توتر نووي.. محللون يحذرون من تداعيات صدام الهند وباكستان على العالم    بتغريدة وقائمة، كيف احتفى رونالدو باستدعاء نجله لمنتخب البرتغال (صور)    استشهاد 25 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 7-5-2025 مع بداية التعاملات    مواعيد اهم مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    يشبه قانون التصالح في مخالفات البناء.. برلماني يقدم مقترحًا لحل أزمة الإيجار القديم    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    تحرير 71 محضرا للمتقاعسين عن سداد واستكمال إجراءات التقنين بالوادي الجديد    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    مشاهد توثق اللحظات الأولى لقصف الهند منشآت عسكرية باكستانية في كشمير    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع ببداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد نهاية عام علي حكم «مرسى».. كشف حساب ختامي لعلاقات القاهرة وواشنطن
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 06 - 2013

منذ سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك، تغيرت المواقف الأمريكية من عدم ممانعة مشاركة الإخوان المسلمين فى الحياة الساسية فى مصر، وصولا لعدم حكمهم، وبينهما تعددت «الملاحظات»، على أداء الحكومة المصرية التى يقودها الرئيس محمد مرسى، الذى يكمل عامه الأول فى السلطة أواخر الشهر الجارى.


المواقف الأولى

ظهرت أولى المواقف الأمريكية من الإخوان المسلمين على لسان الرئيس باراك أوباما فى 7 فبراير 2011، وذلك فى لقاء تليفزيونى مع قناة فوكس اليمينية، حيث قال «الإخوان المسلمون جماعة واحدة من عدة قوى سياسية فى مصر، ولا تدعمهم أغلبية الشعب المصرى».

لكن فى مقابل موقف أوباما ووزيرة خارجيته انذاك هيلارى كلينتون، جاءت أصوات معارضة للإخوان المسلمين من داخل الكونجرس، حيث رفضت كل من النائبة الجمهورية كاى جرانجر وزميلتها الديمقراطية نيتا لوى، وهما من كبار قيادات لجنة المخصصات المالية فى مجلس النواب منح مصر مساعدات إضافية قيمتها 2 مليار، والتى أعلن عنها الرئيس باراك أوباما لمصر فى خطابه يوم 19 مايو 2011، فى حالة وجود جماعة الإخوان كجزء من حكومة جديدة فى مصر.

كما دعا السيناتور الجمهورى من ولاية إلينوى مارك كيرك بضرورة أن تقوم واشنطن بما فى وسعها من أجل منع جماعة الإخوان المسلمين من الوصول لحكم مصر، وضرورة أن يصرح أوباما بلغة واضحة ومباشرة بأن الولايات المتحدة تعارض وصول الإخوان للحكم فى مصر.

وطبقا لجيمس فيليبس، من مؤسس هريتيج المحافظة، فقد ذكر أن «ما تأمله إدارة أوباما من مصر بعد الإطاحة بالرئيس مبارك هو التحول لديمقراطية حقيقية، إلا أن ملامح المرحلة الانتقالية تشير إلى وصول العلاقات بين البلدين لأسوأ مستوياتها منذ 1979».



الإعلان الدستورى الأخير للعسكر

مع إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا دستوريا فى 17 يونيو (قبل أقل من أسبوعين على تسليم السلطة للرئيس المنتخب (قبل الإعلان عن الفائز فى الانتخابات الرئاسية)، توترت أجواء العلاقات الأمريكية المصرية.

رأت واشنطن ان مثل هذا الإعلان يقلص من صلاحيات الرئيس المنتخب، وذكرت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية (آنذاك) فيكتوريا نولاند أن فشل المجلس العسكرى فى تسليم السلطة للسلطة المدنية المنتخبة ديمقراطيا سيدفعنا (الأمريكيين) لإجراء مراجعة للعلاقة بين البلدين.

ومن ناحيته، قال نظيرها فى البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) جورج ليتل «لدينا قلق عميق بشأن الإعلان الدستورى الجديد، من ناحية توقيته، وندعم الشعب المصرى فى توقعاته الخاصة بأن ينقل المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة كاملة لحكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا، كما سبق وأعلن المجلس الأعلى».



الفائز الشرعى

كانت هذه هى كلمة السر الأمريكية فى دعوة المجلس العسكرى للإعلان عن «الفائز الشرعي» للانتخابات، والتحذير من خطورة «فرض مرشح لم يحصل على أغلبية الأصوات»، كما ذكر ل«الشروق» مسئول أمريكى.

وشهدت أروقة الإدارة الأمريكية وجهات نظر متناقضة بخصوص ما يجب عمله تجاه تطورات الأوضاع فى مصر. ففى الوقت الذى رغبت فيه وزارة الخارجية والبيت الأبيض أن يكون الرئيس المصرى الجديد معبرا عن نتائج صناديق الاقتراع فقط، لم تتمسك فى البداية وزارة الدفاع الأمريكية بحتمية هذا الموقف.

رحبت الولايات المتحدة رسميا بنتيجة الانتخابات الرئاسية، وذكر بيان للبيت الأبيض ان واشنطن تتوقع من مرسى أن يعمل على ضمان الاستقرار «وألا ينجرف نحو المغالاة»، وأن ينفتح على كل الأطراف فى سبيل تشكيل حكومة جديدة.

كما أجرى الرئيس باراك أوباما اتصالين هاتفيين مع كل من مرسى والفريق أحمد شفيق.



آيباك: الأفعال وليس الأقوال

أصدرت منظمة آيباك، أكبر منظمات اللوبى اليهودى الأمريكية، بيانا حثت فيه إدارة أوباما على توصيل رسالة واضحة للرئيس المصرى الجديد مفادها أن «الأعمال وليس الكلمات ستكون هى معيار الحكم على الرئيس الجديد خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على السلام مع إسرائيل، ووقف الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء».

وأشار البيان إلى أن خلفية الرئيس محمد مرسى «كمؤسس مشارك للجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيونى يزيد من القلق على مستقبل التزام مصر بالسلام مع إسرائيل».



عمر عبدالرحمن.. أول الخلافات

انتقدت واشنطن الرئيس مرسى بسبب تعهده الإفراج عن الشيح عمر عبدالرحمن (كلمة مرسى فى ميدان التحرير يوم الجمعة 29 يونيو)، وتوقعت وسائل إعلام أمريكية أن يؤدى إعلان الرئيس المصرى إلى تعقيد العلاقات مع واشنطن، وتعميق الشكوك الأمريكية فى مرسى وجماعة الإخوان.



عزل المشير والانفراد بالسلطة

مع قرارات الرئيس مرسى تغيير قيادة الجيش وإلغاء الإعلان الدستورى السابق على توليه الحكم، راجت شائعات عن مباركة أمريكية لتلك القرارات، إلا أن سفيرا أمريكيا سابقا خدم فى العالم العربى أكد ل«الشروق» أن الإدارة الأمريكية علمت «بحركة التغييرات من وسائل الإعلام»، وأن الحديث عن معرفة واشنطن بها «مبالغة تفتقر للدقة».



اقتحام السفارة.. مشكلة جديدة

قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، جرى اقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة وانزال العلم الأمريكى ورفع علم تنظيم القاعدة مكانه، على خلفية الاحتجاجات على عرض فيلم أمريكى مسىء للرسول محمد على موقع يوتيوب، وذلك فى الذكرى السنوية لأحداث 11 سبتمبر، وأثناء وجود بعثة اقتصادية كبيرة تمثل كبريات الشركات الأمريكية فى مصر لتشجيع الاستثمار والبحث فى قضايا خلق الوظائف وتنمية الأعمال.

كان رد الفعل الرسمى من الرئيس مرسى توبيخ المقتحمين، بينما استمر فى التنديد بالفيلم المسىء وهو ما زاد من الاحتجاجات.

إلا أن تزامن الهجوم على السفارة فى القاهرة مع الهجوم على قنصلية الولايات المتحدة فى مدينة بنغازى، وهو ما نتج عنه مقتل أربعة أمريكيين من بينهم سفير واشنطن لدى ليبيا، كريس ستيفن، قلل من حدة رد الفعل الأمريكى تجاه ما حدث فى القاهرة.

بعد يومين من الاقتحام صدر تقرير عن الكونجرس يتوقع أن «يكون للاقتحام تبعات على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر لسنوات قادمة»، بالتزامن مع تجميد 450 مليون دولار مساعدات أمريكية لمصر.



زيارات مزعجة

منذ أولى زيارات الرئيس مرسى للخارج، انزعجت بعض دوائر صنع القرار فى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث جنحت طائرة الرئاسة بعيدا عن مناطق النفوذ الأمريكى، مثل الصين وإيران، وروسيا والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل.

