يؤكد الفنان الأردنى إياد نصار أن لوحة «للكبار فقط» التى وضعوها فى مقدمة مسلسلهم لم تكن فقط بمعناها العمرى بل تخطتها لتصل للمعنى الفكرى والإدراكى، وفى الوقت ذاته لا ينفى تأثره بالراحل احمد زكى فى أدائه لشخصية الضابط سيد العجاتى. عن الموجة الحارة التى اجتاحت حياة المصريين خلال شهر رمضان يتحدث إياد نصار: الموجة الحارة لها الكثير من الأشكال، ولكن يبقى تأثيرها الأبرز أنها أفقدت الشخصية المصرية قدرتها على الاستمتاع كما تعود المصريون ودخلت بها مرحلة الاستمتاع الصحراوى، فبدلا من المشاعر والثقافة أصبحت المتعة فى امتلاك سيارة ونقود، وكيف تبنى هذه المكونات مفهوم وجود الشخص نفسه وهذا الفكر هو الذى دخل على الشخصية المصرية وجعلها تخسر حضارة 7 آلاف سنة من اجل أشياء مؤقتة وليست حقيقية، ومسلسلنا هو عبارة عن حالة بحث، كيف سافر المصريون للصحراء ليعلموهم ويعودوا بحزمة من الافكار والنفايات الوهابية القديمة وكيف يدفنونها فى بلدهم مع إقرار وصمت تام وتواطؤ من الحكومة خلال ما يعرفه الجميع باسم الإعارة وكيف يعودون بأفكار سرطانية أشد خطرا وفتكا من مرض السرطان نفسه وهذا هو الزحف وهذه هى الموجة الحارة. • ربط البعض بين طريقة ادائك لشخصية الضابط سيد العجاتى فى «موجة حارة» وبين شخصية الضابط هشام التى قدمها أحمد زكى فى «زوجة رجل مهم» فما حقيقة تأثرك بتلك الشخصية؟ بالفعل ربط كثيرون بين الشخصيتين، وأنا لا انكر هذا فمن الطبيعى جدا ان أتأثر بأحمد زكى ومن الطبيعى أن يكون مرجعا لى وأكون ممثلا غبيا لو لم يكن مرجعا لى، وفى العموم مراجعى هى مارلون براندو ودانيل دى لويس. وأنا شاهدت فيلم «زوجة رجل مهم» كثيرا أثناء التحضير ولم يكن هذا كى أقوم بتقليده بل لأنه سيوفر علىَّ رحلة طويلة من البحث عن مفاتيح الشخصية، وهو ما ساعدنى فى شكل مؤخرة رأسه وكيف ينام على سريره وأعترف اننى قد اقتبست طريقة نومه من احمد زكى وهو اعتراف لا اخجل منه فهو أحمد زكى بكل تاريخه وموهبته وانا اتفق مع ما يقوله مارلون براندو فى تحليله للإنسان انه كائن متوحش وفى صراع دائم مع تاريخه وعقده ولا يوجد شخص سوى والرجل الطيب الوحيد هو الرجل حديث الولادة. • كيف تقمصت الشخصية نفسها؟ تقمصتها من خلال نفس المنهج الذى اتبعه من قبل مارلون براندو فى فيلمه الشهير جدا «last tango in paris» عندما لم يقرأ السيناريو الخاص بالفيلم بل تحدث حوله فقط مع المخرج وهو ما قمت به حيث أعطيت رواية أسامة انور عكاشة «منخفض الهند الموسمى» لصديقة تعمل طبيبة نفسية وهى التى قامت بتحليل شخصية سيد العجاتى نفسيا وأخبرتنى بسمات هذه الشخصية وعقدت عدة جلسات معها لأحدد واعرف ما هى نقاط التقاطع بينى وبينها. فهل تصدق اننى وأثناء التحقيق لم أكن أعرف من قتل وكنت اجسد المشهد وانا ملم به ولم احفظه ولحظات كثيرة أشاهد حلقة المسلسل وأكتشف لحظات من الأداء لا أعرف وحتى الآن كيف خرجت منى. • المسلسل واجه الكثير من التحديات أولها يافطة للكبار فقط فى مقدمته، والذى تسبب فى حجم فئة من الجمهور؟ كنا نعرف بالطبع أن العمل صادم وقاسٍ وللكبار فقط ليس من ناحية السن ولكنه للكبار فقط من الناحية الفكرية أيضا وبالنسبة للمنافسة فى السوق فلماذا اقلق؟ أنا أقوم بعمل احبه واتمنى ان اصل به للجمهور ومسلسلى لا اخجل منه ومتأكد من انه عمل سيعيش طويلا. • لعبت فى مسلسل «الجماعة» دور حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وبحثت كثيرا وقتها فى تاريخ الجماعة هل كنت تتوقع ان ينهاروا بهذه السرعة؟ ما حدث فى الوطن العربى كله لا يستطيع أى شخص ان يتوقعه، ولكن الفنان ثائر بطبعه وأنا ضد أن يدخل الممثل فى الحالة الثورية كشخص، لأنه بالفعل ثائر فوحيد حامد ثار فكتب المسلسل وانا ثرت فمثلته ومحمد يس ثار فأخرجه والعمل الفنى يستشرف الأشياء ودوره أنه يطرح الأسئلة الثورية هذه ونحن لم نكن معلمين فى مدرسة ونحدد الصواب من الخطأ بل كنا نسأل عن هذه الجماعة ومكوناتها وكيف تكونت وهل مكونها الفكرى دين ام سياسة أم الاثنان معا؟. • لكن الشباب يقومون الآن بوضع فيديوهات مأخوذة عن مشاهد بالمسلسل ويضعونها على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك مثل الأحداث الحالية بحذافيرها فهل كان وحيد حامد يتنبئ؟ هذه الأسئلة قد اجاب عنها الواقع وكنت احلم وأتمنى ان نستطيع الإجابة قبل ان يحدث لنا كل هذا، وهو شبيه بما قام به المخرج الراحل يوسف شاهين فى آخر أفلامه «هى فوضى» عندما تنبأ باقتحام السجون وبالثورة وما حدث للأقسام وفى موجة حارة العمل قاسٍ لأن الواقع قاسٍ وصادم ولأن المجتمع قاسٍ وأكثير قبحا مما نتخيل.