صنع فى (نبروه)

80% هو حجم الاقتصاد السرى (غير القانونى) فى مصر، والذى لاتعرف عنه الدولة بأجهزتها شيئا، وهى نسبة كبيرة دون شك، المسئولون يفضلون أن يطلقوا عليه وصف (الاقتصاد الموازى) من باب الدلع والتخفيف.
كل مصانع «بير السلم» تدخل تحت تصنيف الاقتصاد السرى، والتى تُنتج كل مالم يخطر لحضرتك على بال، من الأجبان والألبان ومصنعات اللحوم وغيرها من السلع الغذائية وأى منتجات استهلاكية، وطالما أن مصانع «بير السلم» لاتزال تعمل بهمة ونشاط وفى حالة تزايد، فهذا يعنى إن (الأشية معدن) ولايوجد ما يعكر صفو حال تجارة «بير السلم»، بل تعمل فى أمان تام.
لفرط سذاجتى، اعتقدت أن مصانع «بير السلم » لاتتجاوز فى صناعتها المواد الغذائية (مع خطورتها) وربما قطع غيار سيارات أو ماشابه، لكن المفاجأة أنه قد أصبح لدينا ومنذ فترة طويلة مصانع «بير سلم» لغش الأدوية وتقليدها.
الكلام السابق، معناه أنه من المؤكد تناولك مثل هذا الدواء المغشوش، لكن ربنا ستر ولم تسوء حالتك الصحية، وأن التقدير الأسوأ أنك ظننت السوء فى طبيبك المعالج فقمت بتغييره، وفى السطور التالية سأعرض عليك عددا من الحقائق والأرقام عن صناعة الدواء المغشوش فى مصر:
1 إجمالى تجارة الدواء فى مصر 25 مليار جنيه، وتشكل صناعة الدواء المغشوش 20% منها (نحو 5 مليارات جنيه).. المصدر منظمة الصحة العالمية.
2 المسئولون فى وزارتى الصحة والداخلية يعلمون كل تفاصيل عمليات غش الدواء فى مصر بل يعلمون أماكن تصنيع الدواء المغشوش ولكن لا يتحركون (عندك تفسير).
3 الأدوية المغشوشة فى السوق المصرية ليست مقصورة على مصانع «بير السلم» (المصرية) فقط بل يتم تهريب الدواء المغشوش إلى بلادنا وتحديدا من الهند والصين، مما يعنى أن بلدنا أصبحت سوقا طالبة ورائجة ومستهلكة ومستقبلة للأدوية المغشوشة عالميا.
4 مدينة واحدة فى مصر تحتكر بمفردها 60% من تصنيع الأدوية المغشوشة فى مصر، وهى مدينة (نبروه).. أكيد منتهى الفخر بعد أن حققنا الحلم المصرى فى عبارة (صنع فى مصر).
5 الغش لا يقتصر فقط على الأدوية بل يمتد لما هو أخطر من ذلك ونعنى به المستلزمات الطبية التى تحتاجها المستشفيات والمراكز الطبية مثل الحقن والشاش وعبوات الأوكسجين، خاصة أن القائمين على عمليات الغش يجمعون مخلفات المستشفيات (الفوارغ) ثم يملأونها ثانية بالمادة المغشوشة.
القضية خطيرة والأرقام والمعلومات والاحصائيات مهمة وتفاصيلها كثيرة (طالع أهرام السبت 7ديسمبر) خاصة أنها تتعلق بصحة المواطنين، لكن كيف نشد انتباه المسئولين لهذه القضية بل كيف نطالب الإعلام بالتركيز على مثل هذه القضايا، والكل مشغول بمظاهرات الإخوان وفتيات 7 الصبح.
نرجو عندما نفيق من تفاصيل السياسة وسنينها والدجل السياسى الذى بات يلفنا جميعا منذ سنوات، ألا تكون قضايانا المصيرية قد استفحلت واتسع رتقها على الراتق.
قولوا يارب..