وخصت الإدارة الأمريكية، زيارة الصين ومن بعدها إيران فى أول أسابيع حكم مرسى بالكثير من القلق، حيث رأى البعض أن الزيارتين تمثلان أحد أهم مظاهر التغير الذى تشهده السياسة الخارجية المصرية حاليا نحو الاستقلالية، وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية بعيدا عن الخضوع لأى هيمنة خارجية أمريكية.

وبعد أيام من تعبير الولايات المتحدة عن عدم رضائها على زيارة الرئيس مرسى للعاصمة الإيرانية طهران لحضور اجتماعات منظمة دول عدم الانحياز، رحبت واشنطن بقوة بكلمة مرسى فى اجتماع طهران، التى وصفتها بأنها إدانة «واضحة جدا وقوية جدا»، لنظام دمشق حليف إيران.

«واشنطن تقلق من إجراءات مرسى فى أزمة غزة لكنها تمدحه بسبب دوره فى التهدئة والضغط على حماس».



أزمة غزة.. أول اختبار علاقات بين مرسى وأوباما

فى 14 نوفمبر 2012، بعد اسبوع واحد من إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى، انطلق عدوان إسرائيل على قطاع غزة، بمقتل أحمد الجعبرى أحد قادة حركة حماس، وصدمت واشنطن من سرعة استدعاء القاهرة لسفيرها لدى إسرائيل، إضافة لإرسالها رئيس الوزراء هشام قنديل لغزة دون أى تنسيق أو تواصل بشأن هاتين الخطوتين مع واشنطن.

وذكر مسئول أمريكى رفيع ل«الشروق» أن «الموقف المصرى والخطوات الرمزية السريعة التى أقدمت عليها الحكومة المصرية ردا على التصعيد الإسرائيلى ضد قطاع غزة يثير تساؤلات جادة فى واشنطن حول تأثير هذه الأزمة على مستقبل علاقاتها مع مصر، وعلى مستقبل معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. العلاقات بين واشنطن والقاهرة ستخضع لمراجعة شديدة بعد انتهاء هذه الأزمة».

واعتمد أوباما على استراتيجية مزدوجة فى مواجهة الأزمة، فإدارته تدين من ناحية إطلاق الصواريخ على إسرائيل بأشد العبارات، وتطلب من مصر، فى الوقت نفسه استغلال نفوذها لدى الجانب الفلسطينى لتهدئة الوضع.

منحت أزمة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فرصة جيدة للرئيس مرسى ليفرض، إن أراد، قواعد جديدة لإدارة علاقات القاهرة بأهم دول العالم، خاصة بعدما أظهرت أزمة غزة عودة الكثير من أوراق اللعبة السياسية فى الشرق الأوسط للأيادى المصرية.

وانتهت أزمة العدوان على غزة يوم 21 نوفمبر بإعلان هدنة بين الطرفين لعب فيها الرئيس المصرى دورا مهما، ونال الرئيس مرسى ثناء أمريكيا كبيرا.. إلا أن الثناء لم يدم طويلا.



أزمة الإعلان الدستورى

انزعجت الادارة الأمريكية بشدة من قرارات الرئيس محمد مرسى التى صدرت يوم عيد الشكر الأمريكى الذى وافق الخميس 22 نوفمبر 2012. وكان لتوقيت صدور الاعلان الدستورى والذى جاء بعد يوم واحد من انتهاء أزمة العدوان الإسرائيلى على غزة، وإطراء واشنطن بالكثير من الثناء على الدور الكبير للرئيس المصرى فى أنهائها، أثرا مهما فى زيادة الغضب الامريكى.

رأت واشنطن ان إعلان الرئيس محمد مرسى منح نفسه سلطات ديكتاتورية بلا رقيب أو محاسب فى مصر الجديدة، هو عمل يستحق الإدانة القوية. وذكر بيان رسمى أمريكى «أن أحد طموحات الثورة هو ضمان عدم تركيز السلطة فى يد شخص واحد أو مؤسسة واحدة. أن الفراغ الدستورى الحالى فى مصر يمكن أن يحل فقط عن طريق إصدار دستور ينص على التوازن بين السلطات والرقابة فيما بينها ويحترم الحريات والحقوق الأساسية للأفراد ويتماشى مع التزامات مصر الدولية. أننا ندعو إلى الهدوء ونحث جميع الأطراف على العمل معا ونحث جميع المصريين على حل خلافاتهم بشأن تلك القضايا الهامة سلميا عن طريق الحوار الديمقراطى».

