انقلبت ورشة عمل فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول أيدى حكومة الببلاوى المرتعشة، وقانون حماية المسئولين الحكوميين المزمع إصداره تحت اسم «النوايا الحسنة» إلى جلسة نقد للقانون ولأداء الحكومة. وكانت مصادر حكومية قد أعلنت الاسبوع الماضى أنها فى طريقها لإصدار قانون لحماية المسئولين الحكوميين من المساءلة القانونية على مخالفاتهم، بحجة أنهم كانوا حسن النية، مما رأه الخبراء أو المسئولون الحكوميون ممن حضروا الورشة غير مناسب لا لحماية الاستثمار أو مكافحة الفساد. فى حين اتفق معظم الحضور، على تطبيق قانون محاسبة الوزراء، وأن تتم محاسبة الوزراء أمام قاضٍ طبيعى، على المخالفات السياسية، وفى حالة وجود شبهة جنائية يتم تحويله لمحكمة الجنايات، وبالتالى ينتهى الخوف من اتخاذ القرارات التى تشجع الاستثمار، وتتم مكافحة الفساد. «هل الحكومة تجهل أن أساس المشكلة هو التشريعات المقيدة للحركة، وأن موظف الجهاز الإدارى متخوف من اتخاذ قرار يتحاكم عليه»، تتساءل يمن الحماقى، استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، معترضة على حالة «الأيدى المرتعشة» لحكومة الببلاوى. «ما أعرفه أن رئيس الحكومة واثنين من نوابه ليسانس حقوق»، يرد عليها أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية الأسبق، الذى انتقد طريقة عرض الحكومة لمشاريع قوانينها، وقال إن الحكومة الحالية تفتقد للشفافية، «رغم أن فيها زملاء كفاح كانوا يطالبون بمزيد من الشفافية». واستشهد درويش بطريقة عرض قانون التظاهر «الحكومة ترى أنها كل ما تخبى يكون أفضل، والنتيجة كل جورنال معاه نسخة شكل للقوانين». يرى هانى سرى الدين، رئيس هيئة سوق المال الأسبق، أن قانون النوايا الحسنة، سيئ حتى للمسئولين الحكوميين أنفسهم، وللمستثمرين، «من يحدد حسن النية». وطالب سرى الدين بأن تكون المحاسبة الجنائية فى حالة التربح للمسئول الحكومى أو لذويه فقط، أما فى حالة عدم التربح فتكون عقوبات أخرى مثل الحرمان من الوظائف العامة أو العقوبات الإدارية أو حتى الحبس فى حالة الاخلال الجسيم. وانتقد التشريعات الحالية التى تعتمد فى الادانة على «تربيح الغير»، ضاربا مثلا بتسعير الاراضى بدولار واحد للمتر الذى أدى لتحقيق مكاسب لأشخاص آخرين، ولذلك تم لجوء البعض لهذه النقطة لتسهيل اثباتها والتقاضى وإحالة موظفين عموميين إلى محاكم الجنايات. «الموظف إلى يكسب غيره وهو ما يكسبش، ما يروحش الجنايات يروح مستشفى المجانين»، وفقا لسرى الدين، الذى يعمل بالمحاماة، وأشار إلى تضرر موكليها من هذه القوانين بشكل كبير، وأكد أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تحتفظ بهذه القوانين. وقال سرى الدين إن الجهاز الإدارى متضرر من التشريعات الحالية، وبالتالى يعطل عمل الدولة بالكامل «المسئول الإدارى فى لجان فض المنازعات يقول لى عندك حق بس انا هاقول لأ، لأنه لو وافق ستُستخدم الموافقة على حل النزاع كدليل ضده فى المحاكمة»، مشيرا إلى أن الجهة الادارية التى يتبعها هؤلاء الموظفين لا تدافع عنه، مما أدى إلى توقف الاستثمارات، «منذ ثورة يناير لم تقم الحكومة بتخصيص أراضٍ للقطاع السياحى إلا 20 الف متر مساحة خلفية لأحد المشاريع فى محافظة البحر الأحمر». وقالت أمنية حلمى المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إن معدلات النمو فى الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2013، بلغت 1.5%، «أقل من معدل النمو السكانى، أى أن نصيب المواطن من ناتج الدولة انكمش». ويقول أحمد درويش إنه حل معضلة حماية الاستثمار وتقليل الفساد، هو المحاكمات السياسية أمام قاضٍ طبيعى، بالإضافة إلى المحاسبة السياسية أمام البرلمان المنتخب، ومنع تضارب المصالح، والفصل بين الجهات الرقابية والتنفيذية الإدارية، هذا بالإضافة إلى تعديل منظومة قيم المصرية، حيث أشار إلى أن هناك بعض أنواع الفساد لا يعتبرها المجتمع فسادا، مثل الحصول على بعض الخدمات نتيجة المناصب والوظائف، «عُرض علىّ عندما كنت وزيرا أن أحصل على فيللا بربع ثمنها، بشكل قانونى، ولا أعرف أى نوع من الاستثمار يمكن أن أحصل عن طريقه على هذه الأموال، ولا يعتبر الكثير هذا السلوك فسادا». وعدد درويش أنواع الفساد التى لا يعتبرها البعض فسادا مثل الإهمال واللا مبالاة فى إدارة المال العام، وإصدار قرار متحيز لفئة. وفى نهاية الورشة، قال هانى توفيق، الخبير الاقتصادى، وأحد معدى قانون حماية المسئولين، إنه غير موافق على تسمية القانون، رغم مطالبته بحماية الاستثمار «فالطريق إلى جهنم مفروش بقانون النوايا الحسنة».