تعيش الساحة السياسية المصرية حالة من الترقب مع إقتراب موعد الإستفتاء على الدستور المعدل من دستور 2012، الذي أعدته لجنة الخمسين التي اختارها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، ودعا الشعب للاستفتاء عليه يومي 14 و15 يناير / كانون ثاني القادم. وفي ظل أجواء الترقب تزايدت حدة الانقسامات داخل التيار الإسلامي في مصر، والذي أصبح قوة سياسية كبيرة على الساحة منذ ثورة 25 يناير. فحزب النور السلفي الذي شارك في إعداد خريطة الطريق التي وضعها الجيش عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وإشترك في لجنة الخمسين التي عدلت الدستور، يحشد للتصويت بنعم ومعه عدد من رموز الدعوة السلفية على رأسهم الشيخ ياسر البرهامي. التيارت الليبرالية تؤكد قدرتها على الحشد وإقرار الدستور بنسبة كبيرة بينما توجد تكتلات إسلامية أخرى يمثلها تحالف دعم الشرعية الداعم للإخوان المسلمين، دعت للمقاطعة وعدم المشاركة في الاستفتاء، كما دعا حزب مصر القوية المحسوب على التيار الإسلامي لرفض الدستور الجديد، والتصويت ب "لا". ويضم تحالف دعم الشرعية عدة أحزاب إسلامية هي (البناء والتنمية، والحرية والعدالة، والعمال الجديد، والفضيلة، والإصلاح، والتوحيد العربي، والحزب الإسلامي، والوطن، والوسط، والراية، وحزب العمل). تمسك بالمواقف ويرى البعض أن هذا الإنقسام سيعيد رسم الخريطة السياسية، ويضعف التيارات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، خاصة في ظل تمسك كل جناج داخله بموقفه. وهو ما أكده المهندس أشرف ثابت نائب رئيس حزب النور في تصريح ل بي بي سي، من أن موقف النور من المشاركة في الاستفتاء والدعوة للتصويت ب "نعم" أمر منتهي ولن يتغير. وقال ثابت : "في النهاية سيتم إقرار الدستور وستكون المشاركة كبيرة لأنه لا يوجد به ما يدعو لرفضه أو مقاطعته." وتعد قضية المشاركة في الاستفتاء أمرا هاما لجميع القوى المؤيدة للدستور الجديد، والتي بدأت تحشد بكل الوسائل لحث المصريين على المشاركة بنسبة تفوق ما حدث في الإستفتاء الماضي الذي أعدته الجميعة التأسيسية إبان حكم الإخوان. لكن محمد أبو سمرة القيادي بتحالف دعم الشرعية شدد على أن الإقبال سيكون ضعيفا، وقال في تصريح ل بي بي سي: "مقاطعة التيارات الاسلامية يعني عدم وجود كيان قادر على الحشد، والتيار السلفي هلامي ليس له نهج أو برنامج سياسي وغالبية المحافظات انشقت عنه." ويراقب التيار الليبرالي باهتمام بالغ التطورات التي تحدث داخل التيار الإسلامي، وما سينتهي إليه هذا الصراع الذي أخذ طابعا متشددا وظهرت فتاوى تحض على المقاطعة. أزمة الفتاوى ومن أهم تلك الفتاوى ما نسب إلى الشيخ أبو إسحاق الحويني أبرز مشايخ الدعوى السلفية والتي طالب فيها بمقاطعة الإستفتاء. وهو ما رفضه حزب النور، وأضاف نائب رئيس الحزب: "ما نقل عن الشيخ أبو إسحاق ليس دقيقا بنسبة 100 في المائة، وسيتوجه الحزب للشيخ لشرح وجهة نظره من الناحية الشرعية والسياسية والأسباب التي دفعته لإتخاذ هذا الموقف." "ممارسات الإخوان والخوف منهم سيمنح السيسي رئاسة مصر باكتساح وسيؤدي لإقرار الدستور بنسبة أكبر من دستور 2012" لكن المفكر الإسلامي مختار نوح القيادي السابق بجماعة الإخوان، طالب بضرورة تنحية الدين جانبا في هذا الصراع السياسي، وقال ل بي بي سي:" الدين ليس له علاقة بالإستفتاء، ولا يجب لأحد أن يصدر فتوى يحرم أو يحلل أو يدعو للتصويت سواء بنعم أو لا." ويحاول التيار الليبرالي في مصر التأكيد على قدرته على الحشد واقرار الدستور بأغلبية كبيرة تفوق التي حصل عليها دستور 2012. وشدد السياسي الليبرالي الدكتور محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الديمقراطي على أن هذه التطورات داخل التيار الإسلامي غير مقلقة لأن نسبة الرفض لن تزيد عن 25 في المائة. وقال في اتصال مع بي بي سي " الإسلاميون جميعا سيشاركون، الإخوان ومؤيدوهم لن يقطاعوا وسيحشدون للرفض، وقيادات السلفية وحزب النور سيقولون نعم، لكن شباب السلفية سيقول لا." وهي الحقيقة التي أكدها أيضا الدكتور محمد محي الدين نائب رئيس حزب غد الثورة، والذي أوضح ل بي بي سي أن من يرفض الدستور سيشارك ولن يقاطع. وألمح عضو جمعية وضع دستور 2012 إلى أنه سيذهب للمشاركة ويقول نعم، رغم ملاحظاته على الدستور، لأن هذا أفضل لمصر حاليا، مشيرا إلى وجود انقسام داخل التيار الليبرالي مثلما هو الحال في التيار الإسلامي. ويرى الكثيرون أن مشاركة التيار الإسلامي بأي شكل من الأشكال في الاستفتاء القادم، هو إعتراف قوي بشرعية النظام الحالي، وإعتراف بخريطة الطريق التي وضعتها القوات المسلحة. شرعية النظام وذكر أبوسمرة " قرار المقاطعة جاء لعدم إضفاء الشرعية على النظام الحالي، بالإضافة إلى وجود شكوك كبيرة في تزوير الاستفتاء." ويحمل البعض الإخوان وتحالفهم مسئولية انقسام التيار الإسلامي في مصر، ومنهم مختار نوح، وأوضح أن الخوف من الإخوان وما يفعلونه الأن هو السبب الرئيسي وراء انقسام التيار الإسلامي، كما أنه سيؤدي إلى إقرار الدستور الجديد بنسبة كبيرة." ويدرك تحالف دعم الشرعية أن الاستفتاء على الدستور هو معركته الأخيرة، لأن إقرار الدستور، سيكون بمثابة موافقة من الشعب على خريطة الطريق والإقرار بما حدث، كما أنه سيكون بداية لانتخابات برلمانية ورئاسية قد تأتي بالفريق أول عبدالفتاح السيسي رئيسا. وأضاف نوح "الفريق أول عبدالفتاح السيسي سيفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة وباكتساح، لأنه لن يكون هناك من سيقف ضده، وسيزيد العزلة الشعبية للإخوان