نحن نعشق فكرة المؤامرة، ونرسخها كلما خسرنا مباراة أو بطولة أو منصبا أو حربا.. والتفكير يمكن أن ينقذنا من بحر المؤامرات التخيلية، فمنذ مساء الخميس الماضى بدأت قصة السؤال الإعلامى عن 16 صوتا مختفية من استمارات التصويت على أحسن لاعب فى أفريقيا.. أو أفريقى فى عام 2008، والتسمية الثانية أدق، وطالبت بها منذ أكثر من عشر سنوات كتابة وصوتا وصورة. وكانت بداية طرح الشك فى الجائزة التى فاز بها التوجولى إديبايور ونجم الأرسنال عبر برنامج "كورة إف. إم" ، وربما سبقه بعض المواقع، لكنى سمعت الشك فى النتيجة على لسان هشام فهمى وسيد عبدالحفيظ وهما يسألان شطة عن 16 مدربا لم يدلوا بأصواتهم فى الاستفتاء، وظل شطة يردد أنه لا يملك سلطة الإجابة، وليس مسئولا عن الاستفتاء، وطلب هشام فهمى وسيد عبدالحفيظ الرجوع إلى المسئول الإعلامى فى الكاف، وحين شعر شطة بأنه يُدفع إلى "خانة اليك" ، قال: ربما لم تصل أصوات الستة عشر مدربا فى التوقيت المناسب!. ويبدو أن هذا الحب الجارف لأبوتريكة، وغياب التفكير أحيانا يدفعنا إلى الجانب المظلم دائما، وهو المؤامرة وهكذا.. واختصارا نوضح ما يلى؛ أولا: إنها ليست المرة الأولى التى لا يكتمل فيها عقد المدربين الأفارقة المشاركين فى استفتاء أحسن لاعب، ولعل العملية لم تكتمل أبدا من قبل، ففى مرة من المرات وصل عدد المدربين الذين شاركوا فى اختيار أحسن لاعب إلى 28 أو 30 مدربا، خاصة أن تغييرات طرأت على أسماء مدربى المنتخبات الوطنية بعد مرحلة تصفيات كأس العالم فلم يكن هناك أصلا بعض المدربين فى بعض الاتحادات؟! ثانيا: إن شفافية التصويت واضحة بالإعلان عن أسماء المدربين الذين شاركوا وعن اختياراتهم. ولو كانت النية مبيتة أصلا للمؤامرة لما أُعلنت أسماء المدربين المشاركين!. ثالثا: غياب أسماء 16 مدربا عن اختيارات هذا العام بعد إعلان جميع الأسماء بمثابة دعوة للفوز بقصة صحفية رائعة عن الجائزة تتعلق بالتزوير والتآمر لو كان مدرب واحد من الستة عشر قرر أن يفضح الكاف، خاصة أنه ليس صاحب مصلحة، ولن يخشى على موقعه؛ لأنه قد يكون مدربا سابقا الآن..! رابعا: أكدنا قبل إعلان الفائز أن لقب لاعب أفريقيا الأول يستحقه أبوتريكة أو عمرو زكى بالإنجازات. وشرحنا معنى ذلك. وقلنا إن إديبايور موهوب بلا إنجاز، وأن 80% من الجوائز تمنح للاعبين لهم إنجازات.. وأكدنا أن جائزة الكاف بلا معايير، حتى لو كانت بلوائح، وهناك فارق كبير بين المعيار وبين اللائحة!. خامسا: تعرض أبوتريكة للظلم وليس لمؤامرة، فقد انصبت اختيارات المدربين الأفارقة على البطولات التى يشاهدونها، والأبطال الذين يعرفونهم.. فهم يتابعون الدورى الإنجليزى ولا يعنيهم الدورى المصرى، ويرون أن دورى إسبانيا أقوى من كأس الأمم الأفريقية، كما أن عامل التحيز للون واللغة يؤثر جدا فى الاختيارات، تماما كما قد نتحيز نحن لأى لاعب مصرى حتى لو كان لا يستحق، فصوت مدرب ساحل العاج ذهب إلى دروجبا وصوت مدرب تونس الفرنسى ذهب أيضا إلى دروجبا.. وصوت مدرب غانا ذهب إلى مايكل إيسيان، وصوت مدرب أوغندا ذهب أيضا إلى إيسيان... هكذا مرة يكون الصوت بالانتماء والجنسية ومرة باللون والموقع الجغرافى للدولة ومرة باللغة، ومرة بالديانة، ونحن نفعل ذلك أيضا. لماذا يتآمر علينا الاتحاد الأفريقى؟ وكيف يتآمر بتلك السذاجة التى يسهل كشفها؟ ولماذا يتآمر علينا العالم كله فى كل مجال؟ ماذا عندنا ولا يوجد عندهم.. غير أهرامات الجيزة؟! وأخيرا لماذا لا نحب لغيرنا مانحبه لأنفسنا..؟!