قال رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، وزير الإعلام الأسبق، محمد فائق، كواليس فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، من خلال التقرير الذى أصدره مركزه الثلاثاء الماضى، ردا فائق على مزاعم التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين بأن قتلى رابعة تجاوزوا الألف شخص: «أعلنا القتلى بأسمائهم، ولا يدفن أى ميت مقتول إلا بتشريح وبشهادة، وقلنا لتحالف الشرعية، وزميلنا الإخوانى فى المجلس، محمد عبدالقدوس، «أرسلوا لنا ما لديكم من أسماء ومعلومات وشهود فلم يستجيبوا». وتحدث فائق، خلال «صالون التحرير»، الذى يديره الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، وبثته فضائية التحرير، أمس، عن دور الداخلية، والنائب العام فى هذه القضية، وقال: «التقرير تم إعداده بحيادية كاملة». وتطرق فائق، الذى كان يوصف برجل جمال عبدالناصر فى إفريقيا، للحديث عن مخاطر سد النهضة الإثيوبى، والدور الذى يمكن أن تلعبه دول الجوار، ودول عربية لها وجودها فى شرق إفريقيا، للتقليل من مخاطر بناء السد، وقال متذكرا: «إثيوبيا قاومت بناء السد العالى». شارك فائق فى رسم خريطة العودة لإفريقيا، الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن. الدكتور السيد فليفل، العميد السابق لمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، والمستشار السابق لرئيس الوزراء فى الشئون الإفريقية، والكاتب الصحفى جمال نكروما، نجل الزعيم الغانى الراحل كوامى نكروما، أول دعاة منظمة الوحدة الإفريقية، ورئيس قسم الشئون الخارجية بالأهرام ويكلى. بدأ السناوى، النقاش، بسؤال لفائق، حول تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، بشأن «فض اعتصام رابعة»، وانتقاد كل الأطراف له، وقرار رئيس الجمهورية، عدلى منصور، بندب قاض للتحقيق فيما ورد به. وقال فائق: قرار الرئيس استجابة لتوصياتنا، والتقرير تم إعداده بحيادية كاملة، وبمبادرة من المجلس، حيث قررنا إجلاء الحقيقة فى أحداث الاعتصام وفضه والاعتداءات على الكنائس، وأحداث قسم كرداسة، وسيارة ترحيلات أبوزعبل، التى صدر بشأن حكمها، وسنبحث الموقف من القضية الأربعاء المقبل. وأضاف فائق: «وزارة الداخلية تأخرت فى الرد علينا، لكنها قدمت لنا ما طلبناه، عدا خطة فض الاعتصام المسبقة، ولم يتجاوب معنا مكتب النائب العام إطلاقا، فى حين تعاون الطب الشرعى معنا لأبعد الحدود، ولو تعاونت معنا وزارة الصحة لكانت سهلت القضية كثيرا. وردا على سؤال للسناوى بشأن «عمومية ما ورد بالتقرير، وحاجة قاضى التحقيق للتحديد أكثر»، قال فائق: لا أملك سلطة استدعاء أحد للتحقيق. نحن نتحرى الحقيقة من ملابسات الموضوع، حتى لو كانت لدى معلومات لا يصح إعلانها إلا بالتحقيق مع أطرافها. ورد فائق على ماوصفه مؤتمر التنظيم الدولى للإخوان فى إسطنبولبتركيا، بأن قتلى رابعة تجاوز الألف وقال: «أعلنا القتلى بأسمائهم، ولا يتم دفن أى ميت مقتول إلا بتشريح وبشهادة، وقلنا لتحالف الشرعية، أرسلوا لنا ما لديكم من أسماء ومعلومات، لكن لم يتجاوبوا، وزميلنا فى المجلس محمد عبدالقدوس، وهو إخوانى، كانت له تساؤلات وأشياء استجبنا له، وأضفناها، وطلبنا منه دعوة شهود من الإخوان، فتجاوبوا، لكن لم يحضروا، ربما صدرت لهم تعليمات بذلك، ونحن مستعدون حتى الآن لاستقبال أية معلومات إضافية». وسأل السناوى محفوظ عبدالرحمن عن