فى الحادية عشرة من مساء الخميس كنت أجلس فى إحدى كافتريات شارع إيران بالدقى مع الدكتور حسين الأمين أستاذ أمراض الباطنة والجهاز الهضمى والكبد بطب أسيوط. فجأة وجدت أحد أصدقائه قادما للسلام عليه، هذا الصديق كان الدكتور أحمد مؤنس أستاذ الكبد الشهير وعضو الفريق الذى اكتشف «جهاز سى فاست» لعلاج فيروس سى. الرجل غاضب من الطريقة التى تعامل بها الإعلام مع الجهاز ومع الفريق الطبى الذى يقوده الدكتور إبراهيم عبدالعاطى. هذا شىء منطقى بطبيعة الحال، لكن الإعلام يريد دائما قصصا منطقية، والأهم يريد أشخاصا قادرين على الوصول إلى الجماهير وإقناعهم. دكتور مؤنس أقسم بكل الأيمان بأن الجهاز حقيقى، ثم شرح لى أشياء كثيرة غالبيتها مصطلحات علمية معقدة. قلت له الأهم ليس أن تقنعنى أنا ولكن أن تقنع الرأى العام، وأن الفيصل هو النتيجة النهائية. يقول الدكتور مؤنس إن الناس اهتمت بالشكل والإجراءات ولم تهتم بالمضمون، انشغلوا بالبحث والتنقيب فى حياة الدكتور عبدالعاطى ولم يكلفوا أنفسهم بالبحث فى حقيقة الجهاز، واعتقدوا أنهم إذا نجحوا فى تشويه صورة الدكتور عبدالعاطى وإظهاره كأنه دجال فسوف يصبح الجهاز آليا مضروبا. قلت للدكتور أحمد مؤنس وهو بالمناسبة نجل الطبيب الشهير على مؤنس إن الفيصل فى النهاية هو التطبيق، فكرر وأكد أن الجهاز عالج بالفعل خمسين شخصا، فى حين أكد لى طبيب آخر داخل الفريق الطبى أن عدد من تم علاجهم بالفعل 300 مريض تم شفاؤهم تماما، أضاف هذا الطبيب أن الجهاز سيكون بوسعه أن يعالج ألف شخص سنويا من المرضى بفيروس سى فى بداياته وقبل ظهور علامات التليف، وبالتالى فإن المريض فى مراحله المتأخرة لن يفلح معه الجهاز الذى كان مصمما بالأساس لعلاج الإيدز ثم تبين أنه يمكنه علاج فيروس سى. هذا الطبيب قال لى أيضا إن التكلفة المبدئية لعلاج المريض قد تصل إلى خمسة آلاف جنيه والعلاج يستغرق شهرا. أعود للدكتور مؤنس الذى يقول إنهم يدرسون عقد مؤتمرات علمية بين الفريق البحثى وأساتذة كليات الطب فى الجامعات المصرية لإطلاعهم على نظرية عمل الجهاز وطريقة تشغيله. الدكتور مؤنس يقول إن أحد أسباب الحملة الشرسة على الجهاز والفريق المعالج ربما هى خوف كبار الأطباء من خسارة مكاسب طائلة كانت تعود عليهم من تجارة هذا المرض اللعين. قلت للدكتور مؤنس إنكم كفريق أخطأتم خطأ جسيما فى طريقة الإعلان والتسويق للجهاز، ولم تراعوا القواعد العلمية العالمية فى مثل هذه الاكتشافات، وبالتالى فالذين انتقدوكم كانوا معذورين. بعد نقاش طويل اقترحت عليه أن يطلب الفريق المعالج من كل الذين شككوا فى الجهاز أن يرسلوا إليهم بعض المرضى ويكون الاحتكام إلى نظرية «المية تكدب الغطاس». فإذا تماثل المرضى للشفاء فعلا فإن الشعب المصرى بل كل شعوب العالم سيرفعون الدكتور عبدالعاطى وبقية زملائه فى الفريق إلى مصاف الملائكة ويبنون لهم تماثيل فى كل مكان، وإذا ثبت أن الأمر كان مجرد كذبة، فسيقوم الناس برجم الفريق الطبى. مرة أخرى لا أعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ فى هذه القصة ولا أتبنى رأيا بعينه، لأننى لست متخصصا، وأقترح أن نعطى هذا الفريق مهلة ليبرهن على صحة اختراعه، لأنه لو ثبت فعلا أنه صحيح، فقد يكون أهم اكتشاف فى هذا القرن وربما اهم اختراع مصرى على الإطلاق.