أخطر ما يواجه مصر الآن هو حالة القلق والإحباط التى نعيشها الآن. ويذكرنى ذلك بمقولة فرانكلين روزفلت رئيس الولاياتالمتحدة من 133 إلى 145 الشهيرة: «لا يوجد ما نخاف منه غير الخوف نفسه» we have nothing to fear but fear itself. نعم لدينا تحديات كثيرة نتيجة تراكمات طويلة ولكننا أمام لحظة فارقة علينا فيها استحضار الأمل من كل شىء فى تاريخنا وحاضرنا. وسوف أسرد عددا من الخواطر الإيجابية فكرت فيها هذا الأسبوع: أولا: إن العديد من التعيينات الحديثة فى مؤسسات الدولة مبنية على كفاءة شباب لديهم إرادة التغيير الإيجابى. اثنان منهم لا أستطيع الكلام عنهم لأن لدى الشركة التى أشرف برئاسة مجلس إدارتها مصالح معهم. كما أن بعض مستشارى الرئيس كفاءات تدعو للاطمئنان فالدكتور عصام حجى مستشار الرئيس للشئون العلمية شخصية متزنة، مرتب الأفكار ومفعم بالأمل على أساس علمى قوى. أعجبنى ترتيب أولوياته ورؤيته للتحديات التى تواجهها مصر من تعليم ومياه وبيئة وقضايا المرأة. قد أضيف تحديا أو اثنين اضافيين لكن قطعا بداية عظيمة ونقلة نوعية مهمة فى الحوار المجتمعى. لو استطعنا استقطاب أحسن من فينا من الداخل والخارج فإن طاقة الأمل التى يوفرها تعيين كل كفاءة إضافية كبيرة كما أن العناصر الممتازة تختار مثيلتها من العناصر الممتازة للعمل معها. وبالتالى سوف نرتقى بمستوى العمل العام مع الوقت. إن الإعلام عليه دور تسليط الأضواء على الإيجابيات. أنا لا أقول تكلموا عن الإيجابى فقط ولكن يجب إعطاء مساحة متوازنة تعطى أملا للناس. ثانيا: إننا أصبحنا أكثر نضجا كمجتمع. لقد مررنا بتجربة مريرة نتيجة سوء إدارة المرحلة الانتقالية وفترة رئاسة الرئيس مرسى وتعلمنا من هذه التجربة ومن الصعب علينا تكرار أخطائنا. نعم التكلفة مرتفعة للغاية ولكننا أصبح لدينا عقل جمعى يدرك أن الدستور يجب وضعه أولا، يدرك جزء مهم من قوتنا يكمن فى رباطنا العربى، يدرك أن 99 % من أوراق الحل مع الشعب المصرى، يدرك أن علاقات دولية متوازنة هو أمر فى غاية الأهمية، يدرك أن علاقاتنا الأفريقية أساس لوجودنا، يدرك أنه لا يجب عمل أحزاب على أسس دينية، يدرك أنه يجب فصل العمل الدعوى عن العمل السياسى، يدرك تجريم حمل السلاح بدون رخصة، يدرك حق التظاهر السلمى، يدرك أهمية البعد الاجتماعى، يدرك أهمية إعمال دولة القانون، يدرك أهمية الاستثمار وخلق فرص عمل، يدرك أهمية التعليم وإننا ندفع فاتورة باهظة نتيجة إهمال التعليم فى الفترة السابقة. التجربة التى نمر بها عمقت هذه المفاهيم. نعم لقد دفعنا الثمن ولكننا تعلمنا. وعندما أعدنا السنتين نتيجة فشلنا فإننا لم نكرر الأخطاء. هذا مهم. ثالثا: إنه بعد ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو فإن القوة الشعبية فى مصر ثارت واكتشفت قوتها وسوف تتسبب فى حكومات لها ظهير شعبى وإدارة أكثر رشادة لموارد الدولة. حديث تحديث الدولة وكفاءة الإدارة وأولويات الصرف سوف يتصدر