على الرغم من اقترابنا السريع من تطبيق المراقبة التكنولوجية، لم نكد نفعل شيئا لتهيئة أنفسنا لذلك. فمنذ ايام، عرف الرأى العام الأمريكى بفضل الوثائق التى حصلت عليها أنا ومركز معلومات الخصوصية الإلكترونية، بموجب قانون حرية المعلومات أن وزارة الأمن الداخلى تحرز تقدما كبيرا فى تطوير أداة كمبيوترية، تسمى نظام المراقبة البصرية البيومترية. وعندما يكتمل النظام سوف يستخدم كاميرات الفيديو لمسح الناس فى الأماكن العامة (أو سيتم تغذيته بصور أشخاص من مصادر أخرى) ومن ثم تحديد هوية الأفراد بواسطة وجوههم عبر قواعد البيانات بالرجوع لصور رخصة القيادة والصور الضوئية أو غيرها من صور الوجه المصنفة حسب الاسم. وبينما قد يكون لهذا النوع من التكنولوجيا فوائد لإنفاذ القانون (أذكر أنه تم التعرف على المشتبه بهم فى تفجيرات ماراثون بوسطن بمساعدة لقطات الكاميرا) ربما يساء استخدامه. تخيل كيف أنه سيكون من السهل على السلطات فى مجتمع مصور على شرائط الفيديو ومرصود على دوائر تلفزيونية مغلقة تحديد المحتجين المناهضين للحرب أو متظاهرى حفل الشاى، وإعداد ملفات لهم، أو يسهل على مسئولين تعقب تحركات عشيقاتهم السابقات أو منافسيهم. ففى كثير من الأحيان تتحول برامج مكافحة الجريمة إلى أدوات للتعسف. وحاليا، لا بد من تنظيم التقنيات مثل نظام المراقبة البصرية البيومترية، وفرض رقابة قانونية عليها. نحن بحاجة إلى تنفيذ الضمانات لحماية حرياتنا المدنية، وعلى وجه الخصوص، حق الشخص فى عدم الكشف عن هويته فى الأماكن العامة. ●●● ولا تقتصر تطوير المراقبة عبر صور الوجه، على وزارة الأمن الداخلى وحدها. فقد أنفق مكتب التحقيقات الفيدرالى أكثر من مليار دولار على برنامج تحديد هوية الجيل المقبل، الذى يتضمن تقنية التعرف على الوجوه. ومن المتوقع أن هذه التكنولوجيا التى سيتم تشغيلها فى وقت مبكر من العام المقبل، تحتوى على 12 مليون صورة على الأقل، يمكن البحث عبرها. ولدى المكتب شراكات مع سبع على الأقل من الدول التى تتيح للوزارة الوصول إلى قواعد البيانات للتعرف على الوجوه من خلال صور رخصة القيادة. وتشارك مؤسسات الدولة أيضا فى هذه الثورة التكنولوجية، ولكن لم تستخدم بعد كاميرات الفيديو. وفى يوم الاثنين، أكد مايك دوين، النائب العام فى ولاية أوهايو، تقارير تفيد أن ضباط إنفاذ القانون فى ولايته، استخدموا، دون إشعار الجمهور، برنامج التعرف على الوجوه عبر الصور فى قاعدة بيانات رخص القيادة الخاصة لتحديد المشتبه فيهم جنائيا. ويبلغ إجمالى عدد الدول التى تتيح لبرنامج التعرف على الوجوه عبر بحث صور رخصة القيادة 37 دولة، منها 11 دولة فحسب تطبق قواعد حماية لتقييد وصول السلطات إلى هذه التقنيات. وسوف يقول المدافعون عن هذه التكنولوجيا ليس من حق أحد أن يتوقع الخصوصية فى الأماكن العامة. ولكن مع تحسن تكنولوجيا المراقبة، يصبح التمييز بين المساحات العامة والمساحات الخاصة، أقل وضوحا. وهناك فارق شاسع بين أن يمضى ضابط إنفاذ القانون آلاف الساعات فى غربلة لقطات الفيديو فى البحث عن شخص بعينه، وبين استخدام برنامج كمبيوتر لتحديد موقع ذلك الشخص على الفور فى أى مكان، وفى أى وقت. وربما لا يجوز للشخص فى الحياة العامة توقع قدر معقول من الخصوصية فى أى لحظة، ولكن لديه بالتأكيد الحق فى توقع عدم تعقب مجمل تحركاته، بسهولة وتحليلها من قبل المكلفين بإنفاذ القانون من دون سبب محتمل. وكما قرر ذات مرة دوجلاس جينسبرج القاضى محكمة الاستئناف الفيدرالية، أن هذا التتبع غير مسموح به لأنه «يكشف صور حميمة من حياة الشخص المعنى، لم يكن يتوقع اطلاع أحد عليها بمن فى ذلك زوجته». ●●● وقبل ظهور هذه التقنيات الجديدة، تم بذل الوقت والجهد لإقامة حواجز فعالة فى وجه إساءة استعمال حق الرقابة. ولكن يجرى حاليا إزالة تلك الحواجز. ولا بد من إعادة بنائها فى القانون. وهناك سياستان من الضرورى اتباعهما: أولا؛ يجب تغذية قواعد البيانات للتعرف على الوجوه، بصور الإرهابيين المعروفين والمجرمين المدانين، فحسب. ولا ينبغى أبدا أن تدرج صور رخصة القيادة وغيرها من صور الناس «العاديين» فى قاعدة بيانات التعرف على الوجوه من دون علم وموافقة الجمهور. وثانيا: ينبغى تقييد الوصول إلى قواعد البيانات ورصدها. ولا يجب اتاحة فرصة الاطلاع عليها للضباط إلا بأمر قضائى. وينبغى على السلطات تقديم تقارير علنية عن قواعد البيانات التى يتم بحثها، وإجمالى عدد المرات التى تستخدم فيها. فلا يجب ترك الأمر لهيئات إنفاذ القانون كى تحدد وراء أبواب مغلقة كيفية استخدام قواعد البيانات هذه. ومع تطبيق الضمانات الصحيحة، يمكن استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه على نحو فعال، من دون التضحية بالحريات الأساسية.
محام ومن أنصار الحق فى الخصوصية، مؤسس جماعة «أنصار ديمقراطية المساءلة»