وزير الشباب والرياضة: زيادة الدعم من مليون و600 ألف جنيه إلى 4 ملايين الملك فاروق مرتديا زي الكشافة «صفوف متساوية عريضة، أعداد مستقيمة تشكل خطوطا متوازية الأشكال والأضلاع، ملابس متسقة أنيقة، أصوات قوية مدوية تهتف باسم مصر وحبها، مشهد عسكرى منظم يلهب النفس، لا تراه إلا داخل أركان الكشافة، ترى أطفالا تشبه الرجال فى مظهرها، ترفع الأعلام الملونة، وتنصب الخيام وتصنع الرايات العالية من أغصان الأخشاب». لم يكن دخول فكرة فرق الكشافة فى مصر محض صدفة، منذ مرور ما يقرب من مائة عام على إنشاء أول مدرسة كشفية، وتحديدا بعد سبع أعوام من إنشائها فى أوروبا لتكون مصر أول دولة فى المنطقة تتبنى الفكرة. جاءت الكشافة إلى مصر محملة بعشرات الأفكار المتطورة التى حملتها بعثات مصر الخارجية، وهو ما حمله الأمير عمر طوسون فى عام 1914 عندما قرر تأسيس أول فرقة للكشافة بالمدرسة السلطانية فى الإسكندرية، بعد أن شاهد انتشار تلك النوعية من المدارس فى أوروبا، ونجاح تأثيرها فى تربية الشباب تربية سليمة، ثم تلتها بعد ذلك فرقة أخرى بالمدرسة الخديوية، وبعدها انتشرت الحركة فى أغلب المدارس. وفى عام 1920 تكونت أول جمعية للكشافة المصرية، والتى كان من اهدافها نشر الحركة بين الشباب بقيادة محمد شكرى باشا لتنضم بعد ذلك لمنظمة الكشفية العالمية عام 1922، إلا أن الدولة لم تعترف بها إلا بعد 11 عاما، وكان من أهم أعمالها إصدار قانون، رقم (41) لسنة 1954، يحظر ارتداء ملابس الكشافة علانيه إلا على الأعضاء فقط، وتم ضم تبعيتها على وزارة الشباب. بعد أن تزايدت أعداد المشاركين فى الكشافة، ووصلت إلى 4 ملايين عضو، تم الاتفاق على تقسيم الكشافة إلى ثلاث جمعيات، واحدة للفتيان وأخرى للبحرية وثالثة للجوالة. «تحمل المسئولية وحبنا لوطننا أبرز ما يمثلنا».. كلمات قليلة لخصها مؤسس فريق الإعلام الكشفى، عماد عبدالرحمن، متحدثا عن الكشافة التى سكنت حياته منذ 17 عاما حتى أصبحت كتلة لا تتجزأ من فكره وحياته اليومية. عبدالرحمن لا يزال يتذكر تلك اللحظة الفريدة التى عرفته على الكشافة بعد أن اختاره مدرسه بالفصل، وهو فى سن 12 عاما ليكون فردا من أفراد الكشافة. يسرد عبدالرحمن حبه للكشافة، «كانت الكشافة السبب فى أن أكتشف موهبتى فى التصوير الفوتوغرافى الذى لم أكن أعلم أنى أجيده إلا بعد أن اندمجت بين مخيمات الكشافة حتى أصبحت موهبتى هى عملى، ومصدر رزقى». تابع: أكثر من 99 % من أعضاء الكشافة منتمون للكشافة بشدة، لأنها تصبح جزءا من حياتهم، فهناك مقولة يحفظها كل عضو بالكشافة: «كشاف يوما.. كشاف دوما». أوضح عبدالرحمن: «استطاعت الكشافة الحفاظ على نفسها لمدة قاربت المائة عام، رغم تغير الأحوال وقيام ثورات واختفاء أحزاب وجماعات إلا أن هدف الكشافة وغايتها كانت السبب فى الحفاظ عليها فهى لم تسيس يوما، ولم تفرق بين عضو على حسب لونه أو جنسه أو حالته الاجتماعية». يتمنى عبدالرحمن أن تعود الكشافة إلى سابق عهدها باهتمام الدولة لها مثلما كان فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر ومن قبله الملك فاروق اللذين أفردا اهتماما كبيرا بها حتى انتشرت فى العالم العربى كله، مشيرا إلى أنه عندما كان عضوا فى مجلس إدارة الاتحاد العام للكشافة كان دعم الدولة لا يتجاوز المليون ومائة ألف جنيه. الكشافة أداة تربوية ناجحة لمحاربة التطرف يرجع الدكتور سيد سرحان، أستاذ كلية الآداب، ونائب رئيس مجلس إدارة رواد الكشافة، أسباب تراجع الكشافة ودورها البارز إلى ضعف دور الدولة وعدم دعمها بالشكل الكافى لأنشطة الكشافة، موضحا أن فى العقود الماضية استخدمت الكشافة فى أغراض ترفيهية واحتفالية فقط خاصة فى الاحتفالات القومية لتقديم صورة لطيفة دون اهتمام بالجانب الحقيقى