هناك أكثر من علاقة بين القرآن وبين «رمضان» ففى رمضان تنزل القرآن ووصل إلى السماء الدنيا فى «ليلة القدر الأولى» «پ پ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ» الدخان (3)، وأشار القرآن إلى الشهر الذى نزل فيه فقال «ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں..» البقرة (185). وفى رمضان من كل عام كان جبريل يلقى رسول الله فى العشر الأواخر أثناء اعتكافه فى «رمضان» يراجع معه ما تنزل من القرآن خلال المدة السابقة على رمضان، وفى «رمضان» الأخير من عمر الرسول [ راجع جبريل القرآن معه مرتين على غير العادة، حتى إن الرسول [ أحس أن تكرار المراجعة بسبب دنو الأجل، ولذلك اصطحب معه زيد بن ثابت الأنصارى أحد أكثر كتاب الوحى تفرغا، فأقام زيد خيمة بجوار خيمة الرسول [، وكان يراجع ما تم مراجعته مرة ثالثة مع زيد بن ثابت ومعه الصحف والأكتاف التى كُتب فيها المصحف.
-2-
فالقرآن فى جميع الزمان والمكان له قدر كبير من التأثير فى النفس، وقدر أكبر من الثواب، إلا أن «القرآن فى رمضان» له طعم ورائحة مميزان فإنه غذاء للروح يعوض ما فات الجسد من طعام وشراب، ففى رمضان يعيش المسلم بهدوء نفسى ويقين ورضا، وهذا الأثر العظيم يشمل كل من يتعامل مع القرآن قارئا أو سامعا، أو كاتبا، أو عاملا بما فيه، فها هو القرآن يفتح باب القراءة ( ڦ ڦ ڦ ڦ ڄڄ..) المزمل (20) ويفتح باب السماع (ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ) الأعراف (204)
ولا ننسى أن الجن قد استمع إلى القرآن فآمن بالله ورسوله وحكى القرآن هذا الخبر فى سورة الجن (ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ڀ) الجن (1) فهل يكون الجن أكثر يقظة من الإنس، وأكثر فهما من المؤمنين؟!
-3-
والجالس مع القرآن قارئا أو سامعا أو مستفهما أو متعلما.. إلخ، ينبغى أن يهيئ نفسه بين أحد شعورين لا ثالث لهما، فإما أن يتصور أن الله جل جلاله يقرأ وهو يسمع، أو يتصور أنه يقرأ والله عز وجل يسمعه، فوجودك مع القرآن هو وجودك مع الله، فاحرص أن تجلس مع الله أكثر من مرة طوال اليوم والليلة ولو كان الوقت قليلا.
وآداب مجالسة القرآن تبدأ قبل الالتقاء مع القرآن، فأنا أحس كما تعلمت من الشيوخ أن القرآن هو يمين الله أو يد الله فيجب التطهر والتنزه والتطيب قبل اقتراب اليد من المصحف، فها أنت فى أرفع مستوى مع الرحيم الحليم، ومع ملامسة المصحف والنظر فيه يبدأ حمد الله وشكره على إنزال هذا القرآن «مجانا» و«سهلا وميسورا». كذلك عزيمة التوكل على الله والاستعانة أن يساعدنا على التدبر والفهم، وأن ننوى الاستمساك بكل ما نفهمه من القرآن، ثم تبدأ بالاستعاذة من الشيطان «ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ» النحل (98) وتثنى بالتسمية «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ»، أما «أثناء القراءة» فواجبك الاهتمام والالتفات لكل معنى من المعانى، وليكن معك دليل لمعانى كلمات القرآن لمعرفة ما يصادفك من ألفاظ لم تتعود على استعمالها. واجتهد ألا تقطع القراءة لأى سبب، فإذا قابلت آية رحمة فادع الله بها، أما آية العذاب فاستعذ بالله منها، وآيات الشكر والمغفرة تجاوب معها شاكرا ومستغفرا، ولا تجعل جلستك مع القرآن طويلة حتى لا تمل ((..ڈ ژ ژ ڑڑ..)) المزمل (20)
فإذا فرغت فاختم بالدعاء أن تتقبل تلاوتك، وأن تتذكر ما قرأت، وأن يعينك الله عز وجل على حفظه وأن ييسر عودتك للقرآن مرة أخرى، فقد علمنا الرسول [ «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ».