ساهم إعلان السعودية والإمارات عن تعهدات بمساندة مصر بنحو 8 مليارات دولار خلال الفترة القادمة فى بث طمأنة نسبية لدى مجتمع الأعمال الدولى تجاه الوضع المالى فى مصر خلال الفترة الانتقالية، الا أن المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية لا تزال غير واثقة تجاه استقرار الأوضاع المحلية مع مخاطر عدم التزام الدول الخليجية بتعهداتها وعدم الإعلان بعد عن شروط وآجال تلك المساعدات المالية. التمويل الخليجى جاء فى لحظة حرجة كما يظهر فى تحليل صحيفة الفاينانشال تايمز عن حزمة المساندة الخليجية، حيث تشير إلى انها تتزامن مع تراجع الاحتياطات المصرية من النقد الاجنبى فى يونيو الماضى إلى 14.9 مليار دولار ووجود التزامات ديون خارجية تجاه نادى باريس فى يوليو الحالى بمليار دولار مما يجعل مصر تقترب من الانخفاض عن مستوى الاحتياطى الأمن الذى يغطى ثلاثة اشهر كما جاء فى التقرير.
الا ان المستثمرين الأجانب سيظلون حريصين ازاء توقعاتهم بخصوص الوضع فى مصر، كما تضيف الصحيفة البريطانية، نظرا إلى التجارب السابقة لدول خليجية أعلنت عن مساعدات لمصر ولم تنفذها.
وكانت الإمارات قد اعلنت فى 2011 عن مساعدات لمصر بثلاثة مليارات دولار ولكنها لم تقدمها، ثم أعلنت عن نفس الحزمة مجددا بعد الاطاحة بمحمد مرسى من منصب الرئاسة على ان تكون المساعد فى صورة مليار دولار منحة لا ترد و2 مليار دولار فى صورة قروض، وأعلنت السعودية عن حزمة مساعدات بخمسة مليارات دولار، مليار دولار فى صورة منحة و2 مليار فى صورة قروض ومواد بترولية ب2 مليار دولار.
وبلغ إجمالى ما قدمته قطر من مساندة مالية لمصر خلال فترة تولى محمد مرسى للحكم تقريبا نفس حجم حزمة المساعدات الإماراتية السعودية بقيمة 8 مليارات دولار.
ويعزز الاعلان عن تلك المساندة المالية الثقة فى الوضع المالى بمصر خاصة مع اعلان الرئيس المؤقت عدلى منصور عن خطة المرحلة الانتقالية لمدة 6 أشهر، وتنصيب الاقتصادى حازم الببلاوى رئيسا للوزراء، والذى اعتبرته صحيفة وول ستريت جورنال «بطل الاقتصاد الحر».
«اعتقد ان المساعدات المالية التى اعلنت عنها السعودية والإمارات كافية لتحسين الاستقرار المالى والنقدى فى المديين القصير والمتوسط والتخفيف من مخاطر سداد التزامات الديون المصرية خلال الأشهر الستة القادمة»، كما تقول عاليا مبيض، كبير الاقتصاديين بالشرق الأوسط ببنك باركليز، مشيرة إلى ان حاجات مصر من التمويل الخارجى فى خلال الاثنى عشر شهرا المقبلة تقدر بنحو 20 مليار دولار وهناك فجوة تمويلية بنحو 8 مليارات دولار والتى تساوى تقريبا حجم المساعدات المالية التى تعهدت بها البلدان الخليجان لمصر وفقا لتقديرات باركليز.
وستحدد مخاطر الوضع المالى لمصر خلال الاشهر الستة القادمة اجال تلك المساعدات الخليجية كما توضح مبيض «فمن الجيد ان يكون بعضها فى صورة منح لا ترد ولكن لو كانت المساعدات الباقية فى صورة ديون قصيرة الأجل فهذا قد يمثل ضغوطا على الوضع المالى المصرى»، مشيرة إلى ان نسبة الديون الخارجية قصيرة الأجل للاحتياطات من النقد الأجنبى ارتفعت بشكل ملحوظ بعد الثورة من 8.7% فى نهاية 2010 إلى أكثر من 45% فى الوقت الحالى.
وتعتبر مبيض ان الآثار الايجابية لهذا الدعم الخليجى ستتضاعف إذا ما تزامنت مع الإعلان عن استمرار الحكومة فى إجراءات إصلاح المالية العامة لوقف تدهور العجز المالى إلى جانب تحقيق الاستقرار الأمنى الذى يضمن عودة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر للاقتصاد.