قيادات حزب النور «السلفى»، يسارعون الزمن من أجل استكمال لجنة الحكماء من أجل المصالحة التى لا تقصى أحدا، مثلما وافق شيخ الأزهر على الإشراف عليها.. ومؤخرا قالوا إن كثيرا من الرموز الوطنية أبدت موافقتها على الاشتراك فيها، مشيرين إلى أن هناك تواصلا مع الإخوان. فى الأول من يوليو، وعلى غير المتوقع أصدر الحزب بيانا يطالب فيه الرئيس المعزول بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بالرغم من أنه كان بالأمس القريب من المؤكدين على شرعيته، الأمر الذى اعتبرته كل التيارات الإسلامية خيانة منه لعهده السابق، لكن الأزمات بين الجماعتين الكبيرتين فى مصر كانت قد بلغت مدى كبيرا وشروخا لم تستطع اللقاءات الأخيرة ترميمها، وبالفعل شارك حزب النور فى اللقاءات التى جمعت الفريق أول عبدالفتاح السيسى مع القوى الوطنية وشارك فى صياغة البيان التى تم على إثره عزل الدكتور محمد مرسى من منصبه كرئيس للبلاد، ووضع خارطة الطريق، ثم عاد من جديد ليعلن انسحابه منها بعد الإصرار على وجود الدكتور محمد البرادعى فى المشهد.
فى هذا الحوار مع «الشروق» يكشف الدكتور بسام الزرقا، نائب رئيس حزب النور، عن خلفيات قرارات حزب النور الأخيرة، ودفاعه عن اتهامات «الخيانة» الموجهة له من التيارات الإسلامية.
وإلى نص الحوار.. ● ما رأيكم فى حشد مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى فى الشوارع والميادين الحيوية فى القاهرة والجيزة الجمعة الماضية، التى أطلقوا عليها «جمعة الزحف»؟ المجتمع الآن فى حالة انقسام وهذا الانقسام لن يحل من خلال فرض إرادة أى طرف، وإنما من خلال الإرادة الشعبية. واستمرار حالة الاستقطاب تدل على أن الشعب المصرى لا يقبل قرارات حكومة معينة تفتقر إلى الرضائية الشعبية، فلابد من الالتجاء للشعب فى كل خطوة ومن البداية.
● كنتم من القوى الرئيسية التى شاركت فى عزل الدكتور محمد مرسى وشاركتم أثناء إلقاء بيان القوات المسلحة 3 يوليو، واتفقتم ثم تراجعتم.. مما جعل بعض الإسلاميين يتهمونكم بأنه كان لكم دور معين وانتهى.. فما تعليقك؟ هذا الكلام غير منطقى، فقد كنا مشاركين فى بيان القوات المسلحة من أجل منع إراقة الدماء ومن أجل المحافظة على مكتسبات ثورة 25 يناير، ثم رأينا غلق قنوات بعينها، وإجراءات استثنائية معينة، ودماء سالت طالبنا فيها بتشكيل لجنة تحقيق ذات مصداقية. هذه الأمور مجتمعة تنذر بتفاقم الأمور لا إصلاحها. وبناء على هذه المعطيات انسحبنا من خارطة الطريق.
● وماذا فعلتم جراء هذه الإجراءات الاستثنائية وغلق الصحف؟ طلبنا تصحيح الأوضاع وتلقينا وعودا. ولكن ما حدث هو غلق قناة أخرى قامت بواجب إعلامى تراه إظهارا للحقيقة كاملة فتم حجبها مرة أخرى.
● هل عرض عليكم بعض الحقائب الوزارية فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى؟ نعم! تلقينا عروضا للمشاركة فى الوزارة من خلال بعض الحقائب. لكننا رفضنا للأسباب السابقة. فضلا عن أن هذه الحكومة لم تأت بإرادة شعبية. والحكومة القوية تستمد قوتها من الإرادة الشعبية. الأزمات كبيرة. والحكومة لم تأت بتفويض شعبى فالله يكون فى عونهم. والحل الوحيد الصحيح هو انتخابات مجلس نواب سريعة تفرز حكومة حقيقية مستندة إلى إرادة شعبية وغير ذلك فإننا نكون نضحك على أنفسنا.
● ما رأيكم فى خارطة الطريق؟ كانت فيها عموميات عندما تم تنفيذها أخذت وجهة أخرى. أحد الأمثلة على ذلك الإعلان الدستورى الذى نص على آلية لتعديل الدستور تخالف ما وافق عليه الشعب بنسبة تقترب من الثلثين فى استفتاء شفاف، مما يعنى فى حقيقة الأمر أنه استخفاف بإرادة الشعب المصرى.
