الاستاذ محمد حسنين هيكل امد الله فى عمره متوجا بالصحة والسعادة يطرق باب التسعين عاما. انه يعتبر الأبرز فى ميدان الصحافة العربية وابرز الصحفيين العرب فى ميدان الاعلام الدولى. انه مدرسة اعلامية بكل معنى الكلمة «كانت علاقاته فى المجتمع الدولى مع قادة العالم لا تقل عن علاقات ابرز الزعماء العرب الرئيس الراحل حمال عبد الناصر على كل الصعد، علاقاته بعمالقة النصف الثانى من القرن العشرين سواء كانوا زعماء دول (نهرو ،شؤين لاى، ديغول، تيتو.. الخ) أو مؤرخين واهمهم المؤرخ البريطانى الكبير (ستيفن رانسيمان) أو كتاب وابرزهم عندى والذى اشغل اهل الفكر والسياسة فى الولاياتالمتحدهالامريكية واوروبا الغربية (ادورد سعيد) وكبار رجال الاعلام فى الغرب والشرق فى جميع الميادين، وقيادات عسكرية البعض منها منتصرا مثال الفيلد مارشال مونتغمرى، صاحب معركة العلمين فى الحرب العالمية الثانية. ••• عرفنا الاستاذ محمد حسنين هيكل قبل ان نراه، عرفناه عبر اذاعة صوت العرب، وكنا على موعد معه كل يوم جمعة نستمع الى مقالته الاسبوعية «بصراحة» منذ اواخر الخمسينيات من القرن الماضى. كانت مقالته فى الاهرام تشدنا ونحن متحولقون امام المذياع «الراديو» صامتين وكأن على رؤسنا الطير، يتحول مجلسنا فيما بعد الاستماع الى حوارات يطول ليلها حول ما قال وما كان يجب ان يقول. عرفنا من مقالاته الاسبوعية اسباب الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 واسباب الانفصال، كان خطابه «بصراحة» يهز عروش وانظمة، له مقالة شهير فى الاهرام بعنوان «انى اعترض» على اثر تلك المقالة سقطة حكومة الانفصال فى دمشق. لا ابالغ اذا قلت ان قوة الكلمة فى الاهرام التى يقولها هيكل عملت على زعزعة الوجود البريطانى فى جنوب الجزيرة العربية والخليج العربى، وكذلك الوجود الفرنسى فى شمال افريقيا ورحل الاستعمار البريطانى من الخليج وجنوب الجزيرة العربية ورحل الاستعمار الفرنسى عن شمال افريقيا الى غير رجعة. قدم الاستاذ هيكل للمكتبة العربية العديد من الكتب تتضمن رؤية مشاهد عن وقائع تاريخ الوطن العربى ودور الحكام العرب فى تلك الوقائع السلبى منها والايجابى منذو نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 والى مطلع الالفية الثالثة اى بداية القرن الحادى والعشرين، والحق انه لا غنى لاى باحث فى شؤون الشرق الاوسط عن كتب محمد حسنين هيكل. يقول عنه المورخ البريطانى الشهير «ستيفن رانسيمان» ان التاريخ عندك له اذان ، وله عيون . انى احسدك على تجربتك التى اعطتك الفرصة لتعيش التاريخ وتكتب عنه ايضا». ••• لا اريد ان استعرض ما تعلمنا من كتب الاستاذ هيكل ومحاضراته ولقاءاته وحواراته وخاصة ملفات السويس، وخريف الغضب، ومدافع اية الله الخمينى، والقنوات السرية: قصة المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل، الطريق الى رمضان، وغير ذلك من الكتب والمقالات والمحاضرات واللقاءات المتلفزة. كنت فى الويات المتحدةالامريكية فى حقبة الثمانينيات من القرن الماضى، كان بين استاذى فى مرحلة الدراسات العليا رتشارد دكميجيان وبينى حوارات لا تنتهى عن مصر ودورها وعن جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل وسوريا، وتجدر الاشارة الى اننى وجدت البرفسور دكمجيان متحمس للناصرية ومعجبا بتجربتها الوطنية وللعلم فان اول كتاب له فى نهاية الخمسينيات من القرن الماض كان بعنوان «مصر تحت قيادة عبدالناصر (Egypt Under Nassir) يؤكد دكمجيان ان ما كتبه هيكل باللغة الانجليزية بين يده وانه يقر بان هيكل ليس صحفيا فقط وانما هو مؤرخ سياسى للوطن العربى، ولما كان البرفسور دكمجيان متخصصا بالحركات الاسلامية وتنظيماتها فانه يعتب على الاستاذ هيكل لموقفه السلبى غير المبرر من التيار السياسى الاسلامى واعتقد انه اشار الى ذلك الرأى فى احد كتبه عن الحركات الاسلامية .(رتشار دكمجيان ارمنى سورى غادر سورية فى طفولته مع اسرته الى امريكا). ••• ولا يفوتنى ان اعبر عن احتجاجنا العظيم على ما تعرض له بيته ومكتبته فى الريف خارج القاهرة فى الايام الماضية ان ذلك ليس اسلوب الشرفاء انه اسلوب اللصوص الحاقدين جحافل اهل الفتن والبغضاء. اخر القول: يبقى الاستاذ محمد حسنين هيكل محل تقديرنا واحترامنا متمنين له طول العمر متوجا بالصحة والسعادة. أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر