نعيش أياما من أصعب الأيام التى مرت على وطننا فهى أشد قسوة من أيام الحروب ففى الحروب نحارب جميعا عدوا أجنبيا، أما الآن فيحارب بعضنا بعضا وتزداد الكراهية ويتعمق الانقسام بين الفرقاء، ومع تدخل القوات المسلحة بعزل رئيس الجمهورية نعانى من عدم الموضوعية فى الأحكام والمواقف مما يؤدى إلى المزيد من المشاكل التى يخسر فيها الوطن. ففى اعتقادى أننا نعانى من مشكلة الغلو فى العداء، فكل طرف لا يرى إلا سلبيات الطرف الآخر ويبحث عما يمكن إلصاقه به من تهم تقلل منه إن لم يكن تقضى عليه، فالثوار الجدد يرون فى الإخوان أنهم خونة وتخابروا مع جهات أجنبية ونهبوا البلاد وأنهم مجموعات من الأغبياء التى يقودها المرشد ويحتاجون إلى علاج لكى يسمح لهم بالتواجد فى النظام الجديد، بينما الطرف الآخر يرى فيما حدث انقلابا عسكريا من مجموعة من الخونة والفلول، ويترتب على هذا الغلو فى العداء عدم القدرة على رؤية ما هو أبعد من يومنا وما هى نتائج ما حدث وهل يمكن مواجهتها وكيف.
●●●
ورغم كل دعاوى التظاهر والاعتصام السلمى من جماعة الإخوان ورغم بيانات الجيش بحماية المتظاهرين، إلا أننا نرى جميعا تصاعد العنف وتزايد أعداد القتلى والمصابين، بل ويسقط أكثر من 50 قتيلا فى مذبحة الحرس الجمهورى ويخرج الثوار الجدد ليعربوا عن حيرتهم فيمن بدأ الاشتباك ويطالبون بالتحقيق الذى سمعنا عنه كثيرا دون نتيجة، تزداد الكراهية بين الطرفين مما يزيد كل طرف إصرارا على إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر ولا يأبه بالخسائر التى تلحق بالوطن، أليست هذه هى الحرب الأهلية، أليس هذا ما حدث فى الجزائر ولبنان والعراق وسوريا.
●●●
وأضيف لكم ما قد لا يعجب الكثيرين وهو أننا نحن مواطنو هذا الوطن سنصبح ضحية مجموعة من الرهانات الخاسرة لكلا الطرفين:
1 رهان القوات المسلحة وجبهة الإنقاذ بأن هذه أيام عصيبة وستمر ثم يترسخ الواقع الجديد وهذا هو نفسه كان رهان الإخوان الخاسر لما قد يحدث فى 30 يونيو.
2 رهان الإخوان بقدرتهم على البقاء فى الميادين رغم عدم وجود تعاطف شعبى معهم.
3 الرهان على الحشود والحشود المضادة واستدعاء القوى الشعبية لاستمرار الاعتصام والتظاهر وأصبح الأكثر أهمية ما هى الأعداد التى حشدها كل طرف، مما سيؤدى فى النهاية إلى التصادم والمزيد من إراقة الدماء والمزيد من الكراهية والانقسام، وسيتوقف العمل فى وطن ينهار اقتصاده.
●●●
واستمرارا لهذا التحليل الذى اعتقد أننى أحاول فيه أن يكون علميا يرصد الواقع ويحلله، فإننى أعرض لمجموعة من المخاوف نتجت عن الواقع الجديد ومنها:
1 أن القوات المسلحة أصبحت طرفا فى الصراع السياسى وليست وسيطا أو حكما.
2 انه تم اقحام الدين فى المشهد السياسى بموافقة شيخ الأزهر والبطريرك على ما حدث، مما قد يترتب عليه استخدام الإخوان لذلك فى إزكاء المزيد من الفتنة الطائفية وهو ما بدأنا نراه فى الهجوم على بعض الكنائس وخروج مرشد الإخوان لمهاجمة كلا الطرفين دون مواربة.
3 علينا جميعا أن ننتبه إلى أطراف الوطن حيث يحاول البعض استغلال ما يحدث فى وضع اللبنة الأولى للتجزئة ودليلى ما يحدث فى سيناء وفى مرسى مطروح والسلوم، فهل ننتبه إلى هذا الخطر أم نكتفى بتجاهل الواقع والاستمرار بالتغنى باستحالة ذلك.
4 أن استمرار الاقتتال سيوفر الغطاء للتدخل الأجنبى.
ألا يوجد عقلاء فى هذا الوطن يعملوا على وقف تصاعد العنف والبحث عن حل يحقق مصلحة الوطن، وكمواطن أتغنى مع الجميع بحب الوطن ولا أملك إلا القول فإننى أعرض حلا يقوم على خطوتين: الأولى أن يعترف الإخوان بأنهم فشلوا فى إدارة الدولة بسعيهم الحثيث للأخونة رغم عدم وجود كفاءات أو خطط لديهم لمواجهة المشاكل وأن الشعب قد خرج رافضا هذا الرئيس الذى فشل فى الحكم والخطوة الثانية أن يعدل الجيش خريطة المستقبل بالذهاب فورا إلى انتخابات رئاسية تأتى برئيس لمدة عام يضع فيه دستورا جديدا وتجرى بعدها انتخابات برلمانية، فهل من مناقش؟