إلا أن أهم ما جاء فى بيان الخارجية الأمريكية كان دعوة «كل الاطراف لإدانة العنف ومنعه».

وذكر مسئول أمريكى «أنه لم يكن هناك أى إشارات على نية مرسى القيام بالخطوات التى أقدم عليها أثناء وجود وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون فى القاهرة يوم الأربعاء»، اى قبل يوم واحد من إعلان مرسى.

من ناحيتها ذكرت شبكة سى بى إس الاخبارية أن توقيت صدور القرارات المهمة من الرئيس المصرى جاءت فى وقت انغمر فيه الدعم والثناء الدولى على ما قام به من دور هام فى التوصل لاتفاقية وقف النار فى غزة بين منظمة حماس وإسرائيل بمساعدة أمريكية. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مرسى قام بهذه الخطوات بعد قضائه أسبوعا مهما يحاول انهاء أزمة غزة مما رفع اسمه فى الساحة الدولية بعد التوصل لاتفاق هدنة.



غزوات إخوانية لواشنطن

سبعة أشهر فصلت بين زيارتين لوفدين يمثلان أجنحة سياسية من الإخوان المسلمين للعاصمة الأمريكية واشنطن. جاءت الأولى فى أبريل 2012 فى صورة وفد رسمى يمثل حزب الحرية والعدالة، حزب الاغلبية فى مجلس الشعب الذى انحل بعد ذلك. والثانية جاءت فى الأسبوع الأول من ديسمبر 2012 فى صورة وفد رسمى حكومى من رئاسة الجمهورية، ويتكون من كبار مستشارى الرئيس للعلاقات الخارجية برئاسة الدكتور عصام الحداد.

خلال هذه الشهور السبعة شهدت مصر والولايات المتحدة تغييرات سياسية دراماتيكية، فقد نتج عن أول انتخابات ديمقراطية فى التاريخ المصرى فوز مرسى، المنتمى لجماعة الاخوان المسلمين، والرئيس الأسبق لحزب الحرية والعدالة، برئاسة مصر، وشهدت واشنطن إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لفترة حكم ثانية.

وخلال فترة حكم الرئيس محمد مرسى التى لم تتعد ستة أشهر، شكل حادثان مهمان نمط تطور العلاقات بين القاهرة وواشنطن.

الحدث الأول: تمثل فى الانزعاج الكبير فى واشنطن على رد الفعل الرسمى، ورد فعل الرئيس مرسى شخصيا، على حادث الاعتداء على السفارة الأمريكية بسبب الفيلم المسىء للرسول.

الحدث الثاني: العدوان الإسرائيلى على غزة والدور المصرى المهم، والتنسيق الكبير بين مرسى وأوباما، ومن قبله رد الفعل المصرى القوى على العدوان وسحب القاهرة سفيرها من تل أبيب.



تصريحات قديمة تمنع فتح صفحة جديدة

أثار عرض فيديو قديم على الإنترنت يحتوى على تصريحات للرئيس مرسى، تعود لعام 2010 حين كان قياديا فى جماعة الإخوان المسلمين غضب الدوائر السياسية الأمريكية. وتضمن الفيديو هجوما على «اليهود» والصهاينة مطالبا بإرضاع الأبناء كراهية «اليهود»، فيما وصفهم بمصاصى الدماء ومشعلى الحروب وبأنهم أحفاد القردة والخنازير.

وطالبت الإدارة الأمريكية الرئيس بالتراجع عن هذه التصريحات المعادية لإسرائيل وللصهيونية. ورغم قدم الفيديو المذكور، إلا أن عرض تقرير عنه فى الصفحة الأولى لصحيفة نيويورك تايمز يوم 14 يناير 2013 أثارت تساؤلات حول جهود مرسى لتقديم نفسه كشخص معتدل وساع للاستقرار.

أكد مسئول رفيع بالبيت الأبيض يوم الذكرى الثانية لبدء ثورة 25 يناير فى تصريحات ل«الشروق» عدم وجود زيارة للرئيس مرسى على جدول أعمال الرئيس الامريكى حتى الآن.

