بمناسبة مرور عشرين عاما على الشراكة المتوسطية مع حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، ولتحسين صورته أمام الرأى العام فى مصر بعد قيامه بعمليات عسكرية فى ليبيا فى عام 2011، عقد الحلف حلقة نقاش مع صحفيين مصريين بمقره ببروكسل على مدى يومين. وشرح مسئولون فى جميع التخصصات بالحلف مهام الناتو فى أفغانستان والبوسنة وليبيا وأخيرا فى أزمة أوكرانيا، إلى جانب تقديم شرح للأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط خصوصا مصر وتونس والمغرب وموريتانيا والجزائر. وتناول الحوار مع المسئولين القضايا التى تشغل مصر وأبرزها نزع الألغام ومكافحة الإرهاب فى سيناء، حيث أكد مسئول رفيع المستوى بالحلف أن الناتو يتابع باهتمام كبير التطورات السياسية فى مصر، خصوصا عملية الاستفتاء على الدستور التى كانت نقطة بداية مهمة باتجاه الخطوات المقبلة. وشدد المسئول، الذى يعد أحد أبرز مسئولى الحلف ورفض ذكر اسمه فى الحلقة النقاشية مع الوفد الصحفى المصرى، على أن الحلف لا يتدخل فى شئون مصر الداخلية ولكنه يأمل فى عملية ديمقراطية فى مصر بمشاركة الجميع، لأنها مازالت الدولة المحورية فى العالم العربى، مطالبا مصر بالتعاون والتعامل مع إسرائيل واتخاذ قرارات حاسمة حيال ذلك، خصوصا فيما يخص المعلومات الاستخباراتية. وحول تطوير الحلف لحواره مع مصر، قال إن هذا يعتمد على ما تراه الدولة المصرية ويتناسب مع احتياجاتها، وإن مصر حاليا منشغلة بأمورها الداخلية، موضحا أنه من الضرورى أن تلعب مصر دورا فى المنطقة وأن يكون لها صوت مسموع بجلاء فى جامعة الدول العربية، وأنها لا تستغل قدراتها نظرا للظروف التى تمر بها. وفى سؤال حول إحلال مصر مكان قطر فى قوات «درع الجزيرة» العسكرية، أكد المسئول أن الناتو لا يريد أن يدخل «هذا المستنقع»، لكنه على علم بوجود خلافات بين قطر ودول فى مجلس التعاون الخليجى، مشددا على ضرورة إيجاد أنظمة للتعاون وليس أنظمة تؤدى إلى التباعد. وقال إن ما تشهده سيناء من إرهاب هو خطر متزايد يتطور وينمو، وعلى الحكومة المصرية اتخاذ قرارات حاسمة لتتبع الشبكات الإرهابية وتفكيكها، وإن هناك وسائل تستطيع من خلالها تطوير القدرات المصرية على مكافحة الإرهاب فى سيناء قبل أن ينتشر ويزيد. وحول إمكانية مساعدة مصر فى هذا الشأن، مشيرا إلى أن مصر لم تطلب المساعدة، وأن الناتو من مصلحته حماية مصر من الهجمات والتفجيرات التى تتعرض لها أنابيب الغاز فى سيناء، وأن مسئولية حماية البنية التحتية تقع على عاتق كل دولة على حدة، ومصر على عاتقها حماية البنية التحتية. ولفت إلى أن الناتو يستطيع أن يستعين بمجموعة من الخبراء الذين يمكنهم التوجه إلى المناطق التى بها خطر والنظر إلى الأضرار، وإنه يمكن لمصر أن تستفيد من التطورات العلمية التى يجريها الحلف فى مجال السدود والمياه، وأن أعضاء الحلف مستعدون لتبادل المعلومات من هذا النوع معها. وقال المسئول إن الحلف يولى أهمية لدور مصر الاستراتيجى فى منطقة الشرق الأوسط، وأن