حتى أكون موضوعياً فلن أتناول مسلسل «باب الخلق» تناولاً نقدياً لأن مؤلفه زميل ولا يجوز أن يتناول مؤلف عملاً فنياً لمؤلف آخر تناولاً نقدياً.. ولكن هذا لا يتعارض مع شديد إعجابى بحقل درامى جديد اقتحمه بجرأة المؤلف محمد سليمان.. فقد اقتحم عالم العائدين من أفغانستان وظاهرة التطرف الدينى بجرأة تحمد له. ومعذرة للمخرج والمؤلف وجميع العاملين بالمسلسل فسأقفز بعيداً عن الجميع لأصل إلى ذلك النجم عبقرى الأداء محمود عبدالعزيز الذى يعتبر بالنسبة لى واحداً من أربعة عظماء فى فن التمثيل.. أولهم «مارلون براندو» وثانيهم «أنتونى كوين» وثالثهم العبقرى الراحل «زكى رستم» ورابعهم هو ذلك الساحر الملقب ب«محمود عبدالعزيز».. وعظمة هؤلاء أنهم دائماً يتفوقون على أنفسهم ويبلغون الذروة والحد الأقصى فى تقمص الأدوار التى يؤدونها.. وأنا لا أتذكر أننى شاهدت محمود عبدالعزيز ممثلاً «إلا فى عدد قليل من بدايات أفلامه».. بل شاهدت الشيخ حسنى فى الكيت كات، وقد بلغ محمود عبدالعزيز الذروة فى تقمصه.. وكذلك شاهدت زرزور فى فيلم إبراهيم الأبيض، وكذلك رأفت الهجان وعشرات الشخصيات التى جسدها محمود عبدالعزيز وبلغ الذروة فى تقمصها.. ولا أبالغ أننى حين كنت أتابع مسلسل «باب الخلق» كنت أتابع «محفوظ زلطة» ولا أتابع النجم «محمود عبدالعزيز» الذى استطاع بسهولة وبساطة وعفوية أن ينصهر داخل الشخصية ويبلغ الذروة فى التقمص كعادته.. وهذه المعادلة البسيطة المعقدة والمجهدة هى سر عبقرية «محمود عبدالعزيز». وقد جمعتنى بالساحر محمود عبدالعزيز لقاءات قليلة وفى أحدها حكى لى كيف اجتهد ليصل إلى ذروة التقمص فى أدائه لشخصية الشيخ حسنى «شديدة الإبهار».. وكيف ذهب لمركز تأهيل فاقدى البصر وعايش المكفوفين أياماً طويلة، وكيف جلس مع العديد من الأطباء يستفسر منهم عن مشاعر وأحاسيس وأفعال وردود أفعال وخلجات فاقدى البصر.. وكل ذلك فى سبيل الوصول إلى ذروة التقمص. ولمبلغ اجتهاده ومعايشته وبالطبع موهبته استطاع أن يكون مبهراً بأدائه لشخصية الشيخ حسنى التى ما زالت تعيش فى وجدان الملايين وما زالت وستظل هذه الشخصية وهذا الفيلم من علامات السينما المصرية. ولا أدرى هل هو التحيز أو العشق أو الانبهار الذى دعانى لأن أكتب عن هذا النجم الذى أتلهف دائماً لظهوره على الشاشة لأتمتع معه بذروة التقمص وخفة الظل «غير المفتعلة» وموهبة عفوية تجعل ذلك الساحر يتغلغل بداخل مشاهديه وكأنه يسحرهم.. وحقاًَ هو الساحر بلا منافس والسهل الممتنع ذو المذاق الفريد والمتفرد.. ومن أجله تابعت حلقات «باب الخلق» فاستمتعت بمحفوظ زلطة وبكل مفردات ومكونات مسلسل «باب الخلق».