زحام غير عادى، وأعداد كبيرة هذا هو الحال حى السيدة زينب فى هذه الأيام ولمدة عشرة أيام مقبلة. «من فضلك ممكن تطلع على الرصيف علشان اعرف اركن العربية» يقولها كثيرا وليد أحد سكان الحى. بشر حول المسجد، وفى الشوارع المجاورة له، وأمام البيوت، يفرشون الحصير والبطانيات، وبجوارهم «وابور الجاز»، فهذه طقوس مولد السيدة زينب. جاءوا من مختلف المحافظات، رجال ونساء وحتى أطفال يجيئون قبل الليلة الكبيرة بأسبوعين أو ثلاثة. ولأنهم جميعا بسطاء الحال، فيجدون فى مسجد السيدة زينب مكانا للمبيت، وإذا ضاق المكان، فهناك دائما البيوت المحيطة: يفترشون مداخلها وأحواشها. وليد عليه كل يوم بعد الانتهاء من عمله فى الليل أن يوقظ النائمين على الرصيف حتى يستطيع ركن سيارته والدخول إلى منزله. يسير بحذر داخل حوش البيت حتى يتخطى النائمون فيه ولا يصطدم بأحد منهم. ساكن الحى وزوجته وبناته الثلاث لا يجدن صعوبة فى التعامل مع الزحف السنوى للزائرين، فقد اعتادوا ذلك. « بالعكس إحنا بنبقى مبسوطين من الناس دى، لأنهم طيبون، وجايين زيارة لآل البيت، وما ينفعش نضايق منهم» قالها وليد وهو يشير إلى بعض الجالسين أمام بيته. السيدة أم محمد هى الأخرى من سكان السيدة، وهى تمتلك عمارة من أربعة طوابق بالقرب من الجامع تسكن فيها مع أبنائها التسعة، تقول: المولد بالنسبة لنا عيد، والناس اللى جايين يزورون السيدة ضيوفنا، ولازم نبقى كرماء معهم. أم محمد عودت أبناءها على مساعدة الوافدين للمولد، فهم يخلون حوش البيت من أى شىء حتى يتسع للضيوف، ويقدمون لهم الماء والشاى، ويطبخون الطعام لهم. «بعمل لهم رز وخضار أو مكرونة وفراخ، يعنى من اللى موجود عندى». وفى كل صباح تصعد إليها بعض الفتيات من القادمات للتبرك بالسيدة، يجلسن ويتحدثن معها. «أحيانا واحدة منهم تقوللى يا حاجه ممكن أنام عندك النهارده؟ أقول لها وماله». الحاجة أم محمد تذبح كل عام خروفا أو أكثر حسب ميزانيتها فى الليلة الكبيرة وتوزعه على «حبايب السيدة». ورغم هذا الترحيب، فإن هناك قانونا فرضته أم محمد، وعلى القادمين الالتزام به. فهى ترفض شرب الشيشة أمام بيتها. «بقول لهم بطريقة كويسة أن الشيشة ممنوعة، وهما علطول بيوقفوها». وللعرف أهمية كبيرة فى تحديد الأماكن التى يفترشها الناس وينامون فيها خلال المولد. فلا يجوز لمجموعة أن تأخذ مكان مجموعة أخرى فالرفض لن يكون فقط من جانب من أفترشوا الأرض بل أيضا من جانب سكان البيت وأصحاب المحال المجاورة، الذين تعودوا على أشخاص معينين يأتون كل عام. أما الزائر الجديد فعليه أن يبحث عن مجموعة ينضم إليها أو يحاول جاهدا على مساحة شاغرة تكون سكنا له حتى ينفض المولد.