المشهد. رابعا: البدء فى ثقافة مواجهة المشاكل بدلا من الكلام عنها فقط. أستحضر هنا أيضا مثال الدكتور عصام حجى الذى قال فى كلامه عن التعليم ما مؤداه إننا خلقنا صنم مجانية التعليم. فلا الطالب يحصل على تعليم ولا المدرس يحصل على مرتب مناسب ولا صاحب العمل فيما بعد يحصل على موظف أو عامل كفء. والأدهى أن الاباء يدفعون مبالغ باهظة «لتعليم» أولادهم فى صورة دروس خصوصية وغيره. إن التعليم الأساسى يجب إصلاحه وتوفيره بالمجان وأما غير ذلك فإن التعليم الجامعى المجانى يعطى فى العالم كله لمن يستحقه من المتفوقين (ولا أقول القادرين). هذا حوار مجتمعى يجب أن يدار ويأتى فيه حساب التكاليف والأولويات. البداية هى مواجهة المشاكل. خامسا: إننا اكتشفنا معادن الناس وأنه فى اختياراتنا القادمة سوف تكون أكثر وضوحا فمن هى العناصر الأكثر صلابة والأكثر حكمة ومن هى العناصر التى تركت المركب ونزلت عند أول عاصفة. لقد حدثت عملية فرز كبيرة. ناس رسبت فى الامتحان وحُرقت وآخرين تألقوا. سادسا: إننا ذهبنا للحافة فى علاقاتنا الطائفية. واكتشفنا فى ظنى إن قلة قليلة مهووسة هى التى تؤجج هذا الصراع وإن الأغلبية العظمى للشعب مترابطة ومتآلفة. سابعا: إننا ذهبنا للحافة أيضا فى علاقة الشعب من ناحية والشرطة والجيش من ناحية أخرى. واكتشفنا أننا يد واحدة. وأننا حتى مع إدراكنا بسلبية بعض ممارسات الشرطة فى فترة سابقة إلا إننا ممكن أن نضع الضوابط القانونية والحدود المطلوبة لكن دون هدم لدور هاتين المؤسستين. فجميليهما على رأس السواد الأعظم للمصريين. كلمة حق وتقدير. ثامنا: إن لدينا اقتصادا قويا ومتنوعا ويجب البناء عليه. ولن أدخل فى تفاصيل مملة (ولكنها حقيقية) عن مصادر القوة فى الاقتصاد. المهم هو الوصول بالاقتصاد لطاقته الكامنة القصوى بالاستثمارات المتاحة. تاسعا: إن لدينا دولة ومؤسسات حمت هذا الوطن. صحيح أن أغلب هذه المؤسسات تحتاج تطوير وإعادة هيكلة وإعادة مفاهيم أهملناها. ولكن ذلك حديث البناء وليس الهدم. عاشرا: إن توقعات الناس فى تحسين الأوضاع بسرعة انخفضت إلى مستوى متدنٍ للغاية. ومن الصعب أن يكون مستوى الأداء أقل من مستوى التوقعات وبالتالى فإنه من الصعب أيضا أن نخيب آمال الناس. قارن ذلك بمستوى توقعات مرتفع للغاية بعد ثورة 25 يناير لم يكن من الممكن تلبيته. هذه الخواطر مهمة وتحسن نسبى فى الوضع الاقتصادى سهل ببعض العمل وبعض المصارحة. لقد مررنا ومازلنا نمر بعنق الزجاجة سياسيا واجتماعيا. ولكننا دفعنا ومازلنا ندفع الثمن غاليا. لكننا كمجتمع تعلمنا ومازلنا نتعلم من هذه التجربة. المهم توثيق هذه الفترة جيدا حتى لا ننسى. حديث إعادة تأهيل جزء من إخواننا وأقول جزءا لأن من تورط فى العنف يجب محاسبته له وقته وهو قادم ولكن لا يجب أن ننسى أن الوقت الحالى ينبغى ان يكون حديث البناء والاقتصاد.
الكاتب خبير اقتصادى بارز ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة