بمجرد وصول أخبار عن عزم الجيش المصرى التدخل فى حالة الاحتقان السياسى غير المقبولة التى وصلت إليها القوى السياسية المصرية قبل يوم 30 يونيو ومع وجود ملايين المصريين من المعارضين والمؤيدين للرئيس المصرى محمد مرسى فى شوارع مصر، إضافة لظهور إرهاصات بخروج الوضع الأمنى عن السيطرة، شكلت الادارة الأمريكية «فريق عمل Egypt's Task Force لتقدم مقترحات حول ما يجب أن تتبعه الادارة الأمريكية فى هذه الظروف. وحضر للبيت الأبيض (مكاتب مجلس الأمن القومى تحديدا) عدد من خبراء الشأن المصرى للاستعانة بآرائهم للوقوف على مستجدات الاحداث. كما هرع للبيت الأبيض وزراء الدفاع وفريق كبير من وزارة الخارجية وكبار قادة البنتاجون وممثلى أجهزة الاستخبارات المختلفة.
وبعد عقد اجتماعات على مدار الساعة وامتدادها ليوم 1 يوليو، وبعد بيان وزارة الدفاع المصرية الذى بث يوم الاثنين ومنح القوى السياسية 24 ساعة للتوصل لاتفاق. اتفق الحاضرون على أن الوصول لاتفاق بين الرئاسة المصرية والقوى السياسية المعارضة لها يمكن معه الخروج من الأزمة بما يوقف التظاهرات أصبح شيئا من الخيال خاصة بعد خطاب الرئيس مرسى والذى أعلن فيه تمسكه بشرعيته الانتخابية كرئيس لمصر لفترة أربع سنوات. ولم يعد هناك بديل للجيش إلا التدخل.
وتبلور الموقف الأمريكى واضعا فى الاعتبار عدة عوامل:
1 أن حدوث انقلاب عسكرى يعنى تلقائيا وبمقتضى قانون أقره الكونجرس الأمريكى عام 1961 وقف كل المساعدات لمصر، ولأى دولة يتدخل فيها الجيش بالانقلاب على رئيس مدنى منتخب.
2 ضرورة عدم انفراد القوات المسلحة بإدارة المرحلة الانتقالية ووجود وجوه سياسية مدنية لها شعبية ومصداقية.
3 عدم اتباع أى أساليب قمعية مع كبار قادة الاخوان المسلمين وغيرهم من القوى السياسية الإسلامية.
من هنا جاءت مكالمات تليفونية كثيرة وطويلة بين مسئولى البنتاجون ووزارة الدفاع المصرية هدفت للتأكيد على عدم استخدام العنف، وعدم الرغبة فى وقوع «انقلاب عسكرى».
وتحدث وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل مرتين مع نظيره المصرى عبد الفتاح السيسى آخرهما صباح يوم الأربعاء وقبل ساعات من إعلان البيان ولم يكشف المتحدث باسم البنتاجون جورج ليتل لوكالة رويترز عن تفاصيل ما دار فى المكالمات، وذكر «أعتقد أنكم يمكن أن تفهموا حساسيات الوضع الآن».
وقبل خروج الفريق السيسى ببيانه والذى قابل التوقعات الأمريكية قالت وزارة الخارجية الأمريكية خلال المؤتمر الصحفى يوم الأربعاء إن واشنطن «قلقة للغاية» بشأن الوضع فى مصر، موضحة أن المقترحات الواردة فى خطاب مرسى «غير كافية» لحل الأزمة، وأن الموقف لايزال مائعا ولا يمكن تأكيد حدوث انقلاب عسكرى.
وطالبت جين ساكى، المتحدثة باسم الوزارة، خلال مؤتمر صحفى لها، كل الأطراف فى مصر بالتحدث مع بعضها وخفض مستوى العنف، حقنًا للدماء وتداركا للأزمة، وأضافت أن مرسى يجب ان يفعل المزيد للاستجابة لبواعث قلق الشعب المصرى، مشيرة عدة مرات إلى أنه لا يمكن تأكيد أن ما يحدث انقلاب عسكرى.
وبعد بيان السيسى والذى تضمن ازاحة الرئيس محمد مرسى، ووضع خطوط عامة للمرحلة الانتقالية خرج الرئيس أوباما ببيان غير متلفز (على العكس مما جرى عند تنحى مبارك) قال فيه «إذا اعتبرنا أن تحرك الجيش انقلابا، فإن الولاياتالمتحدة ستكون ملزمة بقطع المساعدات العسكرية عن مصر». واضاف «أن الأجهزة الأمريكية المعنية، تعكف حاليا على تقييم أبعاد الخطوة التى اتخذها الجيش المصرى ومدى تأثيرها على المساعدات الأمريكية».
ولم يصل أوباما إلى حد توجيه إدانة صريحة لتدخل الجيش، الذى جاء وسط قلق متزايد بين المسئولين الأمريكيين بشأن قيادة مرسى، وقال أوباما «تراقب الولاياتالمتحدة الوضع الذى لم تتحدد معالمه بعد فى مصر، ونعتقد أنه فى نهاية المطاف فإن مستقبل مصر يمكن فقط أن يقرره الشعب المصرى، بالرغم من هذا نحن نشعر بقلق عميق لقرار القوات المسلحة المصرية عزل الرئيس مرسى وتعليق الدستور المصرى».
وقبل ظهور تقارير تفيد احتجاز الجيش للرئيس مرسى، وإصدار أوامر لاعتقال 300 من أعضاء حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، حث أوباما، الجيش المصرى على تفادى «أى اعتقالات تعسفية للرئيس مرسى وأنصاره.