مصر شريك قديم وفعال للحلف خاصة فى الحوار المتوسطى، مؤكدا على أهمية الحوار المتوسطى الذى أثبت جدواه على الرغم من الظروف الإقليمية، وعلى ضرورة تكاتف وترابط حلفاء الناتو لمكافحة الإرهاب ووضع حد له. وأوضح أن التعاون مستمر بين مصر والناتو، خصوصا فيما يتعلق بإزالة الألغام والعبوات الناسفة وبقايا المتفجرات، مشيرا إلى أن هناك مشروعا قريبا سيساعد الحلف فيه مصر وهو الكشف عن الألغام فى منطقة الصحراء الغربية من مخلفات الجيوش الأوروبية أثناء الحرب العالمية الثانية. وتعقيبا من المشاركين المصريين بالحلقة على هذه المسألة، وعدم تقديم كل من بريطانيا وألمانيا مساعدة لمصر فى إزالة الألغام التى قاموا بزراعتها بأرضها خلال الحرب العالمية الثانية، قال أحد المسئولين المعنيين إن مصر لم تطلب بشكل ثنائى المساعدة فى هذا الشأن. وفى جانب آخر من المناقشات تطرق الحديث إلى دور مصر فى الصومال، حيث أشاد «الناتو» بالدور الذى قامت به مصر لمواجهة ومكافحة ظاهرة القرصنة البحرية أمام السواحل الصومالية وخليج عدن، وقال مصدر مسئول بإدارة العمليات بالحلف، إن مصر تقوم بدرو نشيط فى عملية مكافحة القرصنة، مشيرا إلى أن ترؤسها للجنة الاتصال الدولية لمكافحة القرصنة منح اللجنة دورا نشطا. من جهة آخرى، استحوذت الأوضاع فى ليبيا على كثير من المناقشات مع المسئولين بالحلف خلال اللقاء، وأشاروا إلى انهم قرروا إرسال فريق صغير إلى ليبيا لتقديم المشورة للسلطات الليبية، تتعلق بتحقيق استراتيجيات وهيكلية دفاع مدنى للمساعدة فى إنشاء المؤسسات الأمنية ورفع الكفاءات وذلك فى إطار مدة ستة أشهر. وقال أحد المسئولين العسكريين بالناتو إن هذا الفريق على اتصال دائم حاليا بالسلطات الليبية وسيقدم المشورة خلال الفترة المقبلة، نافيا قيام مصر بأى دور فى عملية الحلف بليبيا عكس ما قامت به الاماراتوقطر والأردن والمغرب حيث ساهمت هذه الدول بالإمدادات والقوات والطائرات، مضيفا أن مصر قدمت دعمها السياسى فقط للناتو، مؤكدا أن الدعم الإقليمى كان هاما للغاية للحلف. وشدد على أنه كان ضروريا للغاية ان يتدخل الناتو لمساعدة ليبيا فى التخلص من نظام القذافى، وقال: «إذا لم يتدخل الناتو فى ليبيا، لكان الشعب الليبى قد تعرض للإبادة على يد قائد ديكتاتور»، وتابع أنهم تدخلوا فى ليبيا بعد طلب من الأممالمتحدة والجامعة العربية». واعتبر المسئول العسكرى أن تدخل الحلف فى ليبيا كان له شرعية من الأممالمتحدة والجامعة العربية، وتأييد إقليمى ضم دول عربية قادته قطر بالتمويل الذى وصل لمليارات الدولارات، وأن تحرك الحلف كان لتحسين الوضع الذى طالب به الليبيون أنفسهم. وتابع أن الحلف قد طلب منه التدخل بشكل مباشر فى ليبيا، وقد عجل بهذا التدخل نظرا لوجود ميليشيات، كما أنه ترك ليبيا بعد نهاية العمليات العسكرية. ونفى المسئول حصول الناتو على أى غنائم من العملية أو احتلال للأراضى أو الحصول على ثروات، وإنما تدخل لتقديم المساعدة الأمنية ولتهيئة اجواء يمكن فيه بناء مؤسسات.