والاساسى للكشافة، وهو الجانب التربوى. وأشار سرحان إلى أن الكشافة تتميز بدورها التربوى الفريد من خلال بث روح الانتماء للوطن بين الشباب مع التنشئة الوطنية الصادقة، بالإضافة إلى تكوين عادات الاعتماد على النفس والطاعة والتعاون والمشاركة فى مشروعات الخدمة العامة وتنمية المجتمع. يضيف سرحان: كل ما تحتاجه الكشافة الآن لتعود لسابق عهدها هى أن تحظى بدعم حقيقى من الدولة ماديا ومعنويا، موضحا أن حجم الانفاق على الكشافة المصرية ضعيف لدرجة أنه لا يقارن بأى دعم حكومى فى دول خارجية وعربية، فإذا أردنا حماية الكشافة علينا العمل بإخلاص وانتماء لها دون غير. ويرى سرحان أن الكشافة يمكن أن يكون لها دور كبير فى محاربة التطرف السياسى والدينى بين الشباب بالأخص، خاصة أنها تقوم فى الأساس على الانضباط والعمل دون مرجعية سياسية أو دينية، مضيفا: «لو تمتع كل مصرى بصفة واحدة من صفات الكشافة لأصبحنا أحسن دولة فى العالم». يوضح سرحان أن أسس الكشافة تقوم على فكر رئيسى، وهو عدم تبنى وجهة نظر سياسية ولا دينية إلا أنها تعد جماعة مؤمنة لأن وعدها يتضمن تعهدا أمام الله بالإخلاص فى العمل، وكذلك نحو الأسرة والوطن، مشيرا إلى أن قانون الكشافة هو مجموعة من الصفات الحميدة التى يسعى كل كشاف أن يتحلى بها ويسلكها فى حياته لتكون منهجا له. استطاعت الكشافة على مر تاريخها أن تكون منبعا لآلاف المواهب الذين صعدوا بعد ذلك فى بلادهم ليصبحوا علماء وزعماء وأدباء، فيعد من أشهر هؤلاء نيل أرمسترونج، أول رجل وصل إلى القمر، والزعيم الأمريكى صاحب الأصول الأفريقية، مارتن لوثر كينج، وكذلك الرئيس الأمريكى جون كيندى، وأغنى رجل فى العالم بيل جيتس وبيل كلينتون وملك السويد الذى مازال منضما للكشافة حتى الآن، كارل جوستاف بالإضافة إلى لاعب الكرة الشهير ديفيد بيكهام. أما على الصعيد المصرى والعربى فيعد أشهر الكشافين على الإطلاق هو الملك فاروق الذى ترأس اتحاد الكشافة المصرى قبل توليه السلطة وكان أحد الأسباب فى انتشار الكشافة فى أنحاء مصر وكذلك العالم المصرى فاروق الباز والفنان محمد صبحى. قال وزير الشباب والرياضة، خالد عبدالعزيز «إن الحركة الكشفية تقدم للشباب المصرى الكثير، وتغرس فى نفوسهم العديد من القيم الأخلاقية المتميزة، مشيرا إلى أن الوزارة ستقوم بتقديم كل الدعم للحركة الكشفية لما تلعبه من دور بارز داخل المجتمع. وتابع الوزير: أن الدعم المقدم من الوزارة للحركة الكشفية فى مصر خلال العام الحالى وصل إلى 4 ملايين جنيه بعد أن كان مليونا وستمائة ألف جنيه فقط، بالإضافة إلى إدراج المنشآت التابعة للكشافة المصرية ضمن الخطة الإنشائية لتطوير تلك المبانى، متمنيا استقطاب أعداد كثيرة من النشء والشباب فى الحركة الكشفية لتعود بشكل أفضل. زهرة السوسن شعار يكثف المعانى الشارة الكشفية الدولية هى زهرة السوسن، التى كانت شعارا لفرنسا والزنبقة تتألف من ثلاثة أوراق ترمز إلى عهد الكشاف: «الإخلاص - المساعدة الطاعة»، والنجمتان الخماسيتان فى الورقتين الجانبيتين ترمزان إلى عينى الكشاف اليقظتين، يتدلى من الشريط حبل معقود يذكر الكشاف بالعمل الخيرى اليومى الصالح. «كن مستعدا».. شعار الكشاف الدولى، ويعنى أنه على الكشاف أن يكون بحالة استعداد دائمة لمواجهة جميع الأحداث التى تواجهه بصدر رحب، اما الشعار المصرى فتتبدل زهرة السوسن بزهرة اللوتس المصرية التاريخية لتعبر عن الحضارة الفرعونية القديمة. زى مزين بالأنواط والشعارات أبرز ما يميز الكشافة ملابسهم الكشفية المزينة بالأنواط والشعارات بالإضافة إلى الحزام والمنديل، فيقول محمد الميمونى إن الملابس الكشفية تأتى جزء من الدوافع التى تشعر الفتى بأنه كشاف منتمٍ إلى جماعه ذات طابع خاص فى سماتها وسلوكها