فبعدما كان الأمر فى يد مجلس النواب المنتخب، تم وضع الأمر برمته تحت هيمنة لجنة يعينها حاكم معين غير منتخب، وهذا استخفاف بإرادة الشعب المصرى، وهذا أيضا يفتح الباب لمعضلة فإذا كنا الآن بين طائفتين كل منهما يرى لنفسه رئيسا غير الآخر، وآلية الدستور قد تخلق طائفتين فى مصر لكل منهما دستور غير الآخر، واللجوء لاستخدام الآلية التى نص عليها الدستور تجعل لمصر بالتأكيد دستورا، فالحل هو عرض مشروع الدستور الذى ستنتهى منه اللجنة على مجلس النواب القادم المنتخب، ويناقشها، وهو الذى يخرج الدستور فى صيغته النهائية، ثم يعرضها هو على الشعب للاستفتاء عليه، وتكون العملية متأنية حتى يصبح الدستور شرعيا.
● ما رأيكم فى قرار حل مجلس الشورى؟ كانت لدينا انتقادات على مجلس الشورى، لكن الفرار من الرمضاء إلى النار ليس من فعل الحكماء.
● بعض الإسلاميين يسألون: متى من الممكن أن ينزل حزب النور إذا كان رافضا للنزول فى كل الفترة السابقة؟ حزب النور يرى أن مصر على حافة الهاوية ولابد أن يتولى أحدهم محاولة التقريب بين قطبين يتصارعان.. واستمرار الصراع يعنى أن تتمزق مصر.
● لكن بعض الإسلاميين يتهمونكم بأنكم شاركتم فى «خيانتهم» حسب قولهم.. فما رأيك؟ إذا حبس الإنسان داخل صندوق الاستقطاب فيصبح لا يريد أن يسمع صوت المعركة ومن يساعده فى المعركة، حتى لو كانت المعركة تحمل أخطار تمزيق مصر.
● الإسلاميون فى الشوارع لديهم أمل فى عودة مرسى للحكم مرة أخرى.. هل ترى أن ذلك من الممكن أن يتحقق؟ هذه الحلول تتم مناقشتها فى لجنة الحكماء من أجل المصالحة التى نعمل على الانتهاء من تشكيلها.
● هل تتوقع حربا أهلية فى مصر؟ لا نقدر الشر قبل وقوعه.. وتفاءلوا بالخير تجدوه.. ولا أريد أن أواجه نفسى بذلك والأفضل أن نركز كل جهدنا على الحل ونزع فتيل الأزمة.. الأمر الذى يشغلنى أن مصر إن لم تصل إلى حل فالأمر خطير.
● لماذا رفضتم البرادعى رئيسا للوزراء رغم أنه كان من مطالب الشباب الثائر وشباب 25 يناير؟ رفضنا البرادعى لأنه أحد قطبى الصراع، ووجود أحد أقطاب الصراع يعوق المصالحة بلا شك. ووضعنا معايير لمن يصلح لرئاسة وزراء مصر، وهو ألا يكون أحد القطبين، وأن يكون تكنوقراط وله خبرات تنفيذية، وقلنا إن الأفضلية لمن يملك خبرات اقتصادية، وكل من تنطبق عليه المعايير وهم كثر فى مصر يوافق عليه حزب النور.
● وهل وافقتم عليه عندما أصبح نائبا للرئيس بدلا من رئاسته للوزارة؟ أنا لا أعرف لماذا الإصرار على وجود الدكتور محمد البرادعى فى المشهد وهو أحد أقطاب الصراع.. لماذا الإصرار على تعقيد المشهد.
● هل كان فى يد مرسى أى حل للخروج من الأزمة التى وضع نفسه فيها.. وهل كان الأمر مرتبا؟ مرسى كان فى يده حل بسيط.. لو كان مرسى قد شكل حكومة جديدة بدلا من الحكومة الفاشلة لكانت بادرة حسن نية.. لا أحب أن أتحدث عن الفرص الضائعة.
● البعض يتحدث عن أن الدولة العميقة كانت تعمل ضده.. فالبعض يتحدث عن أن أزمتا الكهرباء والبنزين اختفتا بعد عزل مرسى.. ما رأيك؟ هذا شىء أنا شخصيا أتعجب منه.. الكهرباء بقت زى الفل.. وأيضا البنزين.. وهذا بالفعل يحمل علامات استفهام كبيرة.
● من هم أبرز الذين وافقوا على أن يكونوا أعضاء فى لجنة الحكماء التى وافق شيخ الأزهر على الإشراف عليها؟ ومتى ستنتهون من تشكيلها؟ سنعلن عنها فور اكتمال نصاب لجنة الحكماء، وسيتم الانتهاء من تشكيلها خلال هذا الأسبوع، ولن نعلن أى شىء من أجل الحصول على أفضل النتائج.
● وهل ستمثل جماعة الإخوان المسلمين فى لجنة الحكماء؟ نحن نتواصل مع كل القوى السياسية الموجودة.
● ما هى رسالتك للمحتشدين فى الميادين من الإسلاميين؟ لا.. كلمتى سأوجهها للأقطاب المتصارعة فى مصر.. على الجميع أن يتنازل قليلا حتى تسلم مصرنا خيرا من صراع يفوز المنتصر فيه بجثة وطن.. لابد من المصالحة تتحلى فيها الأطراف بالمرونة وأن تعتبر أن أى تنازل ليس ضعفا وإنما مراعاة لحال مصرنا الحبيبة.