحطم بعض الطلاب المتحمسين سيارتين ترجع إحداهما لرئيس الجامعة». وتابع: «على الفور، طلب رئيس الجامعة من وزارة الداخلية التدخل، وخلال خمس دقائق من التظاهر أمام مكان تواجد العبد كانت قوات الأمن تملأ الجامعة، وقامت بفض التظاهرة». «خرطوش في كل مكان» «أحمد عبد الحافظ الطالب بكلية اللغات والترجمة توفى أول أمس الأحد إثر إصابته بخرطوش في مؤخرة رأسه»، بحسب ما قاله زميله «أحمد- الطالب بجامعة الأزهر»، مشيرًا إلى أن مظاهرة أخرى بدأت في المدينة الجامعية عند الساعة الواحدة بعد فض مظاهرة الجامعة، وبمجرد خروج المظاهرة من بوابة المدينة توجهت نحوهم مدرعات من أمام قسم ثاني مدينة نصر الذي يبعد حوالي 100 متر عن بوابة المدينة. وأضاف «أحمد»: «بعد قدوم قوات الأمن رجع الطلاب بسرعة إلى المدينة وأغلقوا البوابة من الداخل، إلا أن عددًا من قوات الأمن اعتلوا العمارات المواجهة للمدينة في شارع مصطفى النحاس، وأطلقوا الخرطوش وقنابل الغاز تجاهنا، حتى أصيب أحمد عبد الحافظ بطلقة خرطوش انفجرت كاملة في مؤخرة رأسه، حسب ما ذكر الطبيب». أما «عمر- طالب بجامعة الأزهر» وزميل الطالب المتوفى أيضًا، فذكر أنهم نقلوه إلى المستشفى الميداني في مبنى عبد الفتاح الشيخ حتى جاءت الإسعاف لنقله إلى مستشفى الزهراء بالعباسية وبعد ربع ساعة من وصوله للمستشفى علمنا بوفاته. «الضرب في المليان» «عبدالله أحمد- الطالب بكلية التجارة» لقي مصرعه كذلك بعد إصابة تلقاها في رأسه أثناء تواجده أمام المسجد بالقرب من باب المدينة الجامعية. وروى محمد عاطف، رئيس اتحاد طلاب الجامعة ل«بوابة الشروق» الواقعة، قائلا: «أثناء تواجده بالمدينة عند الساعة الثانية ونصف بعد تفريق المسيرة، كان يقف على بعد خطوات من عبدالله الذي أصيب في رأسه بطلقة خرطوش أدت إلى انفجار دماغه وتفتت مخه على الأرض». وتابع: «قناصة الأمن وقفوا أعلى المباني المواجهة للمدينة وكانوا يطلقون النار بكثافة على المتواجدين عند المسجد أو بالقرب من الباب، حتى إنهم لم يتمكنوا من جمع أجزاء مخ ودماغ (عبدالله) المتناثرة على الأرض، إلا بعد ثلث ساعة»، على حد قوله. وذكر: «نقلنا عبدالله إلى مبنى أبو بكر القريب من باب المدينة، ثم نقلناه إلى مبنى الإدارة الطبية بالمدينة، والذي لا يوجد فيه سوى شخص واحد، كان قلب عبدالله مازال ينبض، ولكنه كان على وشك الموت، إذ إن دماغه قد تفتت تمامًا». وأشار رئيس اتحاد طلاب الجامعة إلى أن جثة عبدالله بقيت في المدينة حتى صُلّيتْ عليه الجنازة في المدينة بعد العشاء، عندما جاء أهله لاستلامه. «لغز سيارة اللواء شاهين» واستمرارًا للحديث عن اشتباكات الاثنين، قال محمود الأزهري إنهم علموا من مصدر داخل إدارة الجامعة أن اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكري، كان في اجتماع مع رئيس الجامعة أثناء تظاهر الطلاب، وأن سيارته تحطمت مع سيارة «العبد»، مشيرًا إلى أن التدخل السريع لفض المظاهرة كان ردًا على تحطيم السيارة. أما إدارة جامعة الأزهر، فنفت على لسان أحمد زارع المتحدث باسم الجامعة، أن تكون سيارة اللواء ممدوح شاهين قد تحطمت في الأحداث، لافتًا إلى أن السيارة المشار إليها تخص ابنه الطالب في الدراسات العليا بالجامعة، موضحًا أن عددًا من الطلاب يعتدون على المنشآت والسيارات. كما قال: «حطم الطلاب المشاغبون سيارات قيادات الجامعة بأكملها، وهو ما استدعى تواجد الأمن بشكل دائم داخل الجامعة للحفاظ عليها». «الداخلية تُبرّئ نفسها» وبالتوازي مع ما سبق، نفت وزارة الداخلية استخدامها للخرطوش أثناء فض المظاهرات بجامعة الأزهر، لافتة إلى أنها لا تستخدم سوى الغاز المسيل للدموع، وأنها لم تقتل أحدًا من الطلاب. وذكرت الوزارة: «علينا انتظار تقرير الطب الشرعي.. طلاب الإخوان هم من يبدأون بالاعتداء على المنشآت والشرطة، مما يضطرها لإطلاق الغاز لتفريقهم».