كشف أحد مستشارى الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عن أن تصريحات فاروق القدومى «أبواللطف» رئيس الدائرة السياسية فى منظمة التحرير الفلسطينية وأمين سر حركة فتح، التى قال فيها إن الرئيس محمود عباس وقائد الأمن الوقائى السابق محمد دحلان شاركا فى مخطط لاغتيال عرفات، «لم تأت من فراغ» وتستند إلى معطيات واقعية على الارض لكن بها تفاصيل تحتاج للتدقيق، على حد تعبيره. ففى تصريح خاص ل«الشروق» أمس قال فيصل فرحات «أبويوسف» الذى عمل مستشارا فى مكتب الرئيس الراحل منذ عام 1980 وحتى وفاته أن «أبواللطف» لم يكن ليعلن وثيقته أمام الرأى العام بدون وجود معطيات معتبرة لديه، قائلا إن «أبواللطف لا يتحدث من فراغ»، وأنه تأنى كثيرا قبل «تفجير هذه القنبلة المدوية» تحسبا لتغيير ما يطرأ على حركة فتح من خلال المؤتمر العام السادس قد يزيح القيادة الحالية من موقعها. وأوضح أن علاقة عرفات بالقدومى كانت قوية للغاية لدرجة أنه كان بينهما «خط ساخن» للرسائل التى كانت تسلم باليد بينهما، وهو «ما يشير إلى أن أسرارا كثيرة كان عرفات يودعها لدى أبواللطف». من ناحية أخرى، كانت العلاقة بين عرفات وأبومازن بحسب فرحات يشوبها توتر حاد قبل «استشهاده بحوالى 6 أشهر» مشيرا إلى ان هذه الفترة شهدت قطيعة بين الرجلين، مشددا على أن « الخلافات بين عرفات وكل من أبومازن ودحلان كانت استراتيجية عميقة حول المفاوضات مع الاسرائيليين». وذكر أن القيادى البارز فى حركة فتح عباس ذكى جاء إلى أبومازن قبيل وفاة عرفات مباشرة وأخبره أن الرئيس بدأ يدخل فى حالات غيبوبة وأن وضعه الصحى بات فى حالة حرجة، طالبا منه أن يقوم بزيارته، وعندها ذهب أبومازن للقاء عرفات فى مبنى المقاطعة برام الله. وقال أبويوسف إن سبب الخلافات بين أبومازن وعرفات هو أن «أبومازن ودحلان شعرا بأن عرفات يستخدمهما بالطريقة التى يراها وأنه لا يستمع اليهما». ولفت أيضا إلى أن عرفات تمكن من إظهار لقائه بالمبعوث الامريكى انتونى زينى الذى زاره فى المقاطعة اثناء حصاره عام 2002 على أنه نصر سياسى ضد الاحتلال، الأمر الذى جعل واشنطن تعلن بعدها أن عرفات غير متعاون وغير جاد. وحول ما جاء فى محضر الاجتماع المزعوم الذى أعلنه القدومى وذكر أن دحلان وأبومازن التقيا شارون وموفاز للتخطيط من أجل اغتيال عرفات، قال أبويوسف إن هذه المعلومات ربما تكون «غير دقيقة بالشكل الكافى»، لكنه أكد أن «الاسرائيليين كانوا يحاولون أن «يستشفوا» من دحلان وابومازن رأيهما دائما فى الرئيس عرفات بحيث يستطيع الجانب الاسرائيلى تقدير تبعات أى عمل سيقوم به ضد عرفات».لكن استدرك بالقول بأن «فكرة تورط أبومازن فى مخطط لاغتيال عرفات هى أمر بعيد الاحتمال». واشار إلى أن جملة شهيرة قالها جورج بوش لشارون حول مرض عرفات: «لقد أصبح مصيره بيد الله»، فرد شارون: «ونحن سنساعد الله قليلا»، مشيرا إلى أن الاسرائيليين كان لديهم من الوسائل الكافية بأن يغتالوا عرفات دون الحاجة لمساعدة فلسطينية. من جهة أخرى، أكد أبويوسف ما تردد بأن الاردن طلبت من القدومى مغادرتها بعد البيان الذى ألقاه وفجر مشكلة بين عمان والسلطة الفلسطينية، قائلا: «عمان شعرت بالحرج الشديد بسبب بيان القدومى، وشددت عليه الحراسة حول مقر إقامته وطالبته بمغادرة البلاد»، وبالفعل سافر القدومى لسوريا أمس. وأعلن القدومى قبيل تحركه من عمان بأنه «سيكشف عن وثيقة أخرى تعزز ما جاء فى محضر الاجتماع الاول». وتوقع فرحات أن تفصح الوثيقة عن تفاصيل العلاقة بين عباس وأبومازن والخلافات التى كانت بينهما وتفاصيل أخرى حول الاتصالات الاسرائيلية مع ابومازن ودحلان. وكشف فى هذا السياق ان القدومى ألقى بيانه فى عمان على الرغم أنه كان موجودا فى دمشق قبلها باسبوع وذلك لان سوريا لم تكن تريد ان «تحرج نفسها خاصة بعد انفتاحها على الولاياتالمتحدة وفرنسا بشكل خاص»، قائلا انه يصعب التكهن بسلوك دمشق حاليا بعدما دوت قنبلة القدومى «وهل ستعطيه المنبر لإكمال ما بدأه أم ستضغط عليه من أجل التهدئة». وحول ما اعلنه مستشار عرفات السابق بسام ابوشريف فى تصريحات له امس الاول فى قناة الجزيرة من أن أبومازن «لم يكن له علاقة بالاغتيال» وأن لديه «محضر يثبت بأن التخطيط كان بين شارون وموفاز فقط»، أرجع أبويوسف ذلك إلى وجود «خلافات بين ابوشريف والقدومى حاليا وان الرجل خرج بهذا التصريح رغبة منه فى التقرب من ابومازن وأخذ مسافة من القدومى». وفيما يتعلق بتداعيات هذه الازمة، قال فرحات إن «تصرفات الرئيس عباس المستأثرة بحركة فتح، وبيان القدومى تسببت فى تدمير الحركة»، مشيرا إلى أن فتح بعد «قنبلة القدومى» ستتغير تماما. وتوقع أن يسفر المؤتمر العام السادس للحركة مطلع الشهر المقبل عن «إزاحة القيادات التاريخية لصالح وجوه مقربة من الرئيس عباس، فيما سيدفع ثمن الانقسام داخل الحركة القيادات الموجودة فى لبنان الامر الذى يمكن أن نشهد معه تصفيات جسدية بين أعضاء الحركة»، مذكرا باغتيال اللواء كمال مدحت مساعد عباس ذكى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية فى لبنان فى مارس الماضى بسبب ما وصفه» بصراع تنظيمى فى الحركة». وقال إن الانقسام سيكون ظاهرا فى «فتح» لأن هناك قيادات تم استبعادها بالفعل من حضور المؤتمر العام وبالتالى ستكون هذه القيادات «موالية» ل«القدومى» فيما ستأخذ القيادات التى تمت دعوتها جانب الرئيس عباس، على حد رأيه.