تحت أمطار لا تقل غزارة عن كفاحه ضد التمييز العنصرى، ألقى عشرات الآلاف أمس نظرة الوداع على جثمان الزعيم الجنوب أفريقى، نيلسون مانديلا، الذى وافته المنية الخميس الماضى عن 95 عاما، قضى منها 27 عاما داخل السجن. ففى استاد سوكر سيتى بمنطقة سويتو فى مدينة جوهانسبرج، احتشد حوالى 95 ألف شخص، بينهم العشرات من زعماء العالم، فى تأبين مانديلا، المعروف فى قبيلته «زوسا» باسم «ماديبا»، التى ستنتهى جنازته يوم الأحد المقبل بدفن جثمانه فى مسقط رأسه بقرية كونو فى إقليم الكاب الشرقى على بعد 700 كم جنوب جوهانسبرج. وبالتزامن مع اليوم العالمى لحقوق الإنسان، الذى وافق أمس، فإن مراسم تأبين مانديلا فى الاستاد هى الحدث الأهم فى أسبوع حداد على الزعيم المحبوب فى أرجاء العالم، بحسب وكالة رويترز. ولتأمين الحدث، طبقت سلطات جنوب أفريقيا عملية أمنية ضخمة، فمنعت السيارات الخاصة من دخول المنطقة المحيطة بالاستاد، وطلبت من المواطنين الراغبين فى المشاركة استخدام المواصلات العامة. ورغم الأمطار الغزيرة، إلا أنه سرت أجواء احتفالية خارج الاستاد، ورقص محتشدون وأطلقوا صفارات الفوفوزيلا البلاستيكية وأنشدوا أغنيات تعود إلى أيام الكفاح ضد التفرقة العنصرية، فيما انخرط آخرون فى البكاء. وعبر شاشات عرض كبيرة جرى نقل مراسم التأبين إلى ثلاثة استادات أخرى من استاد سويتو، الذى ظهر فيه مانديلا، أول رئيس أسود لبلاده عام 1994 بعد انتهاء نظام الفصل العنصرى، لآخر مرة يشاهد فيها فى مكان عام. حفل التأبين بدأ بالنشيد الوطنى لجنوب أفريقيا، ثم صلوات، وبعدها ألقى اثنان من أصدقاء مانديلا المقربين وحفيده كلمات، تبعتها كلمتان للأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، ورئيس الاتحاد الأفريقى، نكوسازانا دالمينى زوما. كما ألقى رؤساء الولاياتالمتحدةوالبرازيل والهند وناميبيا وكوبا والصين كلمات قصيرة، تبعها كلمة لرئيس جمهورية جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، واختتم الحلف بكلمة للأسقف، إيفان أبراهامز. وخلال مراسم التأبين ظهرت عدة لافتات صفراء فى الاستاد عليها شعار «رابعة»، الذى يرمز به أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسى، إلى فض قوات الأمن لاعتصامى «نهضة مصر» و«رابعة العدوية»؛ ما أسقط 377 قتيلا، بينهم ست سيدات، فى الاعتصام الأخير، بحسب تقرير لهيئة الطب الشرعى، انفردت بنشره «الشروق» أمس. من كل أرجاء العالم، شارك فى مراسم أمس حوالى 90 زعيما، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة، بانى كى مون، وسلفه كوفى أنان، والرئيس الأمريكى، باراك أوباما، وسلفه جورج بوش الابن، والرئيسان الأسبقان بيل كلينتون وجيمى كارتر، والرئيس الكوبى، راؤول كاسترو، والفرنسى فرانسوا أولاند. وشهد حفل التأبين مصافحة تاريخية بين أوباما وكاسترو، رغم العداء الطويل بين بلديهما، وفقا لوكالة رويترز. وشارك أيضا الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، والسودانى عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، والهندى براناب مخرجى، ورئيس زيمبابوى، روبرت موجابى، ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، ورئيس الوزراء البريطانى، ديفيد كاميرون، ونائبه نك كليج، وزعيم حزب العمال البريطانى إد ميليباند، بجانب رؤساء وزراء بريطانيين سابقين، هم: جوردن براون، وتونى بلير، وجون ميجور، إضافة إلى المبعوث الدولى والعربى إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمى. ومن المقرر نقل جثمان مانديلا إلى العاصمة بريتوريا اليوم الأربعاء ليبقى فيها يومى الخميس والجمعة، على أن تقام مراسم التشييع فى مسقط رأسه بقرية كونو جنوبى البلاد يوم الأحد المقبل، ولن يشارك فى المحطة الأخيرة الكثير من زعماء العالم، حيث يرجح أن تكون عائلية وخاصة.