قراءته لمشاهد اعتصام رابعة العدوية، وفضه، فقال: شىء مفزع جدا وصعب جدا تحمله إنسانيا، كان فيه محاولة للعدل وللسلوك الصحيح، ومحاولة أخرى للاستدراج لشىء آخر. محاولة خداع، تراجيديا فظيعة وفيها أحيانا «اقتلنى عشان أكسب»، خداع متقدرش تتعامل معاه، لكنى مدرك أن مفيش طرف نقى تماما، واننا لا نعرف كل شىء. لكن المؤكد أن الإخوان مخادعون، والخداع فى عقيدتهم مشروع جدا». وانتقل السناوى لسؤال نكروما، عن رؤيته لتقدم مصر فى سبيل العدالة الانتقالية وضمان الحرية العامة، وارتباط ذلك بوقف تعليق عضويتها فى الاتحاد الإفريقى؟ فأجاب: الدول الإفريقية جنوب الصحراء بدأت بالتجربة الديمقراطية قبل مصر بعشرين سنة، وأنا متفائل جدا بالدستور المصرى الجديد، لكن هناك بعض الأشياء عليها علامات استفهام، مثل مادة الأحوال الشخصية، لذلك لابد أن نجد إجابة واضحة عن مفهوم المواطنة. مصر لها مكانة كبيرة فى إفريقيا، منذ أيام الزعيم جمال عبدالناصر والأستاذ محمد فائق، «المشكلة أن مصر لم تعد تلعب الدور المنوط بها فى إفريقيا، قلصته كثيرا، وتقدم بدلا منها تركيا وإيران، وهما دولتان من خارج القارة، ليلعبا دورا كبيرا جدا، وأول شركة طيران ذهبت إلى العاصمة الصومالية، مقديشيو، كانت تركية، فى حين أنه كان من المفترض أن تذهب قبلها «مصر للطيران». وسأل السناوى فليفل حول الموقف الإفريقى مما يجرى فى مصر؟ قال فليفل: طالبت الاتحاد الإفريقى بالتمهل فى الحكم على الموقف من مصر، لأن رئيسه الحالى جاء للسلطة بانقلاب، بعد تغيير أجراه الجيش الموريتانى، ولأنه لا يجوز التعامل مع مصر كما لو كانت دولة صغيرة، ولا أبرئ اللجنة التى اتخذت قرار تعليق العضوية، وعاد السناوى لسؤال فائق عن العدالة الانتقالية وإجراءاتها، فرد: «اليوم نشهد إرهابا وعنفا ممنهجا ومظاهرات بمولوتوف وأسلحة، تستهدف الشرطة والجيش، الأمن مهم وحقوق الإنسان مهمة أيضا، ولا يجوز التخلى عن أحدهما لحساب الآخر»، مضيفا: «حقوق الإنسان يقابلها التزام بالقانون، والإفلات من العقاب أيضا أمر ضد حقوق الإنسان». واستطرد فائق: «مصر تقاوم الإرهاب والعنف الممنهج، وأمامنا شوط طويل، والحقوق والحريات فى الدستور على أعلى مستوى، ونحن لم نكتب الدستور ليوضع فى الدرج، لكنه يحتاج لسلسلة من التشريعات كبيرة جدا لتطبيقه». وردا على سؤال بشأن أوضاع المحتجزين، قال فايق: «الحبس الاحتياطى أصبح يمتد لمدد تجعله عقوبة فى حد ذاته، وبالتالى يجب الإفراج عن كل من لا تثبت بحقه الإدانة، كنا نتفهم فى بداية الإرهاب والعنف المركز أن تتسع دائرة القبض، لكن الدائرة اتسعت كثيرا». ورأى الأديب محفوظ عبدالرحمن أن ما نعيشه اليوم، داخليا وخارجيا، هو نتاج ما سماه تجريفا ثقافيا، بدأ أواسط السبعينات، واستمر حتى اليوم،.. القضية الأساسية هى استعادة الدور المصرى، بإعادة البناء الثقافى للبلد. وسأل السناوى فليفل عن أسباب تدهور مكانة مصر فى إفريقيا، فرد: «حين يرتقى إلى قمة السلطة مسئول غير مثقف». وتابع: «التقيت وزير خارجية سابق، وفوجئت انه لا يعرف أن الوزارة متعاقدة مع معهد الدراسات الإفريقية ليكون ذراعا علميا لها، وحين ناقشنا وضع إفريقيا فى مناهج التعليم قبل الجامعى اكتشفنا مهزلة»، لافتا إلى أن إفريقيا لم تعد حاضرة بعدما كنا نغنى فى الخمسينات «إفريقيا للإفريقى.. لا لأجنبى أمريكى.. ولا لأجنبى بلجيكى». واستطرد فليفل: «فوجئت قبل سنوات بوزير الإعلام