عاجل- أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 ترتفع بقوة وتسجل مستويات قياسية جديدة    أسعار اللحوم اليوم السبت 4-10-2025 في الدقهلية    بث مباشر| افتتاح رئيس الوزراء معرض تراثنا نيابة عن السيسي    القاهرة الإخبارية: تواصل الغارات الإسرائيلية على غزة وسقوط عدد كبير من الشهداء    الرئيس الفلسطيني يرحّب بإعلان حماس عن استعدادها لإطلاق سراح جميع الرهائن    مقتل مسن على يد نجله في قرية أمياي بطوخ    ختام مهرجان مسرح الهواة في دورته الحادية والعشرين و"الجحر" يحصد المركز الأول    الحلقة 195 من المؤسس عثمان.. بداية موسم جديد من الصراعات والتحالفات    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    إسرائيل تجمد عملية احتلال مدينة غزة    موعد مباراة ليفربول وتشيلسي والقنوات الناقلة في الدوري الإنجليزي    اللجنة الخاصة لمناقشة اعتراضات الرئيس على «الإجراءات الجنائية» تبدأ أولى اجتماعاتها    حالة الطقس اليوم في مصر.. أمطار ورياح على هذه المناطق    «الداخلية» تضبط 100 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين بالاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية    محافظ المنوفية يتفقد المواقع المتضررة من ارتفاع منسوب النيل.. فيديو    فاروق: الصادرات الزراعية المصرية تحقق 7.5 مليون طن    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    لماذا ارتفع منسوب مياه نهر النيل في مصر؟ أستاذ جيولوجيا يجيب    حكايات الغريب وقصة البحث عن "عبد الله" سائق إحدى الصحف الذي اختفى في حصار السويس    انطلاق المؤتمر الصحفي العالمي لافتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بوادي الملوك بالأقصر    ختام مهرجان مسرح الهواة في دورته الحادية والعشرين    66 شهيدا بغزة خلال 24 ساعة.. ارتفاع ضحايا عدوان إسرائيل ل67074 فلسطينيا    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    تفاصيل إجراء أدق جراحات القلب المفتوح داخل مستشفى النصر التخصصي ببورسعيد    وصول سارة خليفة وعصابتها لمحكمة الجنايات وسط حراسة مشددة    ورشة تدريبية في فنون المونتاج بجامعة قناة السويس لتعزيز المهارات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعاملوا مع 662 بلاغا خلال شهر سبتمبر    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    إجراءات أمنية مشددة لتأمين مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية الليلة    تاريخ الإغلاقات الحكومية فى أمريكا.. بدأت فى 1976 وآخرها كان الأطول    رئيس التأمين الصحي يوجه بزيادة عدد العمليات الجراحية في مستشفى النيل بالقليوبية    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 4 أكتوبر 2025    «عاشور»: تنفيذ مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء ومدن القناة بتكلفة 24 مليار جنيه    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق القاهرة – الفيوم الصحراوي    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    95 منظمة دولية وإقليمية تشارك في «أسبوع القاهرة الثامن للمياه»    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    من غير مواد حافظة.. طريقة عمل الكاتشب في البيت لسندوتشات الأطفال    جراحة قلب دقيقة تنطلق بالتكنولوجيا في بورسعيد    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    بعثة الفراعنة تطير لمواجهة جيبوتي الثلاثاء وتتطلع لحسم حلم المونديال من المغرب    سعر الجنيه الذهب في السوق المصري اليوم يسجل 41720 جنيها    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الميدان بين السخاء العربى والتسامح الأمريكى
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 11 - 2013

فجأة، وبلا مقدمات، فكت الإدارة الأمريكية حصارها من حول مصر الميدان، واندفعت ماشية فوق حطام عهد الإخوان الذى لم يقدر له أن يتجاوز السنة الأولى من عمره، لتبلغ القيادة المصرية (الجديدة) تحيات الرئيس الأسمر ذى الجذور الإسلامية باراك اوباما وحرصه على استقرار أرض الكنانة تحت قيادة نظامها الجديد قيد التكوين.
ولقد بذل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى جهدا ملحوظا واستفاض فى التأكيد على عمق الصداقة بين واشنطن والقاهرة، بدليل استمرار المساعدات، والأهم: إصراره على زيارة القاهرة، ولقاء المسئولين الذين جاءت بهم ثورة الميدان فى توقيت له دلالته القاطعة، أى عشية المباشرة فى محاكمة «عهد الإخوان المسلمين» ممثلا بالرئيس المخلوع الدكتور محمد مرسى ومعظم قيادة هذا التنظيم الذى أعطى ملكا فلم يحسن سياسته، فانتهى الأمر بخلعهم.
