دار صراع عنيف خلال الأيام الماضية بين الحكومة ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية من جهة، وبين رجال الأعمال (الصناع والتجار)، الذين تكتلوا لرفض التسعيرة الجبرية أو وضع أسعار استرشادية للسلع حيث هددوا بوقف أنشطتهم وتسريح العمالة فى الوقت الذى أكدت فيه الحكومة قدرتها على التدخل فى السوق والتأثير عليها من خلال الاستيراد المباشر واستغلال منتجات القوات المسلحة وشركات القطاع العام فى ذلك. وقال مصدر مسئول بوزارة التموين، إن التجار والصناع رفضوا التسعيرة الجبرية وهددوا خلال اليومين الماضيين بغلق المصانع وتشريد العمالة والتوقف عن العمل، وأضاف المصدر الذى رفض ذكر اسمه، إن الحكومة ردت بحسم لكبح جماح الأسعار، خصوصا الخضراوات والفاكهة التى شهد بعضها زيادة بنسب تقترب من ال500%، حيث هددت رجال الأعمال بدخولها كتاجر ومستورد يبيع السلع بأسعار منخفضة جدا، وكصانع إذا لزم الأمر، وأنها ستعمل كمنافس قوى فى السوق لصالح الشعب، إضافة إلى استخدام كل وسائل ضبط الأسواق والرقابة الصحية والصناعية والتجارية. وقال مسئول بارز بالوزارة، موجها كلامه لرجال الأعمال: «انتهى عهد محاباة رأس المال على حساب المواطن والدولة»، إلا أنه شدد على أن الحكومة لا تضمر الشر لرجال الأعمال، ولكنها تسعى لتحقيق العدالة للجميع، مشيرا إلى أن رجال الأعمال رضخوا بالفعل بعد التشاور فيما بينهم فى اجتماع خاص، ابدى البعض تخوفهم من تعميم التسعيرة الجبرية حال نجاح التجربة فى الخضر والفاكهة، وتم الاتفاق على عمل أسعار استرشادية أسبوعية. وفى السياق ذاته، أكد مصدر بارز باتحاد الصناعات، أن وزير التموين تحدث بلهجة حازمة للصناع والتجار، وقدم لهم ملفا يضم جميع أسعار السلع سواء بسوق الجملة أو المصنع وسعرها بسوق التجزئة. وأضاف: «الوزير أكد للتجار أن هامش الربح المعمول به عالميا 30%، وأن التجار فى مصر تزيد أرباحهم على 200%، وضرب لهم مثلا بأن سعر كيلو البامية لدى الفلاح لا يزيد على 2.5 أو 3 جنيهات، فيما يباع فى أسواق الجملة ب6 جنيهات ويصل للمستهلك ب14 جنيها، وبذلك يتضرر المواطن سواء المزارع والمستهلك، بينما يصب الربح الباهظ فى جيوب التجار». وقال الوزير خلال اجتماعه برجال الأعمال (صناع وتجار) إن المواطن فجر ثورتين خلال عامين ونصف ومن حقه أن يعيش حياة كريمة، وآن للشعب أن يتنفس، وهدد فى نهاية الاجتماع رجال الأعمال بفرض التسعيرة على أفضل السلع، وتوقيع عقوبات صارمة على المخالفين، وأمام الحسم الحكومى رضخ رجال الأعمال بعد تيقنهم من جدية الحكومة والتى ستحظى بالتأييد الشعبى إذا احتدم الصراع. ومن جانبه قال هشام مهنى، عضو مجلس ادارة الاتحاد العام للغرف التجارية، ورئيس غرفة المنيا التجارية، إن التجار كان لديهم بعض الاعتراضات على التسعير الجبرى للسلع خلال اجتماعهم مع الحكومة، وأضاف: «من حق الحكومة التدخل لتخفيض الأسعار، خصوصا بعد وصولها لأرقام فلكية وارتفاعها بطرق غير مبررة». وطالب بأن تكون الأسعار الاسترشادية متغيرة، لأن بداية الموسم تختلف عن نهايته، والسلع نفسها متغيرة حسب الجودة، لافتا إلى أن التسعير يخدم التجار أيضا، لأن الأخير الذى يبيع سلعة معينة يستهلك باقى السلع، وبالتالى فإن انخفاض الأسعار يصب فى مصلحته هو أيضا. وفى السياق ذاته قال رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات محمد البهى، إن للحكومة أحقية التدخل فى ضبط الأسعار من خلال أى طريقة تراها مناسبة، على أن يعتمد ذلك على معادلة سعرية بعد حساب سعر المنتج أو المستورد، ثم هامش الربح لتاجر الجملة والتجزئة. وأوضح وزير التموين والتجارة الداخلية اللواء محمد أبو شادى، أن الوزارة بدأت بالأمس فى تشكيل لجنة الأسعار الاسترشادية، لوضع متوسطات أسعار للسلع للقضاء على ارتفاع الأسعار، وأضاف ل«الشروق»: «لجنة الأسعار الاسترشادية ستجتمع كل خميس لوضع الأسعار لمدة اسبوع، وسيتم تغيير الأسعار كل سبت». وأشار إلى أن الوزارة ستترك السعر الاسترشادى لكل محافظة، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن الحكومة بدأت فى طرح جميع المنتجات والسلع بميادين المراكز والمحافظات بتخفيضات تصل ل50%، مقارنة بمثيلتها بالسوق الحرة، فضلا عن طرح كميات كبيرة فى المجمعات الاستهلاكية. وأوضح أن مراكز البيع بالميادين تطرح الجوافة مثلا بسعر 3.5 جنيه بدلا من 7 و8 جنيهات بالسوق الحرة، وكذا باقى السلع سواء الخضار أو الفاكهة أو اللحوم والدواجن بأجود الأنواع وشدد الوزير على أنه فى حال استمرار جشع التجار، فإن الحكومة ستفرض تسعيرة جبرية بدلا من الأسعار الاسترشادية