يخبرنى بإلغاء الإذاعات الموجهة باللغات الإفريقية، بدعوى أنها تكلف 7 ملايين جنيه، لم تعد هناك خطة، ووزارة الخارجية والرى والأجهزة السيادية كل منها كانت تعمل فى إفريقيا كجزر منعزلة، ومبارك قطع الاتصال مع إفريقيا منذ محاولة الاغتيال». وتدخل نكروما قائلا: الإعلام مقصر بشكل عام، والقوى الناعمة مقصرة أيضا، فنحن نعرف هوليوود الأمريكية وبوليوود الهندية، لكن لا نعرف ثالث أكبر منتج للأفلام، نيولوود النيجيرية، ونحن ننظر للإفريقى باعتباره شخصا داكن البشرة، وهذا خطأ. وتحدث فايق بعد ذلك عن أهمية الدور الذى قام به الزعيم الغانى الراحل، كوامى نكروما مع عبدالناصر، بعد استقلال غانا عام 1957، وقال: ثلثا الأمة العربية فى إفريقيا، وكانت الصحراء تعزل بين الشمال الإفريقى والجنوب تماما، لذلك تم عقد أول مؤتمر للدول المستقلة، من خمس دول 3 عرب و2 أفارقة، واجتمعوا فى غانا، وسقطت فكرة العزل بين دول الجنوب والشمال، واستمرت الوحدة الإفريقية، وأبدى نكروما تحمسه للولايات المتحدة الإفريقية، وسأله السناوى عن رؤيته لإدارة الدولة لأزمة سد النهضة، فقال: وزير الخارجية نبيل فهمى، بدأ مهمته بزيارة عدة دول إفريقية، فهناك اهتمام واضح بها بعد 30 يونيو، لكن قبل ذلك مصر غابت تماما عن دورها، وأضاف: موضوع المياه سيستمر معنا لفترة طويلة، ليست الأزمة فى سد النهضة، لكن فى إدارة السد ذاته، لذلك فلابد من الدفاع عن حقوق مصر المائية من ناحية القانون الدولى، لافتا إلى أنه لا يجوز لنا منع دولة من أن تنمو وتؤسس مشروعات، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق بألا تؤثر أى دولة على حقوقنا، لذلك أقترح تشكيل لجنة مكونة من مؤرخين ودبلوماسيين ورجال قانون دولى ومهندسى سدود، مثلما فعلنا فى «طابا»، ولابد أن تعرف إثيوبيا أننا لن نتنازل عن حقوقنا. وأضاف فايق: «أنا التقيت الرئيس الأوغندى، فقال لي: خذوا المياه لكن نحن نواجه مشكلة فى الكهرباء. والكونغو أكبر دولة فى العالم يمكن أن تنتج كهرباء، هناك أشياء كثيرة كان يمكن عملها لكن لم نفعل شيئا، وإثيوبيا وقفت ضدنا حين كنا نبنى السد العالى، لكن علماء الرى عندنا قالوا إنها لن تستطيع فعل أى شىء خلال عشرين عاما حينذاك. وتدخل فليفل: الحكومة الإثيوبية تتعامل منذ عهد رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوى، مع الاتفاقيات القديمة على أنها استعمارية، فى حين أنها اتفاقيات حدود فى الأساس تتضمن بنودا بشأن المياه، وهى محصنة بموجب القانون الدولى، ولا يجوز لطرف تعديلها بمفرده، والقول إنه تم توقيعها أثناء الاستعمار مردود عليه بأن كل دول حوض النيل كانت محتلة عدا إثيوبيا التى وقعت منذ سنوات على نفس ما وقعت عليه عام 1902، لكن المفاوض المصرى كان يجهل هذه الأمور، ولم يستشر أحدا حين قيل له هذا الكلام، تم إهدار الكفاءات التى يمكنها المساعدة فى الفهم والتحليل أمام المفاوض المصرى. وانتهى فائق قائلا: «لابد من تأكيد حقوق مصر من ناحية القانون الدولى، بحيث لو تم بناء السد نستطيع التحكم فيه، وبعد إثبات حقنا دوليا، نستطيع اللجوء لمحكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، وفعلا إثيوبيا استغلت انشغال مصر ب25 يناير، لكن مصر لن تظل منشغلة عن هذا الموضوع، وهو يحتاج لتفاوض عميق. ولابد أن يعلم العالم أن لدينا مشكلة، ونحتاج لمساندته، وأتصور أن مصر ستعود للاتحاد الإفريقى قريبا جدا».