انتهت الخطوة الأولى من استحقاقات خارطة الطريق بإقرار الدستور الجديد، ومازالت مصر تنتظر حسم إجراء الانتخابات الرئاسية أولا أم البرلمانية، وسط تأكيد مصادر سياسية بأن الأمر يتوقف على قرار وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وإعلانه رسميا الترشح لانتخابات الرئاسة. ويشغل السياق القانونى لاتخاذ القرار بال المتابعين، فى ظل بدء فترة الثلاثين يوما، التى تفصل بين إقرار الدستور والمهلة المحددة، التى تبلغ مدتها 60 يوما، تتخذ فيها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إجراءاتها لبدء الانتخابات، بإصدار قرار فتح باب الترشيح، وتحديد الجدول الزمنى للإجراءات انتهاء بالتصويت. وأجمع عدد من القضاة المتخصصين فى المجالين الإدارى والدستورى، فى حديثهم ل«الشروق»، على ضرورة استقالة السيسى من منصبه قبل الترشح، شأنه فى ذلك شأن أى عسكرى أو قاضٍ أو شرطى يتصدى للعمل السياسى. لكن المصادر انقسمت حول الموعد القانونى لتقديم الاستقالة، هل هى قبل فتح باب الترشيح أم قبل إغلاق باب الترشيح، وسبب هذا الخلاف يعود إلى خلاف آخر قائم فى الأروقة القانونية حول مدى أحقية الشخص غير المقيد بقاعدة الناخبين فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. فبموجب المادة الأولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية، يعفى كل ضباط وأفراد القوات المسلحة من ممارسة حقوقهم السياسية سواء كانت التصويت أو الترشح، وذلك طوال فترة خدمتهم. كما ينص القانون على أن موعد فتح باب الترشح للانتخابات دائما ما يكون آخر موعد للتعديل فى قاعدة بيانات الناخبين، وبالتالى ترى بعض المصادر أنه يجب على السيسى الاستقالة من القوات المسلحة ثم قيده تلقائيا فى قاعدة بيانات الناخبين، وذلك قبل موعد فتح باب الترشيح. وأوضحت المصادر أن لائحة قانون مباشرة الحقوق السياسية تنص على وجوب قيد أى مواطن تتوافر فيه شروط الترشح حتى موعد إغلاق قاعدة بيانات الناخبين، وأن موعد إغلاق القاعدة هو ذاته موعد صدور قرار دعوة الناخبين للاقتراع، مما يعنى أنه لا توجد قيود زمنية إضافية تتطلب من السيسى أو غيره من المعفيين من مباشرة حقوقهم السياسية الاستقالة قبل فترة طويلة من دعوة الناخبين. وأكدت المصادر أن قاعدة بيانات الناخبين كانت مغلقة وبصورة مؤقتة منذ دعوة الرئيس عدلى منصور الناخبين للاستفتاء على الدستور، وأعيد فتحها عقب إقرار الدستور، ولن تغلق مرة أخرى إلا عند بدء إجراءات لانتخابات الرئاسية أو البرلمانية بموجب المادة 230 من مشروع الدستور الجديد. أما وجهة النظر الثانية فهى أن حق الترشح ليس مرتبطا بحق التصويت، وأن عدم قيد المواطن فى قاعدة بيانات الناخبين لا يعوقه عن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وبالتالى يمكن للسيسى الاستقالة من منصبه حتى آخر يوم قبل غلق باب الترشيح. وتستند وجهة النظر هذه إلى أن قاعدة الناخبين يتم غلقها، بموجب أحكام القانون، قبل فتح باب الترشيح فى أى انتخابات كسياسة تشريعية لضبط القاعدة، إلا أن شروط انتخاب الرئيس فى الدستور الجديد والمادة الأولى من قانون الانتخابات الرئاسية لم تتضمن صراحة وجوب قيده فى قاعدة الناخبين لحظة فتح باب الترشيح، لكنها نصت صراحة على تمتعه بمباشرة حقوقه السياسية سواء التصويت أو الانتخاب، وهو ما توفره استقالة السيسى له مباشرة. وترى هذه المصادر أن الحقوق الدستورية ومنها حق الترشح لا يجوز حظرها إلا بنص صريح، وأن عدم حظر المشرع العادى أو الدستورى هذا الأمر يدل على تمتع السيسى وأى عسكرى أو قاضٍ أو ضابط شرطة حالٍ فى الترشح، متى استقال من منصبه، قبل إغلاق باب الترشيح. وحول التوقيت المرجح من الناحية القانونية لبدء إجراءات الانتخابات عقب الاستفتاء، قالت المصادر إنه إذا تم الاتفاق نهائيا على إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، فسوف تبدأ إجراءاتها بفتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية فى الفترة بين 17 فبراير و15 أبريل المقبلين، حيث نصت المادة 230 من الدستور على بدء الإجراءات فى فترة لا تقل عن 30 يوما ولا تزيد على 90 يوما بعد إقرار الدستور. ووفقا لتجربة الانتخابات الرئاسية الماضية التى استغرقت نحو 3 أشهر ونصف الشهر، فمن المرجح أن تبدأ الإجراءات نهاية فبراير أو مطلع مارس، وأن تجرى الانتخابات نهاية أبريل أو مطلع مايو. وبررت المصادر ذلك بأن «الانتخابات الرئاسية تستغرق وقتا طويلا يقتضى أن يفتح باب الترشح فى الأسبوع الثانى من مارس على أقصى تقدير، لتنتهى الانتخابات مطلع يونيو قبل نهاية العام القضائى».