على قطعة من الخشب يرسم بقلمه خطوطا ودوائر، لا تدل على شىء إلا قرب انتهائه منها: عينان واسعتان وفم يبتسم ساخرا. «وجهة الأراجوز لازم يضحك على طول» يقولها نبيل بهجت أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان وهو يمسك الأزميل ليبدأ مرحلة النحت التى ينهيها بحفر ثقب أسفل الرقبة، هو مكان أصبع السبابة، ليرفع الرأس أثناء العرض. قطعة حجمها 50 سم مكعب من خشب الزان والموسكى والواوا، يمكن استخدامها عند صناعة الأراجوز، وإن كان الأخير هو الأخف وزنا وبالتالى الأسهل للمؤدى. «كل جزء فى وجهة الأراجوز لابد أن يكون مصريا حتى النخاع، لأنه يعبر عنا» ولهذا يكون لون العين والشعر أسود. لون وجهة الأراجوز يطلق عليه أهل الصنعة «لحم الهوانم»، وهو مزيج من اللونين الأبيض والأحمر، يعطى فى النهاية لونا زهريا. «تصور، أراجوز صينى يحكى قصة أبوزيد، وكأننا لا نمتلك الهوية والملامح التى يمكن أن تعبر عنا» بغيرة واضحة يقولها د.نبيل أثناء تلوينه للوجه فى إشارة إلى لجوء المؤدين إلى استخدام عرائس بلاستيك تشبه الأراجوز. «هى لا تحمل صورة وملامح الوجه المصرى صاحب الحكاية وبطلها». العصا التى ينهى بها الأراجوز كل حواديته، والطرطور المميز والجلباب بلونه الأحمر المبهر، هذا ما يميزه عن غيره من الشخصيات الأربع عشرة التى تحويها شنطة الأراجوز. فيشترك واحد أو اثنان على الأكثر مع الأراجوز البطل لنسج حكاوى الأراجوز والشحات أو الأراجوز والخواجة. «الأمانة سر المهنة» والأمانة عبارة عن قطعتين صغيرتين من النحاس، داخلهما أوتار من القطن، يضعها المؤدى فى سقف الحلق، ليمر من خلالها الصوت فيعطى صوت الأراجوز المميز الذى يتجمع حوله الصغار والكبار أيضا أحيانا. «الأراجوز من أهم الآليات الدفاعية لشعبنا المغلوب على أمره معظم الوقت سواء قديما أو فى الوقت الحالى. ألف ليلة وليلة وسيرة الهلالى وغيرهما من قصص التراث الشعبى هى المرآة الحقيقية للشخصية المصرية، وعن طريق العروض الأدائية لهذه السير يمكن للأراجوز المصرى أن يعبر عنا أو يقدمنا للآخر». وهذا ما قام به نبيل عندما سافر هو وفرقته «ومضة للأراجوز وخيال الظل» إلى الولاياتالمتحدة بعد إعدام صدم بأسبوعين، ليقدم الأراجوز شيرة على الزيبق الشعبية الشهيرة التى تدور حول فكرة الحق فى المقاومة المشروعة. «الأراجوز بمسرحه الصغير حجما الكبير مضمونا، نادرا ما تجد من يخلص له، ولكننا نقاوم ونرفع شعار لا للفناء».