«اكتساح» كانت هذه الكلمة هي الوصف المكرر في عناوين الصحف المصرية، وبرامج التوك شو لنتيجة الاستفتاء على الدستور، لكن خلف مشهد النسب العالية والاحتفالات الصاخبة توجد أسئلة هادئة تنتظر التفكير، لماذا ظهرت فئات معينة من المصوتين وتراجعت أخرى؟ وما هي دلالات المؤشرات الأولى للنتائج؟ وماذا بعد إقرار الدستور؟ «بوابة الشروق» تجمع جوانب مشهد الاستفتاء على الدستور، وترصد نظرة الأطراف المختلفة للمستقبل بعد إقراره. الأحزاب المصرية.. لم يعارض أحد كان الملمح الأبرز في هذا الاستفتاء هو عدم وجود أي جهة سياسية أعلنت مشاركتها التصويت ب"لا"، على عكس كل استفتاءات وانتخابات ما بعد الثورة. جميع الأحزاب المصرية المعروفة باسم "الأحزاب المدنية"، بالإضافة إلى حزب النور، أعلنت تأييدها الكامل للدستور، بينما أعلنت الأحزاب المكونة لتحالف دعم الشرعية، الذي يقوده الإخوان، مقاطعتها للاستفتاء لعدم اعترافها بشرعية ما تسميه "الانقلاب". الحركات المحسوبة على الثورة بدورها، مثل الاشتراكيين الثوريين، وحركة "6إبريل" بجبهتيها، اختارت المقاطعة؛ احتجاجًا على ما يعتبرونه مسارًا غير ديموقراطي، وعلى مواد بالدستور أبرزها مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين. الاستثناء الوحيد كان حزب مصر القوية الذي كان قد أعلن الدعوة للتصويت ب"لا"، إلا أنه غير موقفه قبل الاستفتاء بيومين فقط، وأعلن المقاطعة بسبب اعتقال العديد من شباب الحزب أثناء عملهم في حملة "لا للدستور"، واحتجاجًا على انحياز الدولة والإعلام لتأييد الدستور. نساء مصر.. نعم بالرقص البلدي شهد الاستفتاء وجودًا كثيفًا ملحوظًا للمرأة المصرية، وكان الملمح الأبرز هو الأجواء الاحتفالية التي صاحبت التصويت، حيث تكررت مشاهد إطلاق الزغاريد والرقص على أنغام أغنية "تسلم الأيادي"، وهو ما يذكر بأجواء المظاهرات الاحتفالية في 30 يونيو. بالفيديو: رقص وزغاريد أمام لجان الاستفتاء.. ونشطاء: سلاح كيد النسا ضد الإخوان بالفيديو والصور.. «ستات مصر» في الاستفتاء طوابير وزغاريد ورقص بلدي أطفال مصر.. التصويت بكارنيه المدرسة الأطفال بدورهم كان لهم ظهور مميز ضمن أجواء الاستفتاء الاحتفالية، حيث اصطحب الأهالي أطفالهم، وارتدى بعضهم ملابس الجيش، وردد بعضهم شعارات مؤيدة للدستور وللفريق السيسي. بالفيديو والصور: أطفال «السيسي» في الاستفتاء.. ولعبة «تسلم الأيادي» حاليًا بالأسواق شباب مصر.. العودة إلى «الكنبة» كان المشهد الأبرز الذي ميز هذا الاستفتاء، هو الغياب الملحوظ للشباب في طوابير الناخبين. ورغم عدم وجود أي إحصاءات موثقة من جهات رسمية أو بحثية لشرائح المصوتين، إلا أن ملامح المشهد كانت لافتة، إلى حد استرعى انتباه العديد من الشخصيات العامة. بالفيديو.. محمد صبحي: حملة «انزل وقول نعم» سبب عدم مشاركة الشباب في الاستفتاء خالد يوسف: الهجمة الشرسة على ثوار يناير أدت لعزوف الشباب عن المشاركة بالاستفتاء جورج إسحاق: مشاركة الشباب في الاستفتاء لا يتناسب مع حجمهم الحقيقي بالمجتمع فيديو.. «بكار»: مشاركة المرأة في الاستفتاء تاريخية.. ويجب الانتباه لخطورة عزوف الشباب لماذا غاب الشباب؟ تعددت تفسيرات تراجع نسبة الشباب في مشهد الاستفتاء، هناك من اعتبر أن السبب هو زيادة الدعاية الموجهة للتصويت بنعم مثل السفير معصوم مرزوق، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالتيار الشعبي، بينما قال شباب ل"بوابة الشروق" إن السبب هو شعورهم بعدم جدوى التصويت، وأنه لن يغير من واقع البلد. بالفيديو: شباب مقاطعون ل«الاستفتاء»: «مش فارقة معانا» وأبناء «الستينات» بيغيروا مننا التيار الشعبي: حملات التصويت ب«نعم» ذكّرت الشباب بحملة «اخترناه وبايعناه» هل غابوا أصلا؟ على الجانب الآخر هناك من رفض فكرة وجود هذا الغياب المتعمد، مثل محمود العلايلي، سكرتير عام حزب المصريين الأحرار، الذي فسر تراجع مشاركة الشباب بانشغالهم في امتحانات منتصف العام، أو شباب حركة تمرد الذين دعوا للتصويت وشاركوا فيه، وقال محمود بدر إن التصعيد والمبالغة في الحديث عن غياب الشباب روج له شباب الإخوان. قيادي ب«الإنقاذ»: الامتحانات كانت سبب عدم مشاركة الشباب بقوة في الاستفتاء «بدر»: ليس صحيحًا أننا نعيش «دولة للعواجيز».. ولا يفيد التحدث عن ضعف مشاركة الشباب في الاستفتاء عودة ال98%.. سياسيون يرحبون، وشباب يسخرون اختلفت ردود الأفعال بعد ظهور مؤشرات النتائج الأولية بالموافقة على الدستور بنسبة 98%. الأحزاب المؤيدة للدستور أعربت في بيانات وتصريحات لقادتها عن سعادتها بالنتيجة، واعتبروها تمثل إجماع الإرادة الشعبية على هذا الدستور، وعلى استكمال مراحل خارطة الطريق، في ظل ترقب إعلان الرئيس المؤقت عدلي منصور عن ترتيب ومواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية. بينما تداول نشطاء على مواقع فيس بوك وتويتر تعليقات ساخرة مثل "شباب ثورة 19 قالوها قوية"، و"كده الاستفتاء مجموعه يحصل كلية طب ولا لأ؟". شباب آخرون يحتفلون وعلى عكس رأي شباب الحركات الثورية، أبدى شباب حركة تمرد سعادتهم بالمشاركة والنتيجة، ووصف محمود بدر، مؤسس الحركة، مؤشرات نتائج الاستفتاء بأنها اكتساح، وكتب على صفحته بموقع فيس بوك "يا ريت بقى بتوع في انقسام في الشارع يخرسوا للأبد... الشارع متوحد في أكتر من 40% من المصريين يعني بزيادة حوالي 10 مليون نزلوا وصوتوا... في مصر سحقت الإخوان... وإخواننا أسرى فيس وتويتر يا ريت يراجعوا نفسهم ويفهموا أن الثورة دي ملك للناس الغلابة مش للتجار... ويفهموا أن معاركهم من غير الناس خسرانة". الإخوان: الشعب قاطع الاستفتاء وكسبنا جولة جديدة اعتبر الإخوان أن الشعب قد استجاب لدعوتهم بالمقاطعة، وأن النتائج المعلنة مزورة. وقال بيان رسمي لتحالف دعم الشرعية " هنيئًا لكم ولشعبنا المصري البطل في الداخل والخارج نجاح المقاطعة الإيجابية بشكل تاريخي عظيم، وسقوط استفتاء الدم سقوطًا مدويًّا، وهنيئًا لكم ولنا انتصار إرادة الثورة مجددًا على بقايا عصابة المخلوع، واكتسابها أرض جديدة وقطاعات جديدة". وقد تداول نشطاء البيان بتعليقات ساخرة مثل "يا عيني ده باينه اتصدم" و"شفتو المخدرات بتعمل إيه؟" وقد دعا التحالف أنصاره للصمود حتى إسقاط ما وصفوه ب"الانقلاب"، ودعا للحشد طيلة هذا الأسبوع الذي أطلقوا عليه "أسبوع التصعيد الثوري" حتى الوصول إلى يوم 25 يناير. حركة 6 إبريل: الاستقرار ما زال بعيدًا اعتبرت حركة "6 إبريل" أن نتائج الاستفتاء لا تعني عودة الاستقرار إلى مصر كما يتوقع البعض، وقالت الحركة على صفحتها بموقع فيس بوك: "الفرق أننا شايفين الدستور دا زي اللي قبله واللي قبله، مجرد حبر على ورق؛ لأنه مش قايم على توافق حقيقى...لأنه فيه أزمة حقيقية في المجتمع...لأنه فيه مظالم كتير أوي ما زالت موجودة...لأنه لسه فيه قمع وفساد وفشل وكدب ونفاق. الأيام هتثبت لكم إنه مش هييجي استقرار إلا لما نحل مشاكلنا". وأشارت الصفحة إلى أهمية الاستمرار في الثورة قائلة: "في 15 يناير الشباب قاطع.. في 25 يناير الشباب راجع". توقفوا عن السخرية نظرة مختلفة للمستقبل طرحها أحمد فوزي، الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي، حيث قال: إن ما حدث بالاستفتاء هو تصويت عقابي ضد الإخوان، ودعا الغاضبين من النتائج من رفاقه في «التيار الديمقراطي والثوري» إلى مراجعة أخطائهم، والتواصل مع الشعب والاندماج في العمل السياسي، بدلًا من السخرية أو التشكيك في النتيجة، فهي ليست «فوتوشوب» على حد قوله. وقال فوزي في تدوينة على موقع فيسبوك: «امبارح الإخوان انهزموا شعبيًّا.. ودور الناس استغلال ده ومقاومة أي اتجاه ياخد الناس دي في سكة فاشية تانية غير الفاشية الدينية.. الاختبار الأول هو انتخابات الرئاسة، اللي حيقاطع أو يقول لا يمثلني ويشتم المرشحين كلهم يبقى البقاء لله، وبعدين انتخابات برلمان بتحالفات معقولة تسمح بوجود ناس عاقلة والناس بقى تدخل أحزاب، تعمل أحزاب، تعمل نقابات، تشتغل على أي حاجة غير أنها تتريق وتنكت وتندب.. أو تسكت خالص».