ولا بد، طبعا، من الإشارة إلى أن زيارة الوزير الأمريكى قد تم توقيتها بحيث تسبق سفره إلى السعودية لتهدئة غضب أسرتها الحاكمة، نتيجة إقدام واشنطن على فتح باب الحوار مع إيران، وقبلها امتناع الإدارة الأمريكية عن توجيه الضربة العسكرية للنظام السورى تأديبا له على امتلاكه السلاح الكيماوى.
•••
وبغض النظر عن التوقيت فإن «الشهادة» التى زكى بها الوزير الأمريكى النظام المصرى الجديد تشير إلى أن استعجال السعودية فى تقديم دعمها، والذى شاركتها فيه سائر دول الخليج العربى، الإمارات والكويت وقطر (وإن بشروط مختلفة) لم يكن مجرد نجدة عربية عاجلة للقاهرة لتأمين النظام الجديد، اقتصاديا، وحتى لا يفيد الإخوان من اهتزاز الوضع الاقتصادى، بل كان تلبية لطلب أمريكى بعد «اطمئنان» واشنطن إلى الحكم المؤقت فى القاهرة وموافقتها على دعمه.
ولقد لخص كيرى هذا الموقف بكلمات قاطعة فى دلالاتها:
«لقد واجهتم ظروفا عصيبة، ولكن الشعب المصرى أثبت للعالم مدى قوته. ولنكن صريحين، فما يحدث فى مصر مهم جدا لأمريكا وللشرق الأوسط. ونحن ندعم شعب مصر، ونريد لمصر بتاريخها العريق أن تكون قيادية فى منطقتها».
هل يعنى هذا أن واشنطن هى التى طلبت من السعودية وسائر دول الخليج المبادرة إلى مساعدة مصر.. وخصوصا أنه لم يعرف عن مملكة الصمت سرعة اتخاذ القرار فيها، ولا هذا السخاء الملحوظ فى تقديم المساعدات، لاسيما لنظام جديد واجهته «عسكرية» وإن كانت قاعدته تتكون من أكثر من عشرين مليونا خرجوا ينادون بإسقاط حكم الإخوان، شعاراتهم ثورية إلى حد «التطرف» كما تفهمه المملكة وتحذر منه وتعمل على إبعاد شروره عنها.
•••
ومع استذكار الخصومة التاريخية القائمة والدائمة بين السعودية وتنظيم الإخوان المسلمين والتى قد تكون عجلت فى قرار الدعم الملكى للحكم الجديد فى مصر، فإن مبادرة الرئيس الأمريكى إلى فتح الباب أمام إيران بذلك الاتصال الهاتفى المباغت، قد استفزت العائلة المالكة إلى أقصى حد، فألغى الأمير سعود الفيصل كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفتحت المملكة أرشيفها لتستخرج منه قضية فلسطين المنسية والمهملة منذ زمن بعيد، لاسيما بشعارات مرحلة الثورة كطريق إلى التحرير.
هل تعنى تصريحات كيرى فى القاهرة أن النجدة السعودية للنظام الجديد فى مصر، والتى سبقت وصوله إلى مصر بشهرين أو يزيد، إنما تمت بطلب أمريكى، لاسيما أن نجدات خليجية أخرى مؤثرة بدورها قد لحقت بها مباشرة، مما يؤكد أن ثمة قرارا استراتيجيا لم تتعود المملكة على اتخاذه بهذه السرعة، ولا هى بقادرة على إلزام أطراف دول الاتحاد الخليجى بتنفيذه بغير مناقشة.. والأمر يتعلق بمليارات الدولارات وليس ببضعة ملايين للمساعدات الإنسانية؟
وهل بادرت واشنطن إلى «تزكية» النظام الجديد فى مصر، والطلب إلى أصدقائها السعوديين والخليجيين التعجيل فى دعمه، ماديا، بعدما استشعرت أن هذا النظام عازم على فتح الأبواب أمام كل دولة قادرة على المساعدة، ومستعدة لتقديمها، كما أعلن وزير خارجية مصر قبل ساعتين من لقائه الزائر الأمريكى الذى كرر فى كلمته المكتوبة بعناية والتى أكدت انه إنما ينطق باسم الرئيس اوباما، ويعلن ما كلفه الإعلان عنه، ولا يجتهد؟!
