لا أعلم هل تابع أنصار جماعة الإخوان والمؤيدون للإرهاب فى سيناء، والساخرون من فكرة تفتت وانهيار الدولة، ما قاله رئيس الوزراء الليبى السابق محمود جبريل فى أولى حلقات حواره المطول مع الكاتب المتميز غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية أم لا؟!. جبريل لمن لا يعرفه كان فى طليعة الثائرين على نظام القذافى وعاش فى قطر وعاد منها ليتولى منصب رئيس الوزراء، وبالتالى فالرجل كان شاهد عيان على مرحلة مهمة فى تاريخ ليبيا. قال جبريل ان فى ليبيا حوالى 21 مليون قطعة سلاح فى ايدى المسلحين وأن آلاف المقاتلين يقفون على الحدود مع مصر ينتظرون الدخول للقتال ضد النظام المصرى، وان أمير قطر السابق والد الأمير الحالى عارض بشدة اقتراح جمع الأسلحة عقب إسقاط القذافى. لكن اخطر ما قاله جبريل ان من تضرر من سقوط الإخوان فى مصر ملمحا إلى أمريكا يسعى لإعادتهم إلى الحكم عبر البوابة الليبية. لو صح ما قاله جبريل فإن مصر ستدفع ثمنا باهظا لهذه الفوضى الكارثية فى الشقيقة ليبيا. يكشف الرجل أيضا أن المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق قد خاف من عدم تأييد الثورة وقتها خشية التأثير على العمالة المصرية الكبيرة فى ليبيا وكذلك الأمر بالنسبة للجزائر. انتهى كلام الرجل وأكرر ان المشكلة الكبرى فى ليبيا كانت هى نظام القذافى المجرم الذى أعاد ليبيا لعصور ما قبل التاريخ، وان هذا النظام هو السبب الرئيسى فى كل ما تشهده ليبيا من كوارث ومآسٍ. ولذلك فإن غياب الدولة ومؤسساتها او عدم وجودها أصلا تسبب فى كل ما نراه الآن. القوى التى لا تريد لليبيا أو لمصر أو للعرب خيرا هى التى تسعى لتحويل ليبيا وكل المنطقة إلى ساحة للصراعات المستمرة والحروب الأهلية، وبالتالى يصبح مفهوما لماذا لم يبادر حلف الأطلنطى «الناتو» ومعه بعض الحلفاء لعدم جمع الأسلحة من الثوار والمقاتلين الليبيين الذين اسقطوا القذافى. ومثلما أجرم بول بريمر والأمريكان بحل الجيش العراقى عقب الغزو الهمجى عام 2003، أجرم الغرب أيضا فى عدم مساعدة السلطة الجديدة فى ليبيا لبناء جيش وطنى يساهم فى تأسيس الدولة الجديدة. فى ليبيا كانت هناك ميليشيات كثيرة ولم يكن هناك جيش وطنى فوصلنا إلى هذا الوضع فى حين أن وجود مؤسسة عسكرية قوية فى مصر منع وجود الميليشيات وهو الهدف الذى حارب من أجله كثيرون. ليس معنى الكلام السابق التغاضى عن أى اخطاء صغيرة أو متوسطة أو كبيرة ارتكبتها هذه المؤسسة، لكن السؤال الجوهرى إلى بعض الغارقين فى الأوهام هو: هل ما زلتم مصرين على مساعدة تيار يقود ويسعى لتقسيم وتفتيت الجيش وايجاد ميليشيات على غرار النموذج الليبى أو الجيش الحر وجبهة النصرة فى سوريا؟!. أما ان الأفضل ان نحافظ على الجيش بكل الطرق ولا نتوقف للحظة عن انتقاد أى اخطاء سياسية يقع فيها قادته؟!. مرة أخرى على مصر التفكير جديا فى طريقة عملية لمساعدة نفسها والشعب الليبى وإنقاذ المنطقة من القنبلة الليبية التى يبدو أنها تهدد كل المنطقة وليس مصر فقط.