يمكن إيجاز أبرز مشاهد السينما المصرية عن مقاتلى حرب أكتوبر، فى 4 ملامح، تبلورت فى إنسان بسيط يواجه صعوبات مرحلة النكسة والاستنزاف، يتم استدعاؤه فجأة للحرب، ليعود بعد فترة مكللا بالغار.. وإما ضابط شاب وسيم حارب فى أكتوبر ويعود وقد فقد القدرة على الحركة نتيجة إصابته.. أو مقاتل سابق يجتمع مع زملاء دفعته أو رفاق «القراونة» كما يسمونها.. وأخيرا مفقود ضائع لا يعرف أحد مكانه. 4 صور عبرت عن واقع مقاتلى الحرب، سنحاول معا فى هذه السطور القليلة إجراء قراءة سريعة لها، وكيف تعاملت السينما مع أبطال العبور العظيم. «بدور» المواطن المطحون الذى صنع الانتصار: محمود ياسين الشاب المصرى المطحون الذى أنهى دبلومه ليعمل فى مصلحة المجارى ويحلم بتغيير وضعه الوظيفى، وفى اللحظة التى يحصل فيها على ما يناله ويحقق حلمه، يأتيه خطاب الاستدعاء للخدمة العسكرية فيذهب للحرب، ويعود منها منتصرا ليحتفل مع اهل منطقته، ويتزوج حبيبته لينتهى المشهد باحتفالية كبرى. كانت هذه هى الصورة الأولى التى شاهدتها السينما المصرية لحرب أكتوبر فى فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبى». «حتى آخر العمر».. كيف يصبح الضابط الوسيم مصابا: محمود عبدالعزيز الطيار الشاب الذى يتفجر بوسامته وشبابه، ومع بداية الحرب تصاب طائرته فتؤثر على قدرته على المشى، ونرى كيف يعانى وكيف تتأثر وتنقلب حياته رأسا على عقب، خصوصا فى علاقته بزوجته نجوى إبراهيم وصديقه الموسيقى العابث عمر خورشيد.. المشهد هنا رؤية ساذجة جدا، وتعبير مباشر وسطحى لفكرة مأساة الحروب، وكيف قدم هذا المقاتل شبابه وصحته فداء خالصا من أجل مصر، وهو المشهد الذى تكرر أيضا فى عدة أفلام، منها «الوفاء العظيم» لكمال الشناوى ومحمود ياسين ونجلاء فتحى وسمير صبرى. «سواق الأتوبيس» ورحلة البحث عن النصر الذى سرقه الضباع: حسن سائق أتوبيس النقل العام الذى عاد من حرب أكتوبر منذ عدة سنوات ليفاجأ بهجوم الانفتاح الكاسح، يلتقى رفاق دفعته القدامى فى الحرب تحت سفح الهرم، ليكتشفوا أنهم حاربوا وقاتلوا وقدموا كل هذه المخاطرة من اجل وطنهم الذى سرقه مجموعة من التجار الاستغلاليين، فمن حصد كل نتائج الحرب هم تجار الانفتاح وضباعها، بينما معاناتهم هم مستمرة بل وتزيد. هذه هى الصورة الأكثر نضجا والتى استمرت طوال عقد افلام الثمانينيات والتسعينيات، فى محاولة منها لمناقشة أوضاع الجنود الذين شاركوا فى العبور العظيم، وكيف ضحى هؤلاء بينما حصد آخرون الثمار.. هذه الرؤية ظهرت فى أفلام كثيرة منها «زمن حاتم زهران» و«كتيبة الإعدام». «حكايات الغريب» والبحث عن صانع النصر: من صنع حرب اكتوبر ومن حققه بعيدا عمن خطط ومن ظهر بعدها ليتحدث عن الأمجاد فى وسائل الاعلام المختلفة؟ تساؤل طرحته السينما المصرية فى بعض الأفلام، وإن كان المثال الأوضح لها هو فيلم «حكايات الغريب»، فالبطل محمود الجندى يتحدث الجميع عنه فى السويس باعتباره صعيديا تارة أو من وجه بحرى أو نوبيا أو من القاهرة، هذه الرؤية التى نتابع معها ومن خلالها من حارب وكيف؟ وكيف وصل جيل حرب أكتوبر للتعبئة النفسية التى أوصلته للنصر؟