•••
لا يضير القاهرة التى استولد ميدانها الحكم الجديد بصيغته المؤقتة فى انتظار إنجاز الدستور والدعوة إلى انتخابات نيابية يفترض أن تليها انتخابات رئاسية فى مهلة ستة أشهر، أن تتلقى المساعدات من الولايات المتحدة أو من السعودية وسائر دول الخليج العربى، أو من أية دولة غربية أو شرقية أخرى، ولو كانت روسيا أو الصين.
فليست ثورة الميدان للبيع، على حد ما عبر بعض قادة الخروج على حكم الإخوان فى تلك التظاهرة التاريخية غير المسبوقة.. وليس من حق أى طرف، فى الداخل أو فى الخارج، أن يطعن فى وطنية الحكم الانتقالى فى القاهرة، لمجرد أن الإدارة الأمريكية قد أوعزت إلى «أصدقائها» من أهل النفط العربى بتقديم المساعدة العاجلة، على شكل استثمارات سريعة أو قروض طويلة الأجل.. خصوصا أن هذه الدول النفطية بطيئة القرار فى العادة، ولاسيما حين يتصل الأمر ب«الأشقاء العرب» الذين تراهم، غالبا، طامعين فى ثرواتها، «يأخذون منها ثم ينكرون جميلها»، على حد ما كان يردد دائما بعض أفراد الأسرة السعودية.
على أن قراءة متأنية لهذه المبادرة الأخوية السريعة إلى نجدة مصر تكشف أن الحرب على الإخوان، سواء داخل مصر أو فى التنظيم الدولى للإخوان حيثما وجد، لم تكن السبب الوحيد فى هذا القرار الحاسم، بل لا بد أن احتمال توجه العهد الجديد فى مصر نحو روسيا لاستعادة العلاقة الحميمة معها، وكذلك مع الصين، يظل ماثلا فى الذهن.
بالمقابل فإن السعودية، ومعها دول الخليج، تتخذ من شعار مواجهة الأطماع الإيرانية، وسيلة لدغدغة مشاعر المصريين بأن القاهرة هى ضمانة مؤكدة لعروبة الخليج، بأقطاره جميعا، مما يتضمن الإيحاء بأن مصر لن تتوجه نحو إيران، ولن تقف محايدة تجاه «أطماعها فى خيرات الجزيرة والخليج» ولن تسمح «للهيمنة الفارسية» أو ل«طغيان الشيعة» واستيلائهم على القرار فى المشرق العربى، وبالتحديد فى كل من سوريا والعراق، وبالاستطراد «حزب الله» فى لبنان.
ويشهد تاريخ مصر بأنها لم تكن يوما «طائفية» فى سياساتها، ولا هى كانت «مذهبية» فى تعاملها عموما، وعلى هذا فإن توظيف المال السعودى الخليجى لن يستطيع تبديل هذا الموقف المبدئى المصرى، والذى وفر لمصر وحدة وطنية متماسكة، وتزكية استثنائية وجعلها فوق النعرات الطائفية والمذهبية.
•••
وها هى مصر الميدان تواجه الإخوان المسلمين فتسقط حكمهم وتحاكم قياداتهم على أخطائهم القاتلة، ومن ضمنها محاولات إثارة الفتنة وتوسل التعصب والشعار الدينى للهيمنة على السلطة حتى لو أدى ذلك إلى مذابح طائفية كما ضد الأقباط المصريين، أو حتى مذهبية، حتى لا ننسى «سحل» بعض القلة القليلة من «الشيعة» فى مصر.
لقد تعهد وزير الخارجية الأمريكى «بأن تكون الشراكة مع مصر فى أقوى حالاتها، فى ظل حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا وسيادة القانون».
ولعل الإخوان السعوديين خاصة والخليجيين عموما فى ذروة حماستهم لمثل هذه الأهداف يفضلون أن تتحقق فى بلاد الآخرين، فى البعيد، بدل أن يتحملوا المخاطرة بتركها تهدد مجتمعاتهم التى لا تستسيغ الأفكار المستوردة، وأخطرها حقوق الإنسان.
وفى انتظار ما سيقوله كيرى فى الرياض، ثم بعدها، يمكن أن تجرى قراءة جديدة للموقف الأمريكى من مصر ثورة الميدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.