وانضباطها، فعندما يرتديها الكشاف يشعر بأنه متأهب للمشاركة فى رحلة أو مخيم، مضيفا أن الهدف من ارتداء الملابس ليس لإثبات أن من يرتديها هو كشاف فقط، ولكن لتعطى الانطباع الانضباطى، وتكون مؤهلة للعمل فى الظروف الكشفية. أرقام مهمة • يبلغ عدد اعضاء الكشافة حول العام منذ نشأتها 500 مليون، بينما يبلغ العدد 44 مليون شخص حاليا موزعين بين 200 دولة. • تأسست الكشافة 1907 بمجموعة صغيرة تتكون من 20 طفلا. يعتبر كتاب كشافة للأولاد لمنشأ الكشافة بادين بول واحدا من أكثر الكتب مبيعا فى تاريخ، حيث وزع قرابة المئة مليون نسخة. • انضمت مصر عام 1922 للاتحاد الدولى للكشافة ضمن الفريق التأسيسى لأول لجنة دولية للكشافة مع 30 دولة. • الكشافة المصرية هى الأولى من نوعها فى أفريقيا والوطن العربى. الكشافة والجماعة.. حقائق تم تزييفها التصق الكشافة بالإخوان كثيرا على مر العقود حتى اتهم البعض الإخوان بتوغل داخل الكشافة والسيطرة عليها، حسب العديد من المصادر بدأت العلاقة بين الإخوان والجوالة، إحدى درجات الكشافة، عندما صدر قرار فى منتصف الثلاثينيات بحل الفرق شبه العسكرية للأحزاب والجماعات والتى كانت قد انتشرت منذ أن أسس حزب الوفد أول فرقة سميت القمصان الزرقاء، ثم تبعها حزب مصر الفتاة بإنشاء فرقة القمصان الخضراء، وبعدها الإخوان وغيرهم لتتحول تلك الفرق مع الوقت لميليشيات شبه عسكرية. كانت لهذه الفرق أزياؤها وأعلامها وشاراتها الخاصة، ولهذا خشيت الحكومة من تورط هذه الفرق فى أعمال عنف، فأصدرت قرارا بحلها ومنعت الأحزاب والجماعات السياسية من إنشاء فرق مسلحة. رغم استجابة كل الاحزاب للقرار فإن القرار لم يعجب مرشد الجماعة حسن البنا الذى قرر الالتفاف حول القانون للحفاظ على فرقة الجوالة التابعة للإخوان بضمها ضمن جمعيات الكشافة المصرية، وبالتالى لا ينفذ عليها القانون. وحسب عدد من الروايات، يعتقد أن تراجع نشاط الإخوان الكشفى جاء مع قرار حل الجماعة بعد ثورة يوليو، وهو الأمر الذى حد من الأنشطة الكشفية للجماعة إلا أنها لم تنتهِ يوما. ولكن مع تولى محمد مرسى السلطة فى مصر عادت فرق الكشافة الإخوانية للظهور من جديد بشكل بارز بعد أن أتيح لها فى عهد وزير الشباب السابق أسامة ياسين استغلال معسكرات الدولة لإقامة عدد من فى حين انتشرت العديد من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك تستعرض أفكار كشافة الإخوان وأهدافها وكيفية بنائها، والتى تقوم على ثلاثة أهداف الواجب نحو الله والوطن وطاعة ولى الأمر. وحسب بعض الروايات الإخوانية التى بررت موقف الجماعة من مخافة القانون أن الهدف من تلك الفرق كان التطوع فى حرب فلسطين مدعين أن جوالة الإخوان ساهمت بشكل كبير فى مواجهة مرض الكوليرا الذى اجتاح مصر عام 1947. يرفض أغلب قادة الكشافة المصرية ادعاءات البعض بسيطرة الإخوان على الكشافة فى مصر، فيقول أحد قادة الكشافة، سيد سرحان، إن الإخوان حاولوا الاستيلاء على الكشافة والجوالة لكنهم فشلوا تماما سواء قبل دخولهم السلطة أو بعدها مشيرا إلى أن اتهامات البعض بوجود تشابه بين أخلاقيات الكشافة وجماعة الإخوان أمر طبيعى، فالكثير من الجماعات حول العالم أخذت من الكشافة وقوانينها مثل جماعة شبيبة فى روسيا وطلائع البعث فى سوريا، ولكن هذا لا يعنى انتماءهم للكشافة». تحية الكشافة وأبعادها يتميز أهل الكشافة بتحية خاصة قديمة، وهى رفع اليد إلى اعلى مستخدمين ثلاثة اصابع فقط، لترمز إلى الإخلاص، المساعدة والطاعة كما ان هناك عدة انواع لتحيتهم منها التحية النصفية، وتكون برفع اليد اليمنى بمحاذاة الكتف، وكذلك تحية الشرف: وتكون برفع اليد اليمنى إلى الأمام، كما يتميزون بتحية خاصة بالجنازات وتكون بوضعية الاستعداد مع حنى الرأس إلى الأسفل.