قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، إنه بينما تفرش القاهرة السجادة الحمراء لاستقبال وزير الدفاع الروسي سيرجى شويجو، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، انشغل المسئولون بإعلان أنه لم يحدث تغير في اتجاهات الجغرافيا السياسية للبلاد. أشارت الصحيفة في مقالها الافتتاحي، أمس الخميس، إلى أن المسئولين يؤكدون أن الأوضاع كما هي، وأن مصر لا تزال حليفة للولايات المتحدة، وتتعاون مع المخابرات الأمريكية، وترحب بالسخاء المالي الأمريكي. تحدثت الصحيفة عن العلاقات المصرية الأمريكية، مشيرة إلى أن واشنطن لم توقف فقط المعونة المالية، وإنما أرجأت إلى أجل غير مسمى، تسليم أنظمة عسكرية متنوعة. وصفت الحكومة المصرية هذا الأمر بالسياسة الخاطئة، وتعهدت بأن القاهرة «لن تستسلم للضغوط الأمريكية»، ومن جانبه سعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، للتأكيد على أن هذه الخطوات الأمريكية، لا تعني قطع العلاقات مع مصر. ولكن تصريحات كيري لم تكن مقنعة، تماما مثل التأكيدات الرسمية المصرية أن الزيارة الوزارية الروسية لا تدل على انقطاع العلاقات من الجانب المصري مع واشنطن، فالصحيفة ترى أنه كلما ازداد الإصرار على النفي، كلما أصبح أكثر وضوحًا أن هناك تحولا ملحوظا في العلاقات الدولية، التي ربطت حتى وقت قريب أمريكا التي تعد القوة العظمى الوحيدة في العالم، مع مصر الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان. وقالت الصحيفة إن الأكثر أهمية هو أن زيارة الوفد الروسي، التي تتضمن صفقة كبيرة من المعدات العسكرية الروسية المتطورة لمصر، تعد بوضوح ردا على وقف امدادات الأسلحة الأمريكية. يقول المصريون إن بإمكانهم شراء ما يحتاجونه من أي مكان آخر، ودون الحاجة للدفع نقدًا، ومن هنا ترى واعتبرت الصحيفة أن ما يجري يعد عودة إلى أسلوب وشكل الحرب الباردة بين موسكووواشنطن، عندما تمتعت مصر بالدعم السوفيتي غير المحدود، على النحو الذي يمنح القاهرةوموسكو القدرة على تحدي واشنطن. تشير الصحيفة إلى أن حكام مصر واقعيون بما فيه الكفاية، ليعرفوا أن العلاقات لن تعود كما كانت مع روسيا، ولا يتوقع الكرملين الروسي أيضًا يصبح له نفوذ الأمس، ولكن الاتجاه واضح. تضيف الصحيفة أن روسيا تتطلع ليكون لها موطئ قدم في مصر، كما أن لدى القاهرة أسبابها لإغاظة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكيري، الذي يشعران من التعامل معهما كمتعاطفين مع الإخوان المسلمون. تقول الصحيفة إنه لا فائدة قط من إعلان أوباما وكيري أنهما كانا يدعمان الحكم الديمقراطي في مصر؛ لأن الرئيس المعزول محمد مرسي انتهك دستور البلاد، ووضع حدودًا لسلطة القضاء في انتهاك واضح لمبادئ الديمقراطية. في النهاية، قالت الصحيفة، إن عودة الظهور الروسي في المنطقة صناعة أمريكية بالكامل، ولم يكن هناك مفر منه، وإن هذا التعقيد يعد تخبطا مذهلا في السياسة الخارجية الأمريكية، ينشأ عن فشل أساسي في فهم تعقيدات الشرق الأوسط.