وكان أوباما قد أشار لغضب أمريكى تجاه سياسات الرئيس مرسى. وقال خلال خطاب حالة الاتحاد يوم 12 فبراير 2013 إن بلاده «ستقف مع المواطنين بينما يطالبون بحقوقهم العالمية وسندعم انتقالا مستقرا إلى الديمقراطية.. العملية الانتقالية ستكون مرتبكة، ولا يمكننا افتراض أن نملى نحن مسار التغير فى دول مثل مصر، لكن يمكننا وسنصر على احترام الحقوق الاساسية لجميع الناس».

وبعد نشر تصريحات الرئيس مرسى عن اليهود، يصعب تخيل قدوم الرئيس قريبا لواشنطن. كما أن تصريحات الرئيس مرسى والتى ندد فيها بالتدخل الغربى فى مالى، أزعجت كثيرا المهتمين بملفات مكافحة الارهاب فى الإدارة الأمريكية، خاصة وأنهم يرون أن مصر واستقرارها يقع بصورة مباشرة فى دائرة الخطر من تنظيم القاعدة فى شمال أفريقيا.

ليس بالسر أن واشنطن تدرك تطلع الرئيس لزيارتها لأسباب متعددة، فقد خرج بيان لمؤسسة الرئاسة فى أغسطس 2012 ليذكر أن الرئيس مرسى سيقوم بزيارة العاصمة الأمريكية واشنطن بعد انتهاء زيارته لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر، وهو ما لم يحدث. ثم خرج بيان للرئاسة ليذكر أن زيارة الرئيس مرسى ستتم خلال شهر ديسمبر 2012، وهو ما لم يحدث أيضا. ثم ذكر الرئيس مرسى نفسه لمحطة سى إن إن قيامه بزيارة واشنطن قبل انتهاء شهر مارس 2013، وهو ما لم يحدث أيضا.



لحظة تعيينات أمريكية جديدة

خلال جلسات الاستماع المتعلقة بتعيين وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل خلال الأسبوع الأخير من يناير 2013 طالب عضو مجلس الشيوخ الأمريكى جيمس إينهوف، (جمهورى أوكلاهوما) بضرورة إيجاد نظام صديق للولايات المتحدة فى مصر بدلا من نظام الرئيس مرسى «المعادي». وفاجأ السيناتور إينهوف الحاضرين بتعليق مثير إذ ذكر فيه «إننى كنت على رأس من دعوا لتأجيل صفقة الطائرات إف 16 لمصر»، وأضاف «أنا أعتقد أن محمد مرسى عدو فى حين أن الجيش المصرى صديق. ليس من الحكمة ان يتم إرسال هذه الأسلحة لمصر فهذا يفقدنا أى قدرة على التأثير. إذا أرسلناها لمصر فهذا يعنى التخلى عن قدرتنا على التأثير. أعتقد أن مرسى أبعد نفسه عن الجيش، وهذا يمثل بالنسبة لى خطوة اولى. وأريد ان اعتقد أننا يمكننا ان نعيد صديقا للحكم».

أما وزير الخارجية الجديد جون كيرى فقد كان له موقف مؤيد ومادح للجيش المصرى، فقد قال أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إن المساعدات العسكرية والاقتصادية المقدمة سنويا لمصر ومقدارها 1.55 مليار دولار هى استثمار للمستقبل.

وذكر أن المساعدات العسكرية كان لها أثر كبير على ثورة مصر، حيث سمحت بتأسيس علاقات جيدة للغاية بين الجيش المصرى والجيش الأمريكى، وهو ما ساعد بدوره على تصرف الجيش المصرى بمهنية وحكمة خلال أيام ثورة مصر. وكان للاتصالات والتفاعلات مع الجيش المصرى أثرها فى منع إراقة مزيد من الدماء.

وذكر كيرى أنه أجتمع خمس مرات مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق حسين طنطاوى الذى نفذ كل ما وعد به. وأشاد كيرى أيضا بالدور الذى قام به الجيش المصرى فى التوصل لهدنة بين تنظيم حماس وإسرائيل، كما أنه التزم دوما بمعاهدة السلام مع إسرائيل.



أزمة التمويل الأجنبى

بمجرد صدور قرارات سجن المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى بالقاهرة فى 4 يونيو، فتحت واشنطن نيران مدفعيتها الثقيلة تجاه الرئيس مرسى، ليبدأ معها فصلا جديدا شديد التوتر فى ملف العلاقات المصرية الأمريكية.

وعقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب جلسة استماع 12 يونيو بعنوان «هجوم مرسى على المنظمات الأمريكية غير الحكومية» لبحث تداعيات ونتائج الاحكام المصرية، والأثار السياسية على العلاقات الثنائية بين الدولتين وخاصة ما يتعلق منعا بالمساعدات العسكرية (1.3 مليار) وغير العسكرية (250 مليون دولار) سنويا.

ومن الجدير بالذكر أنه وخلال زيارة وزير الخارجية جون كيرى لمصر فى اول مارس الماضى كانت قضية المنظمات الأمريكية على رأس القضايا التى تحدث مع الرئيس مرسى بخصوصها. وذكر أحد مساعدى كيرى ل«الشروق» حينذاك أن «القضية المنظورة أمام القضاء المصرى وتعرف بقضية المنظمات الأمريكية، إضافة لمشروع القانون الجديد المتعلق بعمل وتمويل منظمات المجتمع المدنى فى مصر، وخاصة تلك المواد التى تتعلق بالتمويل الأجنبى للمنظمات ذات الطبيعة السياسية».

وذكر المسئول الأمريكى ل«الشروق» أن حكومة الرئيس مصر «لا تدرك حجم ولا أهمية قضية المنظمات للمشرعين الأمريكيين، ولا تدرك احتمالات تأثير تلك القضية وتداعياتها ومشروع القانون المقترح على مستقبل مساعدات واشنطن لمصر».

وعلى الرغم من تداعيات أزمة المنظمات الأمريكية أبقت ادارة أوباما على نفس مستوى المساعدات العسكرية والاقتصادية والتى تقدمها سنويا لمصر فى مشروع ميزانية عام 2014، والذى تحصل مصر بمقتضاه على 1.55 مليار دولار سنويا.

وعلى الرغم من انخفاض قيمة ميزانية المساعدات الاجنبية لوزارة الخارجية لعام 2014 بنسبة 9% عن مثيلتها عام 2012، لم تتغير قيمة المساعدات المقترحة لمصر.

«ما يقلق الأمريكيين عدم وجود معارضة ذات مصداقية وشعبية»

لخصت كلمات مسئولة أمريكية ل«الشروق» طبيعة العلاقات بين واشنطن والقاهرة تحت حكم الرئيس مرسى فى الكلمات التالية «إدارة الرئيس أوباما لا تضع تصرفات الرئيس مرسى، فى سلة واحدة. تمتدح واشنطن الرئيس عندما يقوم بجهود تثنى هى عليها كما حدث أثناء عدوان غزة، وتنتقد نفس الرئيس عندما حاول الاستئثار بالسلطة عن طريق إصدار الإعلان الدستورى فى نوفمبر الماضى. إلا أن العلاقات الاستراتيجية لا يوجد ما يهددها بعد. ما يقلق واشنطن بخصوص الداخل المصرى يتمثل فى عدم وجود معارضة ذات مصداقية وشعبية تقدر على توازن نجاح القوى الإسلامية فى أى انتخابات تشهدها مصر».



الدستور.. أزمة تتواصل

وفيما يتعلق بالدستور المصرى الجديد، فقد شهدت أروقة الإدارة الأمريكية وجهات نظر متناقضة بخصوص ما يجب عمله تجاه تطورات عملية الاستفتاء على دستور مصر. إلا أنها تفهمت أيضا صعوبة انتقاد عملية إجراء استفتاء شعبى حر على دستور جديد، وتفهمت صعوبة انتقاد نتائجه النهائية.

وبعد ساعات من الاعلان الرسمى عن نتائج الاستفتاء على الدستور يوم 25 ديسمبر 2012 الذى تم إقراره بموافقة نحو 64 % واعتراض 36 % ممن أدلو بأصواتهم، أصدرت وزارة الخارجية بيانا رسميا حثت فيه كل الاطراف فى مصر على تعزيز الحوار الوطنى بين القوى السياسية المختلفة.


وذكر البيان «أن مستقبل مصر لا يجب أن يعتمد على قدرة جانب واحد أن يسود على الآخر، ولكنه يعتمد على التزام الجميع بالمشاركة فى عملية شاملة للتفاوض بشأن خلافاتهم على الدستور وعلى القوانين المنفذة له وإيجاد مسار أكثر اتحادا للتقدم إلى الأمام».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.