من أخطر مظاهر الانقسام الذي نعاني منه الآن هو حالة من الكراهية غريبة علي الشعب المصري يجب أن تعالج لأن استمرارها كارثة وتؤدي إلي المزيد من البؤس والفرقة والانتقام. وعلي شبكة المعلومات الدولية الانترنت بالإضافة إلي المساجلات السياسية والشتائم والإهانات والفيديوهات والسيديهات ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات غريبة من بعض هؤلاء لمقاطعة الشركات والمحلات التي يملكها الإخوان أو المتحمسون لهم في هذه الصراعات وذلك عقاباً علي استحواذ علي السلطة وعمليات إقصاء وانفراد بها وعدم الاستماع إلي الآخر. تم تحديد أسماء مجموعة كبيرة من المحلات.. وجمعيات خيرية قيل انها منسوبة للإخوان أو لمؤيديهم.. وهي كارثة بكل المقاييس» فنحن لسنا في معسكرين أو بلدين مختلفين.. هذه حالة من تكرار ما حدث عند الإساءة للرسول الكريم من دول أجنبية.. ومع الفارق في الواقع. فلا يجوز أن نحاول زراعة الكراهية إلي هذا الحد وهو ناقوس خطر للجميع وهي دعوات فاسدة ومغرضة تزيد الانشقاق ولا مبرر لها بأي حال حتي ولو كانت هناك خلافات واختلافات سياسية وأكثر ما يؤلم أن هذه القائمة شملت جمعيات خيرية ترعي الأرامل واليتامي ومنها جمعية كبري كانت تنهال عليها التبرعات شهريا وبصفة دائمة.. ثم حدث في الفترة الأخيرة أن توقف البعض وربما عدد كبير عن تقديم تبرعاتهم المعتادة إلي هذه الجمعية الخيرية بالإضافة إلي مقاطعة واضحة لمحلات قيل انها تنتسب للإخوان أو مؤيديهم.. وهكذا أصبحنا في حالة مؤلمة جداً تنعكس حتي علي حياتنا وتزرع الفرقة. وهذا الأسلوب في المقاطعة هو عقاب يمكن استخدامه ضد دول أخري أو شركات دولية تنتسب لدول أساءت لنا أو للدين الإسلامي الحنيف أو للرسول الكريم. ولكن أن تظهر المقاطعة ودعواتها فيما بين المصريين. فهذا تقسيم وفرقة وخلاف ومصير مؤلم للجميع. الأمر خطير جداً.. وقد تأثرت بالفعل بعض المحلات وانخفض عدد المترددين عليها.. والجمعيات الخيرية بدأت تعاني من هذه المقاطعة اللعينة.. وهذا نموذج واحد علي ما يمكن أن يؤدي إليه الخلاف والاختلاف والعناد والغطرسة في حياتنا. والبعض يعلل هذه المقاطعة أنها عقاب لملاك المحلات أو للجمعيات التي يشرف عليها بعض الشخصيات المنتسبة للإخوان ولكنها كارثة. نعم كارثة وعقاب للعاملين في هذه المحلات. ودمار داخلي وشقاق وفرقة وانقسام لا يجوز علي الاطلاق. وربما يظهر من يدعو إلي مقاطعة لمحلات أخري تنتسب للأقباط وهكذا نزرع الفتنة بأيادي مصرية. ومصر تستحق الهدوء والاستقرار والوئام والتضامن والعودة إلي العقل ومقاطعة العناد البغيض. هذه الصورة هي نموذج إلي ما قد تصل إليه الأوضاع في حياتنا في وقت نعاني فيه اقتصاديا وماليا وبطالة سافرة وبأيدي مصرية نحارب بعضنا البعض ونفعل ما يرضي أعداءنا.. ولو فكر هؤلاء الأعداء في الإضرار بنا ما كان لهم أن يفعلوا نصف أو أقل مما فعلنا بأنفسنا!! إنني أحذر من هذه الدعوات البغيضة وأحذر من كل العوامل التي تؤدي للانقسام والفرقة. فالدستور في النهاية يجب أن يحقق الطمأنينة لكل المصريين وإذا لم يوفر لهم ذلك فإن هناك بالفعل خطأ في الرؤية والطريق الذي نسلكه. يا عقلاء الوطن انتبهوا .. فالانقسام لم يعد يجري في شتائم وإهانات لبعضنا البعض في الشوارع أو علي شاشات الفضائيات ولكن ما يحدث الآن هو تكريس للفرقة بدلاً من الوحدة.. والانقسام بدلاً من التضامن والتعاون. مصر في خطر حقيقي.. وهذه الظاهرة تؤشر إلي أي طريق نسير بها خلال هذه الفترة العصيبة من حياتنا وعلي الجميع تحمل مسئولياتهم والعودة إلي طريق الصواب الذي يجمع الشمل وينهي الفرقة والانقسام وهي المسئولية التي تقع علي الجميع بلا استثناء وبالدرجة الأولي علي رئيس الجمهورية الذي يستطيع اطلاق مبادرة لجمع الشمل والحوار والاتفاق والوفاق. فلا يجوز تكريس تقسيم المجتمع المصري وهذه الدعوات دلالة فقط علي الكارثة التي ترفرف علينا بدلاً من حصاد ثمار الثورة التي لم نشعر بنتائجها الايجابية حتي الآن. كلمات لها معني: إن الفشل المؤقت هو مجرد بداية ثانية أكثر ذكاء هنري فورد