فرضت الاحداث المتلاحقة فى أوكرانيا نفسها على جانب من كلمة ألقاها ميخائيل جورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفييتى السابق، أمام المنتدى الدولى للاتصال الحكومى الذى استضافته امارة الشارقة، أمس الاول، حيث اعتبر ان ما يجرى فى كييف «نتاج طبيعى لعدم تطبيق سياسة البيروستوريكا». جورباتشوف، الذى قدم اطلالة على ما يمور به العالم من تطورات، صب فى كلمته الطويلة جل انتقاداته على العولمة، معتبرا أن القرن الواحد والعشرين كان الأكثر مأساوية فى تاريخ البشرية، مذكرا كيف أنه وصف الرئيس الامريكى الراحل عقب أول لقاءاتهما بانه «ديناصور حقيقى»، فيما علم أن ريجان اعتبره «بلشفى صعب» فى معرض تدليله على أن انتهاء الحرب البارد، فى تسعينيات القرن الماضى، كان فرصة لايجاد حلول لمشاكل عالمية كثيرة، لكن «سوء الحظ، جلب إلينا العولمة» التى شهد العالم خاصة النامى بسببها «خسارات أكثر ونجاحات أقل». جورباتشوف لم ينس أنه يتحدث على أرض أمارة الشارقة، عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014، فأشار إلى أن الشعوب الإسلامية لا تريد تهميشها، مستحضرا ما يجرى فى مصر وسوريا وليبيا وتونس، من تداعيات لثورات الربيع العربى، مطالبا بحوكمة عالمية وليس حكومة عالمية تفرض ارادة اطراف بعينها على باقى الدول والشعوب، و«إلا وصلنا إلى كارثة بشرية». وكان حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمى افتتح أعمال المنتدى الذى يعقد تحت شعار «أدوار مختلفة رؤية واحدة» بكلمة اعتبر فيها، أن مهنة الصحافة لا تقل خطورة عن مهنة الطب، مؤكدا فى الوقت نفسه أن خطورة القلم والصوت، أشد من المشرط بيد الطبيب المرتعشة، وأن الإعلامى يجب أن تكون لديه أخلاقيات تشكل الحقيقة والدقة والصدق والنزاهة والإنصاف. ووجه كلمة إلى أصحاب القنوات التليفزيونية التى تعرض بعض الأشرطة المصورة المستوردة من الخارج أو التى تم إنتاجها محليا، بألا تقبل أية صورة أو قصة أو خبرا أو عبارة تشجع على هدم النفائس والآثار الفنية، ويجب على تلك القنوات أن تشجب أى عمل إجرامى. ولم يغفل حاكم الشارقة التأكيد على أن للإعلامى حقوقا، يجب أن يكفلها له القانون، مثل حرية التعبير والنقد، وحرية الاطلاع على كل مصادر المعلومات، وحرية التحقيق دون التعرض لحجة سر الشئون العمومية أو الخاصة، إلا استثناء مبررا بشكل واضح. شارك فى المنتدى الذى يستهدف تقديم رؤية لما تود أن تقدمه الحكومات من رسالة عبر وسائل الاتصال، وما يود أن يقدمة الاعلامى لجمهوره، نحو 1800 خبير فى وسائل الاعلام المختلفة جاءوا من القارات الخمس، لتشريح وتحليل التجاذب بين الحكومات التى تريد أن تعكس انجازاتها، والاعلاميين الذين يودون تحقيق توازن ما بين جمهور يود المزيد من الشفافية فى تقديم الرسالة الإعلامية. وفضلا على جورباتشوف، الذى جاء ضيف شرف المنتدى فى دورته الثالثة، حضر كل من فيليبى كالديرون، رئيس المكسيك السابق، وجيمس ولفنسون رئيس البنك الدولى الأسبق، وأنور قرقاش وزير الدولة الاماراتى للشئون الخارجية، حيث دار نقاش معمق عن دور الاتصال الحكومى وإدارة السمعة فى جذب الاستثمارات المباشرة، أداره تيم سباستيان، أول مقدم لبرنامج «ذا هارد توك» على قناة «بى بى سيى وورلد». أما العلاقة بين الاتصال الحكومى والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعى، فخصص لها جلسة كاملة فى أعمال المنتدى، شارك فيها جون دوشنسكى، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لمؤسسة «ذا كونفيرزيشن فارم»، الذى أشار إلى ضرورة «الاعتراف بأن وسائل التواصل الاجتماعى هى وسيلة وليست غاية بحد ذاتها فالمهم والذى ينبغى أن نركز عليه هو ما يتم تناقله من خلال هذه الوسائل وكذلك إدراك ما يمكن أن يقدمه لنا هذا النقاش من فائدة لمجتمعاتنا».