مع شعارات «تحرير، وحرية، وارحل» التي لازمت الربيع العربي، ظهرت أيضًا مصطلحات المطاعم، من وجبات كنتاكي لللثوار، إلى المانجة والجبنة النيستو، وأخيرًا الهوت دوج الذي أصبح حديث الاحتجاجات السودانية هذا الأسبوع. في هذا التقرير نستعيد ذكريات "غذائية" صعدت مع الثورات العربية، ولن تنساها الشعوب. وجبات كنتاكي الساخنة في التحرير لا يستطيع أحد أن ينسى المداخلة التليفونية الشهيرة على التليفزيون المصري، والتي تم فيها اتهام متظاهري ثورة يناير بالعمالة الخارجية؛ لأنهم يتناولون وجبات كنتاكي الأمريكية الشهيرة، ويتقاضون مبالغ مالية تصل إلى 100 يورو مقابل تظاهرهم في الميدان، وأصبح «كنتاكي» متهمًا بقلب نظام الحكم المصري. بعد ذلك تحول مطعم كنتاكي بميدان التحرير إلى مركز حيوي، فقد شهد مقر أول إذاعة داخلية في الميدان، وأمامه وُضعت الشاشات التي بثت أخبار الثورة من قناة الجزيرة مباشرة للمتظاهرين، وعلى زجاجه دوّن المتظاهرون يومياتهم وطلباتهم من الرئيس المخلوع مبارك، كما أصبح مقرًّا لأحد المستشفيات الميدانية. وظل الكثير من الإعلاميين والفنانين خلال أيام الثورة يصفون ثوار الميدان بالعمالة للخارج، وأصبحت وجبات كنتاكي أبرز دليل على العمالة، ليتحول اتهام «وجبات كنتاكي» إلى أحد مصادر الفكاهة بين الثوار، وهم يتناولون إفطارهم البسيط يوميًّا. البيتزا والريش والكباب «يا عمتو» ننحي المطاعم جانبًا وننتقل إلى أشهر الأكلات التي طرأت علينا خلال ثورة يناير، ولكن هذه المرة على لسان إحدى الفنانات، الفنانة عفاف شعيب، وذلك من خلال تصريحاتها لأحد البرامج التليفزيونية على قناة الحياة، وتعليقها على ثورة يناير قائلة «إحنا منهارين بنت أخويا بتقول لي: عمتو نفسي آكل بيتزا. وابن أخويا طفل عمره سنتين بيقول لي: نفسي آكل ريش وكباب يا عمتو». وأضافت شعيب، في البرنامج الذي أذيع على قناة الحياة أثناء ثورة 25 يناير «إحنا متعودين نجيب عشا كل يوم من بره، بقى لنا 10 أيام كل حاجة قافلة، أطفال هتأكليهم إيه». وبمجرد انتشار الفيديو على الإنترنت، قوبلت شعيب بهجوم حاد واستنكار، حتى إنه تم تدشين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم «البيتزا والريش»، وأغنية باسم «البيتزا». الحواوشي مع تحيات السيدة المجهولة في ديسمبر 2011 نقل ثوار التحرير اعتصامهم إلى مقر مجلس الوزراء، بعد أيام من أحداث محمد محمود الشهيرة. هناك، أمام الخيام التي ملأت شارع مجلس الأمة، توقفت سيارة فارهة ووزعت سندويتشات الحواوشي على الثوار، وبعد لحظات بدأت الكارثة. أصيب العشرات بتسمم وإعياء شديد، وتضاربت الأنباء حول وجود مادة سامة بالحواوشي أو انتهاء صلاحيته، وزارة الصحة قالت: إن 32 معتصمًا أصيبوا بالتسمم من ساندويتشات «مجهولة المصدر»، وتحدثت أنباء بعدها عن وفاة أحد المصابين. تضاربت الأنباء عن «المصدر»، شباب مجهولو الهوية، أم سيدة غامضة في العقد الرابع من عمرها، ترتدي بنطلونًا وبالطو وطرحة على رأسها وتستقل سيارة خاصة، قامت بتوزيع الوجبات. بينما نفى آخرون ذلك، وقالوا: إن «من جاء بالوجبة هو شاب وليس امرأة، حيث كان يحمل كيسين في يده من البلاستيك بهما نحو 50 رغيفًا». بعدها قال المعتصمون: إنهم رفضوا من قبل «وجبات غذائية في علب مكتوب عليها وزارة الداخلية، وتم تحرير محضر بها في قسم شرطة قصر النيل، ونفت وزارة الداخلية وقتها إرسال أي أطعمة، كما أنها لا تضع اسمها على أي وجبات ولا يوجد وجبات تنتجها الوزارة من الأصل». ولكن تؤخذ المانجا غلابًا في 21 سبتمبر 2012 قال الرئيس المعزول محمد مرسي في حوار للقناة الأولى، إنتاج المحاصيل الزراعية في مصر قد زاد، وأعطى المانجو كمثال على ذلك، قائلا: ''إن إنتاجها زاد هذا العام، وانخفض سعرها في الأسواق''، وانفتحت أبواب السخرية على التصريح فورًا. أول نكتة كانت أن ''مشروع النهضة هيركز على منجانية التعليم''، ثم رفع فيسبوك شعار ''وما نيل الطماطم بالتمني.. ولكن تؤخذ المانجا غلابًا''. ورد أحد زوار تويتر مخاطبًا مرسي: مكانك مش هنا لو حابب إنك تكون فكهاني البنك الأهلي ممكن يمولك مشروعك ويعملك فرشة في سوق العبور. "احنا فعلا شعب تافه"، هكذا جاء التعقيب الأخير، "علشان نسيب كل الكلام اللي قاله الرئيس ونمسك في المانجة.. مفروض نتأمل كلامه كويس يمكن نلاقي فيه أنواع فاكهة تانية". من الاتحادية: جبنة نستو يا معفنين؟ في عمليات العنف التي صاحبت فض اعتصام الاتحادية نهاية العام الماضي، يبقى مشهدان خالدان: ميليشيات الإخوان في طوابير عسكرية للاحتفال بطرد المعتصمين وتمزيق خيامهم، ومشهد الإخواني الذي أمسك في إحدى الخيام بعلبة جبنو نستو، رفعها في وجه الكاميرا وصرخ باحتقار: نستو يا معفنين؟ اللقطة تذكرها المصريون كثيرًا، خاصة بعد أن وردت في إحدى حلقات «البرنامج» الذي يقدمه باسم يوسف، وأصبحت الطبعة الإخوانية للسخرية من شباب ميدان التحرير، بعد كنتاكي والبيتزا. هل عرفتم «الهوت دوج» قبلي؟ في أحد المؤتمرات الصحفية للرئيس السوداني عمر البشير حول الوضع الراهن في السودان خلال الأيام الماضية، قال «أتحدى لو فيه زول (رجل) سمع بالهوت دوج قبل حكومة الإنقاذ»، فأنا صاحب الفضل في معرفتكم بالهوت دوج، مما دفع الآلاف من السودانيين إلى الخروج في مظاهرات احتجاجًا على لغة البشير، مطالبين برحيله، بعد أن كانوا ينددون فقط بارتفاع أسعار الوقود.